أطلقت مؤسسة دبي للمستقبل تقرير «الحياة بعد كوفيد-19: مستقبل التعليم»، الذي يركز على نتائج توجّه العالم نحو مفهوم «التعلم عن بعد» باستخدام التكنولوجيا الحديثة، والحلول التعليمية التي اتجهت إليها الدولة في المدارس والجامعات، في إجراء استباقي للحد من تفشي فيروس «كوفيد-19» والحد من آثاره. وبين التقرير أن الرسوم المستحقة للمدارس ومطوري البرامج ومقدمي المناهج الدراسية عبر الإنترنت، ستتغير كثيراً، خصوصاً في النظم التعليمية التي تدفع فيها الأسر الرسوم المدرسية، إذ تحتاج المدارس إلى مساحة أقل حين تستخدم أفواج الطلاب مرافق المدرسة بنظام التناوب. كما أن زيادة الاعتماد على أنظمة التعلم خارج الفصول الدراسية ستسهم في تعزيز مشاركة الطلاب وأسرهم في تصميم أدوات التعلم ومناهج التدريس، وستستفيد الشركات الناشئة في مجال تقنيات التعليم، نتيجةً لتوجه أعداد كبيرة من الطلاب إلى التعلم عبر الإنترنت. وتقرير «التعليم عن بُعد» هو الثاني ضمن سلسلة تقارير استباقية متخصصة تطلقها المؤسسة من واقع المرحلة الحالية، تهدف إلى تسليط الضوء على أهم وأبرز التغيرات والمشاهد المستقبلية المحتملة، في دبي والإمارات والعالم، بعد انتهاء أزمة تفشي فيروس كورونا المستجد، وتقدم فيها تحليلًا للوضع الحالي وتقييماً للفرص المستقبلية، وتحدد خلالها التأثيرات المتوقعة على المديين القصير والطويل في عدد من القطاعات الحيوية بالدولة. ويسلط التقرير الضوء على قطاع التعليم، الذي يعد من أول القطاعات التي تأثرت بالجائحة الصحية الحالية، وتطلبت اتخاذ إجراءات سريعة، إذ أفادت منظمة «اليونسكو» بأن 776.7 مليون طالب تأثروا بإغلاق المدارس، حتى 16 مارس الماضي، ما اضطر المؤسسات التعليمية إلى توفير منصات التعلم عن بعد للطلاب من أجل متابعة العملية التعليمية. ومع أن بعض الطلاب قد لا يمانعون في «الاستراحة» قليلاً من التعليم على المدى القصير، إلا أن كثيراً من الطلاب يريدون مواصلة دراستهم عبر الإنترنت، حتى لا يتباطأ تقدمهم الدراسي، ولهذا طبق العديد من دول العالم إجراءات تسهل هذه العملية الانتقالية على الطلاب وأسرهم. وتمثل المرحلة الحالية، التي يمرّ بها العالم، فرصة لتسخير الخبرات في تطوير منصات للتعلم عن بعد على المدى الطويل، ورجّح التقرير أن تصبح أنظمة التعليم عن بعد أكثر تخصيصاً في المستقبل، وأن تركز على الاحتياجات والاهتمامات المحددة لكل طالب. وأعلنت منظمة «اليونسكو»، عبر موقعها الإلكتروني، عن مجموعة من الحلول التعليمية والمنصات التي تساعد الآباء والمعلمين والمدارس على تعليم الطلاب عن بعد وتوفير الرعاية الاجتماعية والتفاعل خلال فترة إغلاق المدارس. ومنحت منصات عالمية أخرى، مثل «كورسيرا»، الجامعات في الدول المتأثرة بالجائحة إمكانية استخدام محتوياتها مجاناً. وكانت الإمارات سبّاقة في اتخاذ إجراءات سريعة لمنع تفشي «كوفيد-19»، فعلى مستوى قطاع التعليم علقت الدولة الدراسة في المدارس والجامعات لمنع تجمعات الطلاب، ونظمت برنامجاً لتعقيم المدارس والجامعات ووسائل نقل الطلاب، وأعلنت عن بدء مرحلة التعلم عن بعد للطلاب بعد انتهاء إجازة الربيع لمتابعة العام الدراسي. وأطلقت هيئة المعرفة والتنمية البشرية منصة «دبي صف واحد»، لتكون مصدراً يدعم مجتمع التعليم في الحصول على أقصى فائدة من التعليم عبر الإنترنت والتعلم عن بعد. ومازالت تجربة التعليم عن بعد مستمرة على مستوى الدولة. ويعود استخدام التكنولوجيا في التعليم إلى أكثر من عقدين، وتواصل سوق تقنيات التعليم نموها، ويتوقع أن يصل حجمها العالمي إلى 341 مليار دولار بحلول عام 2025. وتتوافر حالياً مجموعة من المنصات الممتازة للتعليم الذاتي والدراسة عن بعد عبر الإنترنت، مثل خان أكاديمي https://www.khanacademy.org، وإدراك https://www.edraak.org، ومنصة «مدرسة» https://madrasa.org، التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، لتوفر 5000 درس تعليمي بالفيديو في الرياضيات والفيزياء والكيمياء والأحياء وغيرها، وهي متاحة مجاناً لأكثر من 50 مليون طالب عربي. ويشير التقرير إلى أن مدارس ونظم تعليمية تقليدية الكثيرة لم تكن تأخذ منصات التعليم الإلكتروني بجدية كافية لتستخدمها في العملية التعليمية، وربما تشكل أزمة «كوفيد-19» فرصة لها لإثبات فائدتها وجودتها، وتغيير هذا الواقع، فيما بادرت الإمارات بالتخطيط لمواكبة التغييرات المتوقعة في مجال التعليم. ويتوقع أن يصل حجم سوق تقنيات التعليم في الإمارات إلى 40 مليار دولار (نحو 146 مليار درهم) بحلول عام 2022، إلا أن تفشي الفيروس سرّع من تحرك الجهات المسؤولة لاتخاذ العديد من الخطوات السريعة، بعدما علقت مؤسسات التعليم العالي جميع الأنشطة التعليمية في حرمها، ولجأت إلى التعلم عن بعد بهدف حماية طلابها من خطر الإصابة بالفيروس. وأشار التقرير إلى أن تغييرات كهذه كانت ستستغرق أعواماً من التخطيط في الظروف العادية، وتتطلب وضع نماذج أولية واتخاذ خطوات أخرى قبل تطبيق تلك الخطط، إلا أن سرعة تفشي الفيروس وضرورة التباعد الجسدي والعزل المنزلي، حفزت الهيئات المسؤولة للبحث عن طرائق مبتكرة لضمان سلاسة الانتقال إلى التعلم من المنزل خلال أيام معدودة، لبدء التعليم المدرسي مع محاولة الحفاظ على الروتين الطبيعي للطلاب. لوائح تنظيمية توقع التقرير مسارعة الحكومات حول العالم إلى إقرار لوائح تنظيمية ومنصات جديدة لاستيعاب الطلب المرتفع على التعلم عن بُعد، وبدء الهيئات التنظيمية في قطاع التعليم إجراء تغييرات تحولية عدة في التعليم التقليدي، عبر تطوير حلول مبتكرة تشمل تدريب الآباء على التدريس، لتغيير الأنظمة بصورة استباقية، بدلاً من الاستجابة للظروف غير المتوقعة. كما توقع التقرير انطلاق حوار عالمي أوسع انتشاراً للاعتراف بجدارة منصات التعليم عبر الإنترنت، والمؤهلات والمهارات التي يتعلمها الطلاب بالاعتماد عليها.ShareطباعةفيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App
مشاركة :