لم يكن قصر الحكم في الرياض مجرد قصر من الحجر والطين والخشب، وإنما اكتسب كثيرًا من المضامين التي أضفاها عليه، فكان هذا القصر منذ عهد مؤسسه الإمام تركي إلى عهد الملك عبدالعزيز يرحمهما الله. لقد كان الجانب المعنوي لهذا القصر مؤثرًا وعظيمًا عند المواطن السعودي.. فقد توازن التطور في قصر الحكم عمرانًا وفنًا معماريًا مع التطور في الجهاد ولم الشمل وتوحيد الأمن؛ حيث أصبح الجميع وحدة تترجم معالم حضارية متناسقة ومتناغمة بحيث لا يبدو ثمة نشاز هنا أو تناقض هناك. هكذا كان يتحدث عنه الأستاذ الأديب عبدالرحمن بن سليمان الرويشد - رحمه الله - عن هذا القصر. وهذه الشارة الكبرى التي تدل على المنهج السليم. وتؤكد أن البناء وحده لا يستقيم بغير المعنى والمضمون، فبناء الإنسان أهم من بناء الحجارة واللبن والطين. ويؤكد هذه الحقائق كل من قرأ أو شاهد هذا الإنسان بهذا القصر (الرمز) من وقائع وأحداث وتطورات. إن التاريخ عندما يتحدث إلينا من خلال قلم الأستاذ الرويشد - رحمه الله - عن قصر الحكم، فإن الحرف يمتزج ساعتئذ بالحقيقة، فيخرج ذلك المزيج الجميل الذي ينساب إلى شرائح المثقفين من خلال يراع أديب ومؤرخ عايش عن كثب مراحل التطور. ليس في هذا العصر فحسب وإنما في جميع مراحل التطور والتكوين؛ من خلال مجالسته لجيل التحدي أو قراءته المستمرة في جوانب تاريخ هذا المكان الرمز. فقد كانت حروف الرويشد في كتابه عن قصر الحكم في الرياض وأصالة الماضي وروعة الحاضر قصيدة من الشعر نقرؤها فنشعر بأبياتها وبيوتها وسمائها وأرضها وأحجارها وناسها، فيقفز إلى مخيلتنا جميل تلك المعاني والصور، فلا نحس إلا وقد فرغنا من كتاب الرويشد الثمين، الذي يعتبر إضافة إلى المكتبة العالمية والعربية ولجميع الأجيال السعوديين، كما يعد إضافة جيدة للمكتبة العربية لما يحمله من حقائق تاريخية، فقد لامس الكتاب جزئيات مهمة في تلك الفترة من حيث كيفية التعامل، والبناء والتربية، والسلوك، وأنماط أخرى من حياة أبنائنا وأجدادنا. ولعل المنهجية التي تحدث عنها الرويشد في قصر الحكم، والتي كانت تقليدًا قديمًا وصنعه الملك عبدالعزيز وكذلك الملوك والأمراء والأميرات الذين سكنوا القصر - قصر الحكم - وكيف أن أهم مؤتمر عقده الملك في تلك الحقبة لهؤلاء.. وفي هذا الاجتماع كان الملك عبدالعزيز يطرح على الجميع ما يجول في خاطره لترسيخ الكيان وخدمة المواطن. هذه الجزئية من الكتاب تعكس مدى أهميته وأهمية اللقاءات التي أشار المؤلف إليها، وهو منهج رسخته القيادة منذ مراحل التأسيس على يد صقر الجزيرة الملك عبدالعزيز.. وبقراءة متأنية بقصر الحكم أرضًا ومكانة وتاريخًا يعد إضافة عالمية لكتاب ابن رويشد، ولعلي هنا أشيد بالدور الكبير الذي يبذله معالي الدكتور فهد السماري "المستشار بالديوان الملكي" في هذا الشأن على مدى سنوات بحرص ورعاية مع الملك الرمز لهذا الكيان الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله منذ أن كان أميرًا للرياض. إن مؤلف كتاب قصر الحكم يستحق القراءة لجميع الأجيال، ولعله من المناسب أن أذكر هنا أن ما تركه أستاذنا الكبير عبدالرحمن بن سليمان الرويشد من عطاء فكري وتاريخي يستحق الرعاية والاهتمام من قبل دارة الملك عبدالعزيز وأسرته وبيت آل رويشد، وهذا الأمل أن يتحول الأمر إلى مشروع وطني بارز تسجل الريادة فيه لابن رويشد رحمة الله عليه. نقلا عن الرياض
مشاركة :