أعلنت الحكومة العراقية عن إحالتها مشروع قانون العفو العام المثير للجدل إلى البرلمان لغرض تشريعه. وقال بيان مقتضب لمجلس الوزراء، إن الأخير «عقد جلسته الاعتيادية برئاسة رئيس الوزراء حيدر العبادي وقرر الموافقة بالأغلبية على مسودة قانون العفو العام وأحاله إلى البرلمان لغرض إقراره». ADVERTISING وفيما يعد هذا القانون أحد أهم بنود البرنامج السياسي الذي تم الاتفاق عليه بين الكتل السياسية لتشكيل الحكومة العراقية في سبتمبر (أيلول) عام 2014 فإن الحكومة العراقية كانت قد أرسلت قبل شهور إلى البرلمان قانون الحرس الوطني لغرض إقراره، لكنه لا يزال معطلا بسبب استمرار الخلافات بين الكتل السياسية. ولا يعد التصويت من قبل الحكومة على مشروع أي قانون ملزما للبرلمان فإنه وفي ظل استمرار الخلافات السياسية يعد من وجهة نظر بعض القوى السياسية محاولة التفاف على ما تم الاتفاق عليه والتوافق بشأنه. وفي هذا السياق يقول عضو البرلمان العراقي عن تحالف القوى العراقية رعد الدهلكي في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «هناك وجهات نظر مختلفة من قبل الكتل السياسية لقانون العفو العام على الرغم من أهميته البالغة للسلم الأهلي». وأضاف أن «المشكلة هي أن الحكومة تحيل مشاريع القوانين إلى البرلمان إما على علاتها أو قد تكون ملغومة في كثير من الأحيان، والأهم أنها تريد من البرلمان أن يتولى عملية فحصها وتدقيقها، وبالتالي فإن مصادقة مجلس الوزراء قد لا تعني قناعة المجلس بهذا القانون أو ذاك وهو يعكس نصف الحقيقة، حيث إن سياسة الحكومة السابقة كانت تلجأ إلى أسلوب مماثل يتمثل بإلقاء الكرة في ملعب البرلمان الذي تحول إلى مقبرة للكثير من مشاريع القوانين التي لم تشرع منذ سنوات». وأوضح الدهلكي، أن «رؤيتنا كتحالف قوى عراقية تقوم على أساس أن إقرار قانون العفو العام يعد فتح صفحة جديدة للعيش السلمي المتوازن في العراق، وخصوصا أن هناك اعترافات رسمية بأن هناك الكثير من المظلومين في السجون». وأشار إلى أن «تقارير منظمات المجتمع المدني واعتراف وزارة الداخلية بأن هناك الكثير من المظلومين في السجون ومن اعتقل من دون ذنب، لذلك نحن بحاجة إلى إقرار العفو العام لإعطاء فرصة جديدة للعيش السلمي والمجتمعي في العراق». وبشأن فرص إقرار القانون في ضوء الخلافات السياسية قال الدهلكي، إن «القانون يواجه الكثير من الصعوبات، لكن في النهاية سيتم إقراره». وتأتي إحالة قانون العفو العام إلى البرلمان في وقت صعد فيه ائتلاف دولة القانون بزعامة نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي موقفه ضد الرئيس فؤاد معصوم لجهة امتناعه عن المصادقة على أحكام الإعدام. وقال عضو البرلمان العراقي عن دولة القانون ووكيل وزارة الداخلية الأقدم السابق عدنان الأسدي في بيان له أمس إنه «يوجد أكثر من 7000 إرهابيا صادرا بحقهم قرار الحكم بالإعدام إلا أن رئيس الجمهورية فؤاد معصوم يمتنع عن المصادقة على قرار إعدامهم». وأضاف الأسدي، أن «وجود هذا الكم الهائل من الزمر الإرهابية، داخل السجون من دون تنفيذ الأحكام بحقهم يقوي من جريمتهم الإرهابية في تنفيذ عملياتهم الإجرامية في البلاد»، معربا عن استغرابه «تجاه امتناع رئيس الجمهورية بحق من قتل أبناء شعبنا»، مؤكدا أن «هذا الأمر من شأنه أن يضعف من موقف القضاء العراقي». وفي السياق نفسه، طلب رئيس كتلة حزب الدعوة في البرلمان العراقي خلف عبد الصمد من رئيس الجمهورية تخويل نائبه نوري المالكي بالمصادقة على قرارات الإعدام لتنفيذها». وقال عبد الصمد في تصريح صحافي، إن «كانت عملية المصادقة صعبة إلى هذا الحد، فإن عدم المصادقة على هذه الأحكام يعد مخالفة للدستور لا يمكن السكوت عنها أبدًا»، لافتًا إلى أن «القرارات التي تصدرها السلطة القضائية من دون المصادقة عليها من قبل رئيس الجمهورية هو بحد ذاته خيبة أمل للشعب العراقي تجاه رئيسه الذي اقسم على صون وحدة البلد ودستوره». لكن المتحدث باسم رئاسة الجمهورية خالد شواني نفى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «يكون لدى رئاسة الجمهورية هذا العدد الكبير من ملفات الإعدام». وأضاف شواني، أن «هذا التصريح غير صحيح ومناف للحقيقة ونستغرب صدور مثل هذه التصريحات من بعض السياسيين»، مؤكدا أن «مجموع ما هو موجود من ملفات بهذا الشأن لدى الرئاسة ومنذ عام 2006 وإلى اليوم لا تتعدى الـ600 ملف من بينها 160 ملفا لأناس محكومين بالإرهاب وما عداهم تهم جنائية عادية». وأوضح أن «الرئيس غير ممتنع، وأنه بصدد المصادقة على أحكام إعدام بعد استكمالها من قبل اللجنة التحقيقية، أما في ما يتعلق بالأحكام الجنائية فإنها كثيرا ما تشمل بالعفو الخاص حين يحصل الصلح والتنازل». وشدد شواني على أن «أحكام الإعدام تشمل جميع مكونات المجتمع العراقي ولا تقتصر على مكون دون آخر، وإن الرئيس يقف على مسافة واحدة من الجميع».
مشاركة :