غموض قانون العفو العام يدفع البرلمان العراقي لإعادة صياغته

  • 8/8/2024
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

بغداد – يشرع البرلمان العراقي خلال الفترة المقبلة في إعادة صياغة مشروع قانون العفو العام، بعد أن أثارت القراءة الأولى للقانون مطلع الأسبوع، المخاوف من شموله "فاسدين" و"متهمين بالإرهاب" بسبب تفاصيله المبهمة وغير الواضحة بالنسبة إلى العديد من النواب. والأحد الماضي، دخل قانون العفو العام جدول أعمال البرلمان العراقي، وخضع للقراءة الأولى بعد تأجيل عرضه لأكثر من مرة بسبب وجود اعتراضات عليه من قبل كتل برلمانية ضمن الإطار التنسيقي. وأكد عضو اللجنة القانونية النيابية رائد المالكي، أن مشروع قانون العفو العام، ستتم إعادة صياغته من جديد داخل اللجنة، حسب ما يتفق عليه حول الجرائم المشمولة والمستثناة، مبينا أن مشروع القانون الحالي اقتصر فقط على الجرائم الإرهابية. وأوضح المالكي في تصريح لموقع "شفق نيوز" أن "مسودة قانون العفو العام التي وصلت إلى مجلس النواب تحتاج إلى الكثير من التعديلات على اعتبار ان الصيغة التي وصلت لا تحتوي عموما على مختلف الجرائم، إنما مختصة فقط بمعاجلة الانتماء للتنظيمات الإرهابية". ولفت إلى أن "اللجنة القانونية النيابية ستقوم بإعادة صياغة مشروع قانون العفو العام بشكل جديد حسب ما يتم الاتفاق عليه بشأن الجرائم التي يتم شمولها، والجرائم التي تستثنى من القانون". وبين المالكي أن "مجلس النواب غير مستعجل بالمضي بالقراءة الثانية لقانون العفو العام، وأن القانون يحتاج إلى التعديلات كثيرة من أجل أن يكون جاهزاً للقراءة الثانية ومن ثم إقراره في البرلمان". وبحسب الدائرة الإعلامية بمجلس النواب، فإنّ مشروع القانون المقدم من اللجان القانونية، والأمن والدفاع، وحقوق الإنسان، تمت قراءته للمرة الأولى بجلسة الأحد، وبحضور 177 نائباً، ويهدف لتحديد المقصود بجريمة "الانتماء للتنظيمات الإرهابية" بناء على ما جاء في المنهاج الوزاري الذي أقره مجلس النواب. ومنذ تشكيل حكومة محمد شياع السوداني، يواجه قانون العفو العام مصيرا غامضا على الرغم من وجود اتفاق سياسي على تشريعه، إلا أن مراقبين أشاروا إلى وجود إرادة سياسية خاصة من قبل الإطار التنسيقي لتعطيل القانون وعدم الالتزام بالوعود التي مُنحت سابقاً للجهات الأخرى (السنة) لضمان مشاركتهم في الحكومة الجديدة. وقال حمد جاسم عضو اللجنة القانونية النيابية، في تصريح إعلامي إن "أعضاء مجلس النواب ورغم قراءة القانون إلا أنهم لم يفهموا بنوده وتفاصيله، حيث أنّ جميع تفاصيل القانون مبهمة وغير واضحة وغامضة"، مبينا أن "أغلب أعضاء مجلس النواب لم يكونوا مع عرض القانون للقراءة، إلا أن رئاسة البرلمان أصرت على تمريره". وأشار جاسم إلى أن "اللجنة القانونية النيابية ستعمل الآن على إجراء مباحثات ودراسات واسعة لتوضيح كافة بنود القانون، فضلا عن استضافة المسؤولين في الحكومة العراقية لمعرفة توجهاتهم وأسباب ومبررات سعيهم لتمرير القانون". ووفقا لعضو اللجنة القانونية النيابية فإن القانون النافذ يمنع شمول المتهمين بقضايا الإرهاب وقضايا الاتجار بالبشر وتهريب الآثار وغيرها من الجرائم بالعفو، لكن التعديل الجديد ينص على إجراء بعض التغييرات بفقرة (الفئات غير المشمولة)، وبالتالي هنا يمكن شمول الإرهابيين وغيرهم بالعفو. واعتبر أن الاتفاقات والتوافقات السياسية لا تعني للبرلمان واللجنة القانونية شيئا، مؤكداً أن اللجنة ستعمل على "إعادة صياغة التعديل الجديد بما يضمن عدم شمول الإرهابيين وغيرهم بالعفو العام المقبل". ويعرّف القانون جريمة الانتماء للتنظيمات الإرهابية بأنه "كل من عمل في التنظيمات الإرهابية، أو قام بتجنيد العناصر لها أو قام بأعمال إجرامية أو ساعد بأي شكل من الأشكال على تنفيذ عمل إرهابي، أو وجد في سجلات التنظيمات الإرهابية". وخلال السنوات الماضية، تم الزج بآلاف العراقيين في السجون بناء على وشايات "المخبر السري"، وهو النظام الأمني المعمول به في العراق، وكذلك انتزاع الاعترافات تحت التعذيب، فيما تطالب القوى السياسية العربية السنية بتوفير محاكمات عادلة للمعتقلين وإعادة النظر بالأحكام التي صدرت بحقهم، وهذا ما تعارضه قوى وأحزاب تنضوي غالبيتها اليوم في الإطار التنسيقي، وهو التحالف الحاكم في العراق. ويُعد قانون العفو العام أحد أبرز مطالب الكتل السنية التي اشترطت إقراره أثناء مفاوضات تشكيل إدارة الدولة الذي ضم الإطار التنسيقي الشيعي والكتل الكردية والسنية والذي تمخض عن تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة. ويتضمن البرنامج الحكومي، وفق نواب من المكون السني، إصدار قانون العفو العام والتدقيق الأمني في محافظاتهم وإلغاء هيئات أو إيقاف العمل بها كانت تشكل مصدر قلق وأزمة لديهم. وتعتبر الكتل السياسية من المكون السني قانون العفو العام تحديا كبيرا من أجل إثبات جديتها وقوتها أمام الشارع السني. ويشكل تمرير القانون الجديد منعطفا مهما في علاقات الأحزاب السنية بقوى الإطار التنسيقي، لذلك فإن أي عرقلة أو إعاقة لتمرير القانون في مجلس النواب سيؤثر في مستقبل علاقات هذه الأطراف، إذ أن مستقبل أي مفاوضات حول تشكيل ملامح العملية السياسية خلال المرحلة المقبلة لا سيما حسم منصب رئاسة البرلمان ورئاسة الحكومة مرهون بتمرير هذا القانون. وفي بيان صدر الشهر الماضي عن المفوض السامي لمكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة عبر الأخير فيه عن قلقه من تنفيذ أحكام الاعدام، مؤكداً أن "عمليات الإعدام المنهجية التي تنفذها الحكومة العراقية ضد السجناء المحكوم عليهم بالإعدام بناءً على اعترافات مشوبة بالتعذيب، بموجب قانون غامض لمكافحة الإرهاب، ترقى إلى مستوى الحرمان التعسفي من الحياة بموجب القانون الدولي، وقد ترقى إلى مستوى جريمة ضد الإنسانية". ووفقاً لنفس البيان، فإن المفوض السامي عد عقوبة الإعدام التي تنفذها السلطات بمثابة "استخدام سياسي لملف الإعدام، ضد مكون معين، وهم السُنة".

مشاركة :