في تجربة رائدة تهدف إلى تطوير وسيلة جديدة تماماً لعلاج السرطان، تم اتخاذ الخطوة الأولى لتطوير لقاح يهدف لمهاجمة الأورام الخبيثة بصورة فردية للمرضى. ونشر باحثون في جامعة واشنطن بسانت لويس في الولايات المتحدة النتائج الأولى لاختبار لقاح أولي، يهدف لتعزيز خلايا - تي لجهاز المناعة، ويساعدها على التعرف إلى الخلايا السرطانية وتدميرها. وقد تلقى ثلاثة مرضى مصابون بسرطان الجلد في مرحلته المتقدمة علاجاً تجريبياً ناجحاً. ذكرت صحيفة إندبندنت البريطانية أنه تم صنع اللقاح الجديد من خلال دراسة نوع البروتينات الموجودة في الخلايا الخبيثة لكل مريض، وهي تختلف من مريض لآخر. وتم إعطاء اللقاحات للمرضى الثلاثة بهدف دراسة عدد خلايا - تي القاتلة للسرطان، التي تفرزها أجسامهم وتنوعها. ويأمل الباحثون الآن توسيع التجارب الإكلينيكية في غضون 12 شهراً، قبل عرض العقار لإقراره للاستخدام بصورة رسمية. يشار إلى أن العلاج المناعي لمرض السرطان بدأ في تحقيق نتائج مدهشة، ولكن الاستجابة له تختلف باختلاف المرضى ونوع السرطان. وكان تنشيط الجهاز المناعي في جسم الإنسان لمحاربة السرطان بمثابة رؤية قديمة سائدة بين الأطباء. لكن المشكلة التي استمرت عقوداً من الزمن كانت النجاح في ذلك. وفي القرن الماضي، شارك الكثير من مرضى السرطان اليائسين في تجارب العلاج المناعي، إلا أنهم توفوا في نهاية الأمر. لكن المركز الألماني لأبحاث السرطان في هايدلبرغ أكد أن الجهاز المناعي في الجسم يتعرف إلى بعض أنواع الأورام بشكل أفضل من الأنواع الأخرى. فعلى سبيل المثال، يمكنه التدرب على محاربة سرطان الخلايا الصبغية (الميلانوما)، الذي يعتبر أخطر أنواع سرطان الجلد. وفي الوقت الراهن، يجري تطوير علاجات مناعية جديدة من قبل كبرى شركات الأدوية خصيصاً لهؤلاء المرضى. كما أدرجت دورية ساينس العلمية الشهيرة العلاج المناعي للسرطان على رأس قائمتها للإنجازات العلمية لعام 2013، بعدما عززت استراتيجية العلاج إمكاناتها في النهاية. وبعد مرور عام على ذلك، لا تزال أغلب العلاجات في طور التجريب وفي مراحل مختلفة من التطوير. وفي حين يستجيب بعض المرضى بشكل مدهش للأدوية الخاصة بالعلاج المناعي، بحسب أوتمار فيستلر، الذي يعمل في المركز الألماني لأبحاث السرطان، إلا أنه يرى أنه لا أحد منا يمكنه التنبؤ في الوقت الحاضر بما إذا كانت هذه الاستجابات طويلة الأمد. وعندها يمكن القول بكل يقين إننا توصلنا إلى علاج. وقد أفادت دراسة حديثة، بأنّ اكتشاف علاج المناعة الجديد لمرض السرطان، يساعد في القضاء على الأورام، وإنقاذ عشرات آلاف المرضى. ويعتقد الخبراء أن يكون الاكتشاف الأخير، الأهم من نوعه بعد مرحلة العلاج الكيميائي، الذي يتوقّع زواله خلال خمس سنوات. ويعتبر علاج مرض السرطان الأخير، شديد الفعالية في محاربة الأنواع القاتلة من الأمراض، ومنها سرطان الرئة والجلد. وقد أثبتت اختبارات أجريت على مرضى، كانوا في مراحل المرض الأخيرة، ولم يتبق لديهم سوى أشهر معدودة في الحياة، فعالية العلاج في القضاء على الأورام لديهم، ليستمرّوا بعد ذلك في عيش حياة طبيعية بعد الخضوع للعلاج. ويحلّ علاج المناعة، وهو الاسم الذي أطلق على الاكتشاف الأخير، بديلاً من علاج الكيمياء، ويعمل على تدريب جهاز المناعة في جسم المريض، على الهجوم على الخلايا السرطانية ومكافحتها. ولا يقتصر مفعول هذا العلاج على سرطان الرئة والجلد، بل هو فعّال، أيضاً، في القضاء على سرطان الكلى، والمثانة والرأس والرقبة، وذلك وفق عدد من البحوث التي قدّمت في مؤتمر الجمعية الأمريكية للأورام السريرية في شيكاغو. وتفتك أمراض السرطان المميتة بـ 54 ألف بريطاني سنوياً، واللافت شفاء مرضى يعانون سرطان الجلد في مراحله المتقدّمة في بريطانيا عقب تلقّيهم العلاج، منهم من شفي نهائياً من المرض، وبعضهم الآخر يحتاج إلى جلسات، من وقتٍ إلى آخر، قد تمتد إلى أسابيع أو أشهر. وتروي فيكي براون (61 عاماً) قصة خضوعها لتجربة علاج المناعة بعد إصابتها بسرطان الجلد في عام 2006، وسرطان الثدي والرئة بعد ذلك، وبعد أن أبلغها الأطباء أنّها قد تعيش أشهراً معدودة. فقد شاركت فيكي في التجارب السريرية في مستشفى رويال مارسدن في العاصمة البريطانية لندن المتخصّصة في علاج أمراض السرطان، في أغسطس/آب، وما هي إلاّ أسابيع حتى اختفت الأورام، لتظهر مجدّداً، فأعادت الكرّة وخضعت مرّة أخرى لعلاج المناعة. وقالت فيكي، إنّها شعرت بأنّ العقار أشبه بأعجوبة، إذ عاشت سنتين بفرح، وتأمل أن تستمر لسنين عديدة. من جانبه، قال البروفسور روي هيربست، رئيس علم الأورام الطبية في مركز بيل للسرطان في الولايات المتحدة الأمريكية، إنّ علاج المناعة قد يكون البديل الأفضل من العلاج الكيميائي خلال السنوات الخمس المقبلة. مضيفاً أنّنا نشهد نقلة نوعية في كيفية علاج الأورام، إذ من الممكن ملاحظة تجاوب الجسم مع العلاج خلال أسبوعين، كما أنّ بعض المرضى نجو بأعجوبة. وشرح خبراء الدراسة، أنّه على الرغم من تدريب نظام المناعة لدينا على محاربة الالتهابات والسرطان، بيد أنّ بعض الأورام قادرة على تطوير دروع واقية، ما يؤدي إلى فشل العلاج الكيميائي وجهاز المناعة وأية عقاقير أخرى. أمّا علاج المناعة فيدمّر الدروع الواقية ويدرّب الجسم على كيفية محاربة الأورام. وتبلغ تكلفة العلاج 100 ألف باوند للمريض الواحد في العام، يخضع خلالها للعلاج كلّ بضعة أسابيع. تتوفّر بعض أنواع العلاج لدى خدمات الصحة العامة، وتنتظر العقاقير الأخرى التصديق عليها من الهيئات التنظيمية الأوروبية. وفي المقابل، قال دكتور جيمس لاركن، وهو مستشار في مستشفى رويال مارسدن، إنّه ينبغي الحذر في استخدام كلمة علاج، على الرغم من أنّ بعض المرضى تخلّصوا نهائياً من سرطان الجلد ويعيشون حياة طبيعية. مشيراً إلى أنّ العلاج قد لا يكون فعّالاً على جميع المرضى، بل نجح على نسبة 25 إلى 50 في المئة من المرضى، لأنّ الأمر يعتمد على نوع الورم. ويأمل الخبراء أن يكون علاج المناعة فعّالاً على نسبة 50 في المئة من المرضى كحد أدنى.
مشاركة :