الغموض يكتنف مستقبل اليونان بين الإفلاس وتلبية مطالب الدائنين

  • 6/29/2015
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

ساد الغموض اليونان أمس، عقب أن وافق البرلمان على خطة رئيس الوزراء أليكسيس تسيبراس، إجراء استفتاء على خطة شروط الإنقاذ التي قدمتها الجهات المانحة، ما جعل البلاد منقسمة بشأن قضية التكلفة التي ستتحملها البلاد في حال بقائها في كتلة اليورو. وصوت البرلمان المؤلف من 300 مقعد بواقع 178 صوتا لمصلحة إجراء الاستفتاء مقابل رفض 120، مع امتناع نائبين عن التصويت. يأتي هذا القرار بعدما رفض وزراء مالية منطقة اليورو، طلب أثينا تمديد حزمة إنقاذها حتى تموز (يوليو) المقبل. ومن المقرر أن يجري البنك المركزي الأوروبي -أحد الجهات المانحة لليونان بجانب صندوق النقد الدولي والمفوضية الأوروبية-مباحثات بشأن الاستمرار في تقديم مساعدات مالية للمصارف اليونانية الثلاثاء المقبل. وبذلك تعد اليونان مهددة فعلا بحركة تهافت على سحب الأموال من المصارف، وبدا القلق ينتشر في البلاد وتشكلت طوابير انتظار منذ السبت أمام أجهزة الصرف الآلي وتسارعت وتيرة سحب الأموال. واذا استمرت هذه الحركة فإن خزائن المصارف ستفرغ في وقت قصير جدا، وفي حال انقطع تمويل البنك المركزي الأوروبي، فإن التمويل سينقطع عن الاقتصاد اليوناني برمته وعن الدولة التي كانت تستمد تمويلها من المصارف اليونانية حصرا، عبر شراء سنداتها القصيرة الأمد التي لم تكن أي جهة أخرى ترغب في شرائها. وكان وزراء مالية الدول الثماني عشرة الأخرى الأعضاء في منطقة العملة الأوروبية الموحدة، التقوا للمرة الأولى دون اليونان ورفضوا بشدة تمديد موعد انتهاء صفقة الإنقاذ إلى ما بعد الاستفتاء المقرر في الخامس من تموز (يوليو) المقبل، وفي هذا الوضع الحرج أصبحت أثينا على شفا العجز عن سداد دين مهم لصندوق النقد الدولي يوم الثلاثاء المقبل. وتعهد الوزراء الثمانية عشر ببذل كل الجهود الممكنة لضمان الاستقرار في منطقة اليورو، وقالوا "إنهم الآن في وضع أفضل لتحقيق ذلك عما كانوا عليه في ذروة أزمة العملة الموحدة قبل بضع سنوات"، وفي بيان رسمي حث الوزراء اليونان ضمنيا على وضع ضوابط على رأس المال من أجل استقرار النظام المصرفي. ورفض تمديد المهلة يضع ضغوطا هائلة على المصارف اليونانية التي تعتمد على دعم البنك المركزي لتظل قادرة على الوفاء بمهامها بينما اصطفت طوابير طويلة أمام ماكينات الصرف الآلية مع سعي المواطنين لسحب أموالهم. ورغم ذلك ظلت المصارف تعمل بشكل طبيعي. وبعد القرار اليوناني المفاجئ بالاستفتاء على اتفاق الإنقاذ طالبت أثينا بتمديد برنامج الإنقاذ الأوروبي لما بعد الثلاثاء وهو اليوم الذي يتعين على الحكومة فيه سداد 1.6 مليار دولار لصندوق النقد الدولي، وإلا اعتبرت غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها. لكن بقية الأعضاء الثمانية عشر في منطقة اليورو رفضوا الطلب اليوناني بالإجماع وقرروا تجميد أي تفاوض لليونان مع البنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي حول كيفية التعامل مع تبعات التصدع التاريخي في العملة الأوروبية التي بدأ العمل بها قبل 16 عاما. وقال وزراء مالية مجموعة اليورو في بيان حمل رفضا واضحا لفترة السماح التي طلبتها اليونان لإجراء الاستفتاء "ترتيبات المساعدة المالية للعملة مع اليونان ستنتهي في 30 حزيران (يونيو) 2015، وكذلك جميع الترتيبات ذات الصلة بالبرنامج اليوناني الحالي". ويطالب العرض المقدم من الدائنين اليونان بخفض المعاشات وزيادة الضرائب بوسائل يعترض عليها منذ وقت طويل رئيس الوزراء الحالي أليكسيس تسيبراس باعتبارها تؤدي إلى زيادة واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في التاريخ المعاصر لبلد ربع قوته العاملة عاطلون. وبين سندان المخاوف من انهيار اقتصادي وإعلان الإفلاس ومطرقة مطالب الدائنين الدوليين يشعر كثير من اليونانيين بالصدمة، رغم أن استطلاعات الرأي في الصحف تشير إلى تأييد الأغلبية لقبول شروط صفقة الإنقاذ. من جهتها، قالت كريستين لاجارد؛ مديرة صندوق النقد الدولي، "إن الاستفتاء الذي ستجريه الحكومة اليونانية في الخامس من تموز (يوليو) سيكون حول شروط إنقاذ للبلاد لم تعد قائمة نظرا لأن برنامج الإنقاذ الحالي ينتهي في 30 حزيران (يونيو)"، وفقاً لـ "رويترز". ورغم ذلك قالت لاجارد، "إنه إذا جاءت نتيجة الاستفتاء "نعم" للبقاء في منطقة اليورو وإصلاح الاقتصاد اليوناني، فإن المقرضين سيكونون على استعداد لبذل جهود"، مؤكدة أن الحكومة اليونانية لا يزال لديها وقت لتغيير المسار وقبول مقترحات منطقة اليورو. فيما قال جيروين ديسلبلوم رئيس مجموعة اليورو، "إن منطقة اليورو مستعدة للتصدي لأي آثار ضارة لأزمة الديون اليونانية". وأضاف ديسلبلوم "ناقشنا أمورا عدة من بينها التصميم القوي (داخل منطقة اليورو) والحفاظ على قوة هذا التكتل"، مضيفاً "لقد وضعت الأطر وتم بناء مؤسسات تعزز تعاوننا وتقوي وحدتنا النقدية.. نحن الآن في وضع أقوى عما كنا عليه قبل الأزمة"، مؤكداً "جميعنا عازمون على الاستخدام الكامل للأدوات المتاحة للحفاظ على تكامل واستقرار منطقة اليورو". بدوره، قال مانويل فالس رئيس الوزراء الفرنسي، "إن إبرام اتفاق المساعدات مقابل الإصلاحات مع اليونان لا يزال ممكنا"، وحث حكومة أثينا على العودة إلى طاولة المفاوضات، مضيفاً أن "الاستفتاء سيحدد مصير البلاد في منطقة اليورو"، بحسب ما نقلت "الفرنسية". وتابع "أصبح البقاء في منطقة اليورو أو الخروج منها على المحك.. وإذا جاء التصويت سلبيا.. فهناك مخاطر حقيقية.. في خروج (اليونان) من منطقة اليورو"، فيما دعا الحكومة اليونانية إلى العودة إلى طاولة المفاوضات، متابعاً "لا أستطيع تقبل فكرة خروج اليونان من منطقة اليورو... يجب أن نجد حلا". وأضاف، أن "البنك المركزي الأوروبي يجب ألا يوقف دعمه للمصارف اليونانية حتى إذا تخلفت أثينا عن الموعد المقرر في 30 حزيران (يونيو) لسداد أقساط ديون لا تستطيع الوفاء بها". فيما أكد وزير المالية الفرنسي ميشيل سابين أن باريس على الأقل لا تزال مستعدة للتفاوض، وقال "هناك 18 بلدا في المجموعة غير اليونان وكلها قالت إن اليونان جزء من منطقة اليورو وينبغي أن تظل جزءا من منطقة اليورو مهما كانت الصعوبات الحالية". من ناحيته، قال هانز يورج شيلينج وزير المالية النمساوي، "إن خروج اليونان من منطقة اليورو يبدو أمرا شبه حتمي الآن، وسيحدث ذلك فقط إذا طلبت أثينا أولا الخروج من الاتحاد الأوروبي ووافقت الدول الأخرى على طلبها". وأضاف، "التداعيات بالنسبة لمنطقة اليورو لن تكون سيئة بقدر ما سيصيب اليونان. من الواضح أن دولة واحدة لا تستطيع تحت أي ظرف ابتزاز المفوضية الأوروبية ودول منطقة اليورو".

مشاركة :