فرضت الحكومة الكورية حظرا على التجمعات الكبيرة، وأغلقت المدارس ومراكز الرعاية النهارية، وطلبت من أصحاب الأعمال تطبيق ترتيبات عمل مرنة. وأعلنت مدينة دايجو وثلاث محافظات في مقاطعة جيونجسانج الشمالية مناطق رعاية خاصة، تلاها إعلانها مناطق كوارث، لتستفيد بذلك من زيادة الموارد وإخصائيي الرعاية الصحية. ومع ذلك، تجنبت الحكومة إلى حد بعيد حظر حركة الأفراد أو التحكم فيها، وأبقت حدودها الدولية مفتوحة نسبيا أمام المسافرين القادمين من الدول المتضررة. واقتصر الحظر الصريح على المسافرين القادمين من مقاطعة هوبي الصينية. واستعانت القيادة المركزية لتدابير مواجهة الكوارث والسلامة بإجراءات الطوارئ لتسريع خطا تطوير فحص الإصابة بالفيروس. فأصبح بإمكان كوريا حاليا فحص ما يصل إلى 18 ألف حالة يوميا، وتصدير أدوات الفحص إلى دول أخرى. وتساعد الحكومة في جعل الفحوص يسيرة التكلفة، حيث استعانت بتجهيزات مبتكرة للفحص عبر المرور بالسيارة لتشجيع الجمهور على إجراء الفحص. وخضع أكثر من 316 ألف شخص للفحص حتى 20 آذار (مارس)، الأمر الذي جعل كوريا الأعلى في معدلات الفحص لكل فرد. وأتاح ذلك التعرف على الحالات وعزلها سريعا دون الاضطرار إلى فرض قيود أوسع نطاقا على الحركة أو إغلاق منشآت الأعمال. وربما يفسر هذا المعدل المرتفع للفحص انخفاض معدل الوفيات في البلاد، حيث ساعد الفحص المنهجي على اكتشاف الحالات حتى الطفيف منها ومن ثم عزلها. استعانت كوريا بالبيانات الضخمة، مثل بيانات التتبع بالنظام العالمي لتحديد المواقع بالهواتف والسيارات، ومعاملات البطاقات الائتمانية، وسجلات السفر، ومقاطع الفيديو الصادرة عن الدوائر التلفزيونية المغلقة، والذكاء الاصطناعي للتعرف على الحالات ذات الأولوية القصوى، وتتبع مسارات الأفراد المصابين. وأطلقت تطبيقات للهواتف الذكية للمسافرين الدوليين القادمين، الخاضعين لفترة المتابعة الذاتية لمدة 14 يوما، وللحالات المشتبه في إصاباتها بفيروس كورونا الخاضعين للعزل الذاتي الإجباري. وأدى تيسير المتابعة الذاتية وإبلاغ الحكومة بالبيانات إلى تجنب فرض حظر على دخول المسافرين الدوليين. كما طرحت المستشفيات خدمة تشخيص المرضى المصابين بأعراض خفيفة عن بعد، ما أسهم في تمكين الإخصائيين من الاهتمام بالحالات ذات الأعراض الأشد. تعمل القيادة المركزية لتدابير مواجهة الكوارث وضمان السلامة منذ عام 2018 مع الوكالة الكورية للتعاون الدولي والوكالة الإنمائية الثنائية في كوريا في مشاريع تتعلق بالأمراض، في إطار الإسهام الكوري في برنامج العمل العالمي للصحة العامة. وشجعت كوريا أيضا على إقامة شراكات بين القطاعين العام والخاص بغرض تسخير التكنولوجيا في تحسين النواتج الصحية. فعلى سبيل المثال، قامت شركة كي تي (KT)، وهي إحدى كبريات شركات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الكورية، بتطوير منصتها العالمية للوقاية من الأوبئة GEPP؛ وهي منصة معنية بالوقاية من الأمراض المعدية، تعمل تجريبيا في غانا وكينيا، وتخطط للتوسع في شرق آسيا. حيث يقوم تطبيق للهواتف الذكية بإنذار مستخدمي الهواتف الجوالة بحالات تفشي الأمراض القريبة منهم، ويتيح لهم إبلاغ السلطات بحالاتهم الصحية. وقد ألقي الضوء على منصة GEPP لشركة كي تي (KT) في أسبوع الابتكار الكوري الذي أقيم في مقر مجموعة البنك الدولي في شباط (فبراير) 2020. ويسعى الشركاء من القطاعين العام والخاص في كوريا إلى زيادة التعاون فيما بينهما في مجال الصحة العالمية، ويشمل ذلك التعاون مع مجموعة البنك الدولي وهو ما أسفر عن إطلاق حزمة تمويلية بقيمة 14 مليار دولار لمساعدة الدول النامية على مواجهة أزمة تفشي فيروس كورونا وبناء قدراتها على مواجهة أزمات المستقبل.
مشاركة :