في حضور المسحراتي كل الحي يستيقظ، الأطفال، النساء، الرجال، الشباب أيضًا، كلهم يستيقظون على صوته الوديع غير المزعج وهو يردد: "اصحى يا نايم ووحد الدايم" مع إيقاع الطبلة أو المزمار. لمهنة المسحراتي الذي يتجول في الأحياء وبين الأزقة سياق تاريخي؛ حيث تذكر بعض الدراسات أن بلال بن رباح -رضي الله عنه- كان يقوم بتلك المهمة؛ مهمة إيقاظ النائمين، كما يشير البعض من الباحثين أن عنبسة بن إسحاق المتوفى سنة 228ه كان هو من الأوائل أيضًا الذين يقومون بهذه المهمة، حيث يُطلق قدميه مشيًا من مدينة العسكر في الفسطاط إلى جامع عمرو بن العاص بمصر منادياً الناس. كما تذكر الكاتبة ديانا أيوب أن المسحراتي يتميز في الفترات السابقة وحتى يومنا هذا باعتماده على الجمل التي ترحب ب "رمضان" ولفكرة القيام والعبادة، ويتم إنشادها بطريقة تجعل الناس يستيقظون على سماعها، ولأن الإنشاد مع تطور المدن لم يعد كافيا، بدأ المسحراتي يستعين بالطبلة، ويدق عليها وينشد جمله المعهودة. وعن تسميات المسحراتي في الدول فإنها لا تختلف من دولة إلى أخرى إلا في الإمارات فقط حيث يعرف المسحراتي ب"أبو طبيلة".. ويختلف الزي الذي يرتديه المسحراتي تبعا للبلد الذي يعيش فيه، كما أن الأداة التي يستخدمها تتباين بين بلد وآخر. ومن المتعارف عليه أن يكون لكل حي أو مجموعة من الأحياء المسحراتي الخاص بها، حيث إنه يتم تقسيم الأحياء بين العاملين في إيقاظ الناس على السحور، وذلك لأنهم يحصلون على أجرتهم من الناس في آخر الشهر، فيقدمون لهم بعض المال، كما أن البعض يقدم لهم الهدايا قبل العيد. لقد غاب المسحراتي عن كثير من الدول العربية ودول الخليج ولم يصبح متواجداً إلا في مصر فقط؛ وذلك بسبب التطور والتغير الثقافي والعادات والتقاليد التي بدأت في الاختفاء والانحسار بفعل الزمن ومرور الأجيال؛ إلا أن هناك عادات أخرى ظهرت بشكل غير ملاحظ وتناسب المدن الكبيرة وتحل محل المسحراتي، منها مرور السيارات التي فيها مكبرات الصوت، التي تعمل على إيقاظ الناس بوضع الأناشيد الدينية على صوت مرتفع وهذا يمكن أن يوقظ كل سكان الأبنية، وكذلك اعتماد البعض على المنبهات أو حتى الهواتف، لتصبح جميع الدول تعاني من غياب المسحراتي في شهر الخير، حتى بات عملة نادرة تنتمي إلى التراث.
مشاركة :