سحر الشيمي ” لقاء بلا موعد .؟!”

  • 4/20/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

كثيرا ما يحدث لقاءنا مع الأشخاص ، الأماكن ، الأمنيات أو حتى أحداث مفاجئة نحبها ، نكرهها ، نخاف منها ، نحذرها ، أو أشياء وحاجات تسخر لنا ونقابلها بلا موعد وقد تكون معروفة لنا أو غريبة علينا . ونحن نعيش اليوم كثير من اللقاءات لأحداث متتالية ، يقودها في المقدمة فيروس نزل للأرض غريبا وأصبح من أكبر مشاهيرها وأكثرهم ذكرا في العالم الإنساني ، وعقبته أخبار وأسباب هزت كيان المجتمع والأسر وترابطهم الاجتماعي وزلزل قطاع الصحة والأمن والاقتصاد كل هذه اللقاءات ،تو ّحَدَ العالم في مواجهتها بما يسمى بالعزل المنزلي وحظر التجول للوقاية ، ولكن لو تأملنا قليلا في أهم لقاء حدث لنا بلا موعد مع كل هذه الأحداث ، نجد أنّه لقاءنا مع ذواتنا ، التي نعيش معها الآن فترة تعارف ، وكأنها كانت مهاجرة عنا في غربة وعادت ، فهل عرفناها ؟! لنعطيها حقها ( ان لنفسك عليك حق) ، قصرنا فيه كثيرا ، من صحة وغذاء جسدي وروحي ، لنكون بقلب وعقل سليم في جسم سليم ، أهملنا أنفسنا فلم نرعاها ولم نهذبها وتركنا لها العنان في اتباع هواها ، كإهمال أم لرعاية طفلها الوحيد،لم ترعاه وتُربّيه بحجة الإنشغال وضيق الوقت ؟!.. نعم كنا نعيش في زحام مع أشغالنا نتصارع مع الوقت ، قبل الحظر تجاهلنا أنفسنا وطاقاتها وطموحها وقدراتها التي كرّمنابها الله على بقية المخلوقات واختاره من بينها لعمارة الأرض، في كل انسان كنز مكنون من فكر ،طاقة أو موهبة وهبها الله له ، لا يخرج هذا الكنز الاّ وقت الأزمات والشدائد ، التي تُدْخِل الانسان في مغامرة مع نفسه قد يفوز فيها بالحصول على كنزه ، أو قد يُهزم لأنه لم يخوض المغامرة بل استسلم ، لنفسه وهواها فهزمته و فقد كنزه ، !. ففي المحن توجد المنح ، و على قدر البلايا تأتي العطايا ، ولكن هذا لا يكون الا لمن أحسن اللقاء مع نفسه وفهم تكوينها ومكنونها وعرف كيف يوظف هذه النفس في التعامل مع الأقدار والأحداث و التعامل مع رب هذه الأقدار ، لأنه هو المُدبّر لهذه اللقاءات ، سبحانه ، لحكمة عظيمة لا يدركها عقل الانسان ، فلنتأمل في أنفسنا ونصلح ما تَهتّكَ منها ، ونتدبر في قوله تعالى؛( وفي أنفسكم أفلا تبصرون )الذاريات (٢١). ولنركز على قدراتنا الموهوبة لنا و نجندها في الدفاع عن الوقت الذي قُتِل منه الكثير في الماضي ، وهو الآن آمن في سربه من كل قطاع الطرق التي كنا نراها سارقة له. ولنا مثال حي فيمن سبقونا من العلماء والحكماء ، منهم من عُزل في سجون فألّف فيها كتب لازالت تدرس ليومنا كإبن تيمية رحمه الله ، ومنهم من حظر لوباء فخرج باكتشاف علمي كالعالم نيوتن ، وليس لنا أن نكون جميعنا علماء ، ولكن لنكن أوفياء مع ذاتنا ، بصنائع المعروف التي تقي مصارع السوء ، بكلمة طيبة ، صدقة، اغاثة ملهوف ، دعوة في ظهر الغيب ، … الخ .ولنا في وقتنا الحاضر مثال فخر نلمسه في صنائع ودور منسوبي الصحة والأمن في بلادنا . فلنجعل اجمل لحظات حياتنا وأكثرها استثمارا هذا اللقاء ، مع أنفسنا لنخرج منه بثمار يانعة من عمق الإيمان ، وسعة الفكر ، و تقدير للنعم وشكر للمنعم . ليرى الله من أنفسنا خيرا فانظر لما يرى … اللهم احسن وفادتنا اليك وأصلح لنا شأننا كله .

مشاركة :