بقاء الآباء في المنزل..ترويض لمدمني الخروج

  • 4/11/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تحقيق:مها عادل تسببت الإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس «كورونا «في تغيير نمط حياة أفراد الأسرة، فالجميع أصبح مطالباً بالبقاء في المنزل لساعات طويلة وعليه أن يجد وسيلة للتعايش مع هذا الأمر. وبالنسبة للآباء يبدو الأمر تحدياً كبيراً، خاصة لمن اعتاد أن يقضي معظم وقته في الخارج، ليس فقط من أجل العمل، وإنما أيضاً للقاء أصدقاء المقهى، وممارسة الأنشطة الخارجية المختلفة.في السطور التالية نتعرف إلى تجارب الآباء في التكيف مع تمضية أوقاتهم في البيت ومشاركة زوجاتهم وأبنائهم تفاصيل الحياة اليومية التي لم يعتادوها. يحدثنا محمد مصطفى (موظف) عن تجربته قائلاً: «في البداية اعتبرت بقائي في المنزل لفترات طويلة فرصة ذهبية للاسترخاء والراحة وتأدية العمل عن بُعد بمجهود أقل، وتوفير الوقت الذي أقضيه في الطريق بين البيت ومكان العمل ومعاناة زحام الطريق في أوقات الذروة، ولكن بعد أيام اكتشفت مزايا أخرى أكثر أهمية؛ إذ أتيحت لي الفرصة للتعرف إلى شخصية الأبناء بعد تمضية فترة طويلة معهم في البيت، وتعرفت إلى هواياتهم للمرة الأولى».وأضاف: «فوجئت بأن ابنتي الكبرى (16 عاماً) بارعة جداً في الرسم وتأليف القصص باللغة الإنجليزية، ووجدتني أشاركها اهتماماتها وأساعدها على تطويرها، وأمضي معها ساعات على الإنترنت لنتصفح مواقع تعليم أصول الرسم بالزيت والأكريليك، وحاولت أن أتعلم معها هذه الفنون الجميلة، ولكنها بالتأكيد أبرع مني. أما ابني الصغير (10 أعوام) فاكتشفت هوايته المتمثلة في الولع الشديد بأنواع السيارات وإمكانات كل طراز منها، وسعدت جداً عندما شاركته في لعبة اخترعها على شكل مسابقة تنافسية بيننا، بحيث نقف في شرفة البيت ونطالع السيارات المارة من بعيد، وعلى كل منا أن يحدد نوعها ومواصفاتها الفنية وبلد الصنع، ونحصل على نقاط على ذلك، وأمضي أوقاتاً ممتعة جداً وأنا ألعب معه. بالفعل أعتقد أن هذه الفترة على الرغم من صعوبتها علينا جميعاً، ساعدتني على الاقتراب أكثر من أولادي وفهم عقلياتهم واهتماماتهم بعد أن كنت مشغولاً عنهم باستمرار». إنعاش الهوايات أما أيمن محمد الشيخ (مبرمج كمبيوتر)، فيطلعنا على تجربة مختلفة له قائلاً: «بدأت أستعيد هواياتي التي تركتها بسبب ضغوط الحياة والعمل، فأنا أجيد العزف على الجيتار، ولكن مر عليّ وقت طويل منذ أن مارست العزف أو التدريب حتى أصبحت آلة الجيتار الخاصة بي قطعة ديكور معلقة على الحائط، ولكنني عاودت البحث عن شغفي القديم بالموسيقى فقمت بتجديد الأوتار وعدت للعزف والتدريب، ودعمتني زوجتي التي أصبحت تشاركني في الغناء. وكذلك وجدت خلال البقاء في المنزل وقتاً لتجديد علاقتي بأفراد عائلتي وأصدقائي في كل مكان في العالم، فتواصلت معهم بالصوت والصورة وأصبحنا نقضي أوقاتاً طويلة في هذه المحادثات». وأكد أحمد عبد المقصود (محاسب) صعوبة تجربته في التكيف مع الوجود في المنزل لساعات طويلة، وقال: «توقفت حياتي وجميع الأنشطة اليومية التي اعتدت القيام بها، فأنا أحرص على ممارسة الرياضة يومياً، ولكن بعد إغلاق الصالات الرياضية أصبحت مطالباً بالبحث عن طريقة أخرى للحفاظ على لياقتي، فأصبحت أشارك زوجتي وأبنائي كل صباح في ممارسة بعض التمرينات لتنشيطهم حتى لا تصيبهم قلة الحركة بالخمول والبدانة».وأوضح أن علاقته بأبنائه الثلاثة أصبحت أفضل؛ لأنه لأول مرة يجد وقتاً لمساعدتهم دراسياً، خاصة بنظام التعليم عن بُعد. مقاطع طهي وقال محمد علاء الدين: «لا أنكر شعوري في البداية بصعوبة للبقاء في المنزل وما يمثله من ثقل نفسي على شخص مثلي اعتاد دائماً الحركة والتنقل، ولكنني فكرت في الاستفادة من قدراتي في الطهو وإعداد أطعمة سهلة وسريعة، وتصويرها وبثها عبر مجموعة خاصة بأصدقائي من الرجال، خاصة غير المتزوجين، وأبدأ كل مقطع بمقولة: «سأعزمكم افتراضياً على وجبة لذيذة». وبالفعل أصبحت لديّ مهمة يومية أقوم بها، ولدي متابعون يزداد عددهم كل يوم، وتقوم زوجتي بالتصوير بسعادة».ويشاركنا أحمد عبد التواب (مخرج) تجربته قائلاً: «الرجال لم يخلقوا للمكوث في المنزل، فهي تجربة ليست سهلة بالمرة، وأكثر ما يزعجني هو عدم قدرتي على ارتياد المقهى الذي اعتدت منذ سنوات الوجود فيه بشكل يومي للعب الطاولة والشطرنج مع الأصدقاء، وتجاذب أطراف الحديث معهم. فهذه الساعات التي أقضيها بعد يوم عمل طويل، تمثل وسيلتي الوحيدة للترفيه والتسلية. ونصحني البعض بأن أمارس لعب الطاولة والشطرنج عن بُعد عبر الإنترنت، ولكنني وجدتها مملة وغير مجدية، فالهدف من هذه الألعاب هو التفاعل الشخصي مع الأصدقاء. ولم ينقذني من الملل سوى تعليم زوجتي وأبنائي قواعد الشطرنج والطاولة، وأصبحنا نقضي أوقاتاً من التنافس واللعب يومياً، وبالفعل خلق ذلك أجواء مرحة ساعدتنا على زيادة التقارب بيننا، والاستمتاع بوجودنا في المنزل».

مشاركة :