مقال العميد محمد بن دينه «الناس بالناس»

  • 4/17/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أجمل ما في الحياة ، حين ترى السعادة في عيون المحيطين بك عند مساعدتك لهم. وأفضل شعور هو الرضا عن النفس ، لأنك أسعدت غيرك ، وأدخلت السرور على قلبه وأزحت عنه همّا ، ربما كان يؤرقه كثيرا ..لذلك حث ديننا الحنيف على مساعدة الآخرين باعتبار ذلك ، واجبا إنسانيا ، وهنا تحضرني كلمات الإمام الشافعي (الناس بالناس مادام الحياء بهم ... والسعد لاشك تارات.. وهبات. وأفضل الناس ما بين الورى رجل ، تقضى على يده.. للناس حاجات. لا تمنعن يد المعروف عن أحد ، ما دمت مقتدراً.. والعيش جنات. قد مات قوم وما ماتت مكارمهم ، وعاش قوم.. وهم في الناس أموات) .فعندما تصل إلى مرحلة تطويع النفس على حب مساعدة الناس ، وبصورة اشمل ، وليس لمجرد أنه واجب إنساني وديني ، فإنك بذلك تكون قد حققت اكبر درجات الرضا عن الذات . فثقافة التطوع والقائمة في الأساس على الممارسة والفعل ، أكثر من الكلام والتنظير ، أساسها حب مساعدة الآخرين .وهذه المعاني متأصلة في الانسان البحريني ، والذي هو أساس المجتمع المنفتح بطبيعته ، ويتسم بالتنوع الديني والثقافي والحضاري ، وهو ما أكسبه ثقافة تقبل الآخر وحب مساعدته ، كمسألة متجذرة لدى الإنسان البحريني. لذلك فإن تجربتنا في البحرين ، عريقة في مجال التطوع ، بدأت في العمل الاجتماعي وخدمة المجتمع والمجال الثقافي. لكن ربما لم يكن الموضوع ، قد اتخذ شكلا مؤسسيا بعد ، حتى كان تأسيس الفريق أول معالي الشيخ راشد بن عبدالله آل خليفة وزير الداخلية ، شرطة خدمة المجتمع عام 2005 والتي استطاعت أن تؤسس لفلسفة جديدة في العمل الشرطي ، ما دفع الكثير من دول العالم للاطلاع على تجربة البحرين في هذا المجال ، خاصة وأن البحرين ، طبقت التجربة من منظور مجتمعي وفي إطار عاداتنا وتقاليدنا وتراثنا العربي والإسلامي.ولتمضي ثقافة التطوع وتتسع مجالاته بطرح قانون التطوع لخدمة الأمن العام ، بحيث يكون هناك إطار مؤسسي للتطوع . ومع الأزمة الأخيرة التي أصابت العالم كله ، وأعنى بها أزمة كورونا ، كان إقبال المواطنين على منصة التطوع والذي فاق الــــ 35 ألفا ، أمرا محل فخر واعتزاز بمجتمع تأصلت فيه مساعدة الآخرين وإنكار للذات ، وكان هذا التدفق الكثيف ، خير دليل على أن التطوع في المجتمع البحريني ، ثقافة متجذرة وليس مجرد مفاهيم ، بمعنى أنه جزء من فطرة الشخصية البحرينية ، التي تشكل مجتمعا متعايشا متحابا وحضاريا ، وهذه من علامات المجتمعات ، القادرة على مواجهة التحديات والأزمات.

مشاركة :