كان هناك شيخ قبيلة شجاع كريم تتوفر فيه جميع الصفات، وله ولد اسمه (أجود) تجتمع فيه الفطنة والذكاء والفراسة وقول الشعر، وفي أحد الأيام حل عليهم أحد الشعراء ضيفا، فمكث عندهم أياما وطاب له الجلوس عند شيخ القبيلة، فكان (أجود) من عادته يذهب قبل الغروب إلى وادٍ لا يبعد إلا أمتارا من النزل، وهذا الوادي فيه ماء وطيور وأشجار للترويح عن نفسه ثم يعود بعد الغروب، ومن ثم تبدأ السهرة والسمر مع هذا الشاعر الضيف وكبار العشيرة. وحين هم أجود بالذهاب إلى الوادي في أحد الأيام، قال للشاعر الضيف: هل ترافقني لهذا الوادي، قال: نعم فكان أجود يركب على فرسه الأصيلة والشاعر يمشي بجواره، فلما وصلا إلى الوادي نزل أجود عن الفرس ومد عنان الفرس للشاعر، وكأنه يقول ارسنها في هذه الشجرة، لكن الشاعر استغل الفرصة، وقال (تعطي أكثر يا ولد فلان)، فصمت أجود، ولما غربت الشمس وهما بالرجوع ركب الشاعر الفرس، أما أجود فجاء ماشيا، وصلا النزل ورآهما والد أجود، وحين سأل الشيخ ولده أخبره بالقصة ثارت ثائرة الشيخ وغضب، وارتفع صوته على ولده، وقال: خذ الفرس واعطه من سائر الخيل، قال أجود (لا فات الفوت ما ينفع الصوت)، لا داعي للغضب ورفع الصوت، وهذا شاعر ولو أخذت الفرس منه، لقال فينا بيتا من الشعر وبقي وتداوله الناس، وماذا يقول نحن والحمد لله من قبيلة طيبة، فقال أجود يا والدي الشاعر يستطيع أن يقول.
مشاركة :