لَوَحاتٍ فنيَّةٌ في غاية الجمال للفنانة خديجة الزين من المملكة العربيّة السعودية أطلقتُ عليها عنواناً : موانئ السفر أول ما شدّ انتباهي وأنا أتمعّن في هذه اللوحات هو هذا التنوّع الفريد في اللون وبعض المواضيع لكن هناك دائما خيط رفيع يشدّ اللوحات إلى بعضها البعض وكانّها سلسلة سفر لا ينقطع وطويل المدى… هكذا كان انطباعي الأوّل الذي يؤشرّ على قدرة الرسامة في الرقص برشاقة بضربات فرشاتها السريعة أحيانا والعميقة أحيانا أخرى الخيال الشاسع لدى الرسامة جعل من أعمالها أروقة وطرق تخرج بنا إلى الساحات الشاسعة فنكتشف هذه المرونة التلقائيّة بلمسات وتركيبات متماثلة نستنتج الكم الهائل من الألوان التي تميل الى الترابي المتوهج والأحمر الأرجواني.. فالفنانة التشكيلية خديجة الزين تختزن إمكانيات فنية شاسعة تؤهلها للإنتشارعلى الساحة العربية بما تمتلكه من خبرة متفردة فهي مشرفة تربية فنية بمكتب صبيا بالمملكة العربية السعودية، مدربة معتمدة ، ورائدة الفنتازيا التكوينية اللونية… لذلك لها مرونة عجيبة في خلق وابتكار ألوانٍ جديدة بالإضافة الى محتوى اللوحات التي يكتنفها الغموض بتفاصيل دقيقة صغيرة وشديدة الحرفية.. وتعزيزها بإيحاءات وغاية في الروعة. وإن كانت مواضيع هذه اللوحات تبتعد عن الواقع في انطباعنا الأوّل فإني أراها في خضمّ الواقع لو تمعّنا بعمق فيها.. ففي لوحة من هذه اللوحات، هناك نظرة خوف أو رعب من شيء ما، جعل الشخوص مختبئة خلف ذلك الجدار المتداعي للسقوط ، تتمثّل الشخصيّتان في طفل ورجل ربما يكون والده أو قريبه لكن ما لاحظته أن الطفل أكثر شجاعة من الشخصيّة الثانية لانّه في مقدمة الفتحة الجدارية وكأنّ دمعة تكاد تنسكب من عينيه المذعورة تماما – نظرة خوف أو جوع والأغلب هي نظرة جزع شديد… بينما الأب خلفه بنفس العينين المرتعبتين.. نجحت الفنانة خديجة الزين وهي كما ذكرنا، أصيلة مدينة صبيا بالسعودية، في جعل اللوحة ناطقة حتّى وكأنّ الخوف انتقل تلقائيا إلى المُشاهد فشَعُرَ بتلك القشعريرة وتلك الحيرة بألوان شديدة القتامة تترجم النظرات المرتعبة والإختباء الخائف خلف الجدار… في بقية اللوحات هناك الألوان المتناسقة بطريقة ابداعية شديدة الذكاء في مواضيع متقاربة يظهرها كانّها متّصلة بعالم واحد من عوالم خيالية لا ننتمي إليها فهناك شخوص بشرية متمثلة في أجزاء من الجسد ووجوه متخفية بين الخطوط الكثيرة والمنعرجات وحتى المتاهات التي لا يمكن الخروج منها بسهولة زادتها عناصر التلوين جاذبيّة وحياة صارخة نابضة بمعطياتها ومنعرجاتها التي تصبّ في نفس الاتجاه : الجمالية. إن لوحات الفنانة الأستاذة خديجة الزين، انجازات إبداعية يفتخر بها عالم الفن التشكيلي وكأنه مدرسة خاصة وحدهُ، ففاضت امواجها لتزيّن هذا العالم وتضفي على عتماته رونقا وسلاما…
مشاركة :