الإنسان أم الاقتصاد.. المعادلة الصعبة!

  • 4/21/2020
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

فيروس كورونا أوجد لدينا معادلة صعبة تتمحور حول: «هل الإنسان يأتي أولاً أم الاقتصاد الذي يصنعه الإنسان السليم المعافى؟!». في بلدنا، السعودية العظمى، قدمنا الإنسان على الاقتصاد، لأنه بدون إنسان معافىً فإنه ليس هناك اقتصاد معافىً. المعادلة الصعبة في بلدنا فهمناها واستوعبناها بالكامل لأن تركيزنا على الإنسان، وأنه محور التنمية، وهذا «الفهم والاستيعاب» لهذه المعادلة ليس وليدة اليوم بل «متجذر» منذ تأسيس المملكة، على يد الموحد المغفور له بإذن الله الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه-، بدون الإنسان ليس هناك اقتصاد، وبدون الإنسان ليس هناك أمن، وبدون الإنسان ليس هناك مزارع لنأكل منها، وبدون الإنسان ليست هناك صحة، وبدون الإنسان ليس هناك تعليم، وبدون الإنسان ليست هناك تجارة، وبدون الإنسان ليست هناك عبادة لله سبحانه وتعالى، إلى غيرها من الأدوار التي يقوم بها الإنسان المعافى السليم. في حين المقابل في الغرب والشرق تم تقديم الاقتصاد على الإنسان، فسبقت الماديات الإنسانية فانتشر هذا الفيروس فيها. فحماية وصون الإنسان والمحافظة على حياته، لكي يعطي وينتج ويبدع في جميع المجالات السابق ذكرها، في الغرب والشرق، أصبحت أولوية ثانية وليست أولية أولى؟! والنتيجة تعطل الاقتصاد الذي يقوده الإنسان، والذي عطله وشلَّ حركته هو هذا الفيروس القاتل، فأصيب الاقتصاد العالمي بالشلل التام. في السعودية،كما أسلفنا، تعاملنا وبشكل متميز مع تلك المعادلة الصعبة التي لم تفهمها تلك الشعوب المتقدمة، والتي تنظر إلى الإنسان على أنه «آلة» بالإمكان تشغيله في أي وقت ومتى ما توقف يتم استبداله؟!. الإنسان هو من صنع الآلة، وبعدما صنعها وتفنن فيها حلت محله. الفيلسوف والعالم «إيرك فروم» لم يذهب بعيداً عندما قال، قبل أكثر من نصف قرن من الزمان، أن الآلة عندما دخلت حياة الإنسان تعطل الإنسان، وأطلق على ذلك مفهومه الشهير، والذي يدرس إلى الآن، وهو»الاغتراب»، فبدخول الآلة التي صنعها الإنسان أصبح الإنسان عبداً لتلك الآلة، فأصبحت وظيفته فقط مراقبة الآلة. نعود للغرب والشرق، الذي يريد فتح المصانع لتلك الآلة، وبغض النظر عما يصيب الإنسان من أمراض فأصبح الإنسان مساوياً للآلة التي ابتكرها واخترعها، وعندما يتعطل الإنسان، ويكون خارج الخدمة، فإن بالإمكان استبداله؟!. معادلة الإنسان والاقتصاد بالفعل معادلة صعب فهمها في ظل فيروس كورونا. وهو الفيروس الغامض، الذي حير العالم، ولا يعرف من أين أتى، هل من الحيوان أو أنه «تخرج» من معاهد ومعامل ومختبرات أبحاث؟!.. رفع الحظر المفروض للحد من انتشار فيروس كورونا من أجل أن لا يتهاوى الاقتصاد العالمي ليس فحسب هو قمة الغباء والإهانة للإنسانية بل إنه فناء للبشرية جمعاء. أصحاب «نظرية التعايش» مع فيروس كورونا، حتى لا تتهاوى اقتصاديات العالم، وتتوقف عجلة التنمية فيها، هم في الحقيقة أصحاب نظرية فاشلة، وحتى لو كان أصحاب هذه النظرية، الذين يراهنون على موت كبار السن، والتخلص منهم بهذا الفيروس، والذين أصبحوا في نظر معتنقي تلك النظرية منتهي الصلاحية؟!، فإن الجانب النفسي لمن هم أصغر منهم سناً سوف يؤثر تأثيراً سلبياً على إنتاجيتهم عندما يتعايشون مع فيروس غامض قاتل يهدد حياتهم وأسرهم في أية لحظة. بيت القصيد هنا هو التريث ومحاصرة هذا الفيروس، والقضاء عليه حتى لو استغرق وقتاً أطول هو أفضل بكثير، وبدون أدنى شك، من المجازفة وتعريض حياة الآخرين للخطر بفيروس خفي غامض لا يوجد له لقاح ولا علاج حتى هذه اللحظة.

مشاركة :