قراءة في قراءات بشأن الجائحة

  • 4/23/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

المتتبع لما حدث بعد ظهور «كوفيد - 19» انطلاقا من الصين، وانتشارا بشكل سريع، وكبير في معظم أنحاء العالم، يمكنه أن يصنف ردود الفعل والتصورات لما ستؤول إليه الأمور عدة تصنيفات حسب الأفراد، والحكومات، والمواضيع. والأفراد يمكن تصنيفهم إلى عامة الناس، والمفكرين، وقادة الرأي، والمختصين، والعلماء. وما يخص الأفراد، فعامة الناس، منهم من يتابع ما ينشر عبر الإعلام من توجيهات، وإرشادات، ويتبعها؛ إدراكا منه بأهمية المحافظة على النفس، لكن في الوقت نفسه يوجد آخرون غير مبالين بالموضوع؛ ما تسبب في إصابتهم، وتسببهم في إصابة من يخالطون من أهل، وأقارب، وزملاء عمل. يضاف إلى هذه الشريحة من تضرروا من العزل المنزلي، أو فصلوا من جهات عملهم، التي رأت أن صرف رواتب دون عمل يتسبب في خسارة للشركة، أو المصنع، حيث خرج الناس مطالبين بالسماح لهم بالعودة إلى العمل، كما حدث في ولاية مينيسوتا؛ مع ما يمكن أن يترتب على ذلك من أضرار صحية عليهم، سواء في تجمهرهم، أو عودتهم إلى العمل. قادة الرأي، والمفكرون اهتمامهم منصب على الآثار المتوقعة في العلاقات بين الدول، وكذا علاقة الدول بشعوبها، فروبن نيبليت؛ يرى أن كورونا يمثل القشة التي قصمت ظهر العولمة؛ لمصلحة القوة الاقتصادية، والعسكرية للصين على حساب الولايات المتحدة، أما ستيفن والت؛ الأستاذ في جامعة هارفارد، فيرى أن العالم سيكون أقل انفتاحا، وازدهارا، ويرى أن العالم ينتظره مستقبل سيئ، أما كايشور ماهبوباني؛ الأستاذ في الجامعة الوطنية السنغافورية، فيرى أن العالم سينتقل من العولمة الأمريكية إلى العولمة الصينية، كما اهتمت هذه الشريحة بما يمكن أن يكون عليه سلوك الناس بعد كورونا في تنظيم حياتهم ومدى استثمارهم الأزمة في تعديل سلوكهم. آخرون يرون أن كورونا ستنتج عنه تقوية الحكومات في وجه الشعوب، والتدخل في شؤون الناس الخاصة، ومن هؤلاء شايف مانون؛ مستشار سابق للرئيس الهندي. أما ريتشارد هاس، فيرى أن كثيرا من الدول ستكون في عداد الدول الفاشلة؛ نظرا لعدم قدرتها على إصلاح ما أفسده كورونا في تعطيل عجلة الإنتاج، وتردي الأحوال المعيشية للناس؛ لافتقادهم وظائفهم، وارتفاع أعداد من تقدموا بطلب المعونات الحكومية. الحكومات يمكن تصنيف مواقفها إزاء «كوفيد - 19» إلى دول تعاملت بتراخ وبطء في اتخاذ الإجراءات لحماية الناس؛ ما زاد من أعداد الإصابات، والوفيات؛ نتيجة التأخر في فعل أسباب الحماية، والوقاية، ومن الأمثلة على هذه الدول فرنسا، إسبانيا، إيطاليا، بريطانيا، وأمريكا؛ مغلبة في هذا الفعل الجانب الاقتصادي، معلنة شعار المناعة الجماعية، وتقابلها دول أخرى اتخذت إجراءات حاسمة في مواجهة الخطر الداهم، وترتب على ذلك محاصرة الوباء، وجعل آثاره في نطاق ضيق، كما فعلت المملكة، ودول أخرى. كما أن بعض الحكومات انشغلت بمعرفة أسباب ظهور «كوفيد - 19»، وأخذ الموضوع منحى تبادل الاتهامات بين الصين، والولايات المتحدة، حيث تتهم الصين الولايات المتحدة بأنها التي نقلت الفيروس إليها مع اللاعبين الذين شاركوا في إحدى التصفيات، ورموا الفيروس في سوق الماشية، أما أمريكا فتتهم الصين بأن الفيروس تسرب من أحد المختبرات، ودللت على ذلك برداءة إجراءات السلامة، وساندت أوروبا أمريكا في هذا الموقف؛ بل إن أمريكا بدأت تطالب الصين بتعويضات عن الخسائر، وألمانيا هي الأخرى تقدمت للصين بفاتورة بلغت 130 مليار يورو. القضايا الطبية، انشغل بها الأطباء العاملون في القطاع الصحي، إذ انصب اهتمامهم على كيف يتقي الناس الإصابة بالمرض، وإجراءات الوقاية، من نظافة، وبقاء في المنزل، وتجنب للتجمعات، كما تناول اهتمام هؤلاء العلاج الممكن إنتاجه؛ لتستفيد منه البشرية، وما من شك أن ميدان هؤلاء في المختبرات والمعامل لاختبار العلاج الناجع، حتى تحول موضوع العلاج إلى قضية تتسابق عليها الدول؛ لذا تكثر التصريحات من هذه الدولة، أو تلك أن علماءها توصلوا إلى علاج، وأنه قيد التجربة، حتى إن رؤساء الدول أمثال الرئيس الفرنسي، والصيني، والأمريكي ما بين فترة وأخرى يطلقون تصريحاتهم لمكاسب سياسية داخلية، ومكاسب سياسية لدولهم على مستوى العالم. الجانب الاقتصادي يمثل حلقة أساسية في الموضوع، ذلك أن الدواء فيما لو أنتجته دولة من الدول سيتحول إلى مورد اقتصادي ضخم، يدر مليارات الدولارات، وهذا جانب إيجابي يحفز العلماء، والمختصين في مجال الفيروسات والأوبئة على شحذ الهمم، وإشغال العقول للوصول إلى عقار يسهم في الحد من الوفيات. المشهد كما هو واضح، الغرب يتحرك ضد الصين في محاولة لإدانتها، ومن ثم ابتزازها، في حين أن التنين غير مهتم بالضجيج الذي يوجه نحوه، أما باقي المجتمعات، فبعضها منشغل بنفسه، والبعض الآخر غير آبه بما يحدث، عدا كتاب من هنا وهناك، يدرك القارئ ميل بعضهم لطرف ضد الآخر بتأثير من مصلحة خاصة، أو أيديولوجيا يؤمن بها.

مشاركة :