لي صديق من دون ذكر اسمه... اسمه عبدالله، وكان عبدالله هذا كلما غضب أثناء لعبة «الجنجفة» من أحد مرافقيه في الديوانية يقول له «أجيب هندي يلعب مكانك؟»، وإذا اشطاط غضباً من أحد موظفيه في العمل يقول له «أجيب هندي يسوي العمل مكانك؟»، أما إذا قرأ رواية رديئة أو شعراً سيئاً خاطب الكاتب قائلاً «والله أجيب هندي يكتب بدالك»... لكنه إذا مال عليه أحد بسيارته في الشارع يقول له «والله مال أجيب هندي يسوق بدالك»... لاحظت أن هذه العبارة تقال في الكويت للجميع بلا استثناء، لدرجة أنه عندما حصل سوء تفاهم بين صديقي عبدالله وبين والده قال له «لو أجيب هندي يصير أبوي أحسن»... لكن الوحيد الذي لم تكن تقال له هذه العبارة هو«صبي» الديوانية على الرغم من أنه هندي... وقد عللنا ذلك بسبب عدم وجود بديل له، فكيف سيقال للهندي«لو أجيب هندي يسوي شاي بدالك»؟ ولكن دعني عزيزي القارئ الهمام يا من تشكو الزحام وسرقة اللئام أن أحدثك عن كثب لا عن كُتب، وأوضح لك أين تقع المشكلة في عبارة صديقنا المتكررة. الهنود يزرعون الأرز ونحن نأكله، ويصدرون الشاي ونحن نشربه، ويبدعون فن التوابل ونحن نتذوقها. الهندي أطلق القمر الاصطناعي ونحن نشاهد قنواته، الهندي خصب اليورانيوم ونحن «خصبنا» النساء. الهندي يهدد بالمشاركة في الانفجار النووي، ونحن نهدد بالانفجار السكاني. ونحن نعيب على خيال الأفلام الهندية الواسع رغم أننا نعيش واقعاً سياسياً أكثر خرافة في وقت تحقق السينما الهندية أرباحاً خيالية. هل عندنا مثل «شاروخان» أو «أمير خان» أو «سلمان خان».في الواقع أو قل في «الواقح» لدينا الكثير من أمثال «جانكيز خان». وبينما ستحتفل الهند بهبوط أول هندي على سطح القمر، فسنحتفل نحن بهبوط سعر البرميل ومعه هبوط الرواتب على رؤوسنا بسبب البديل الاستراتيجي. وربما في المستقبل ستحصل الهند على مقعد دائم في الأمم المتحدة، بينما المقعد الدائم موجود عندنا في مسؤول لاصق نفسه فيه بصمغ سوداني أصلي. الطلاب الهنود لهم مستقبل باهر في جامعات لندن وأميركا لأنهم يسهرون الليالي في طلب المعالي، وطلابنا لهم مستقبل باهر في عيادات الرجيم لأنهم يسهرون الليالي في طلب المطاعم. والآن عزيزي القارئ هل فهمت المقال جيدا أم (أجيب هندي يقرأ بدالك)؟ قصة قصيرة: التقيت في الطريق (القطو) السنور الذي حدثتكم عنه في المقال السابق، وكانت المفاجأة أني رأيته برفقة ثلاثة من أبنائه وقطوتين صغيرتين.. فسألته من هؤلاء فأخبرني أنها فلذات أكباده فقلت له «يا كذاب... كيف تدعي أن جمعية حماية الحيوان قد أخصتكم وأنت تعترف الآن أن هذه القطاوي أبناؤك؟». حاول السنور أن يرواغ كعادته، فقاطعته قائلاً: «لا تقل لي أنهم أطفال أنابيب!! فلن أصدقك بعد اليوم... فصدق المثل المصري القائل زي القطط تأكل وتنكر. فيبدو أن جمعية حماية الحيوان أطعمتكم ومنحتكم الصحة والعافية حتى أنجبتم بـ«الخمسة» ولم تقم بإخصائكم كما ادعيتم.. يا قطاوي. كاتب كويتي moh1alatwan@
مشاركة :