يقدم الشاعر عبدالرزاق الربيعي في كتابه "أرواح ثكلى في كوكب مريض" قراءة للوحة التراجيدية التي رسمتها جائحة كورونا، وهي لوحة طغى عليها التشاؤم والقلق وعدم اليقين، لكنها لم تخل من إشراقات وتعلّق بالأمل. وصدر الكتاب عن الجمعية العمانية للكتاب والأدباء بالتعاون مع "الآن ناشرون وموزعون" في الأردن، وهو واحد من 34 إصدارا اضطلعت بها الجمعية هذا العام، وتنوعت موضوعاتها بين الشعر والرواية والقصة والمسرح والمذكرات والمقالات والبحوث العلمية والدراسات النقدية وأدب الطفل والتاريخ الاقتصادي والاجتماعي لسلطنة عمان. وضم الكتاب إضافة إلى المقدمة 82 مقالا وثقت مجموعة كبيرة من الأحداث المواكبة للجائحة، وبسط المؤلف خلالها مشاهداته الخاصة ووجهات نظره في الكثير من تلك الأحداث. جاءت نصوص الكتاب تأملية في خليط من يوميات ومقاطع شعرية ومقولات وتداعيات ورسائل وحكايات ومشاهد بصرية وأراد الربيعي أن تكون قراءته مفتوحة على الأجناس الأدبية جميعها، وقائمة على التداعيات الحرة للمشاعر والعواطف، فجاءت نصوصه خليطا من يوميات ومقاطع شعرية ومقولات وتداعيات ورسائل وحكايات ومشاهد بصرية، ضمن إطار سردي يتداخل في نسيجه الحاضر والماضي. وقال الربيعي في مقدمة الكتاب إن قبول القراء لعمل يتحدث عن جائحة كورونا وسط الحالة القاتمة التي واكبت الحدث في بدايته، مثل تحديا له، لكنه قرر خوضه. وأضاف في هذا الصدد “منذ الأيام الأولى لتفشي فايروس كورونا، وقبل إعلان منظمة الصحة العالمية في يوم الحادي عشر من مارس 2020 تصنيفه جائحة عالمية، ووصوله إلى مسقط أواخر فبراير 2020، بدأت تدوين كل معلومة جديدة، وتفصيل يتعلق به، دون تخطيط مسبق، لجمعها في كتاب، فالأفكار مثل البيوض، بعضها تحمل أجنة ومشاريع حيوات جديدة، وهناك بيوض فاسدة، لكنني كنت أدرك أن العالم يمر بحدث كوني، مفصلي، في التاريخ، ستكون له تداعياته وانعكاساته على أنشطة الحياة بشكل عام”. وشكلت جائحة فايروس كورونا المستجد أزمة صحية غير مسبوقة عبر العالم تسببت في مئات الآلاف من الوفيات، وأثرت سلبا على اقتصادات الدول، لكن كان لها أيضا وقع نفسي كبير على الناس باعتبار حالة القلق والذعر التي خلقتها في نفوسهم، لذلك تحتاج مقاربتها اليوم إلى عقلانية كبرى خاصة بما ستتركه خلفها من ضحايا ومن تغيرات جذرية نفسيا واجتماعيا وحتى ثقافيا. ونقل الربيعي توقّع الباحثين حدوث ثورات بعد الجائحة بسبب ارتفاع معدلات البطالة والتردي الاقتصادي. لكنه أشار إلى الدور الذي ينبغي أن تضطلع به الحكومات لامتصاص تداعيات الجائحة، وبين أن هذه الأزمات والثورات تظل خطرا داهما “ما لم تضع الحكومات معالجات سريعة تخفف من وطأة الجائحة على حياة الناس، إلى جانب حروب أخرى بدأت مؤشراتها تظهر في عالم فور أن يخرج من أزمة يدخل في أزمة أكبر”، مشيرا إلى أن الكل سيخرج خاسرا إن لم ينظر إلى الأمور بعين العقل والحكمة. ومن الجدير ذكره أن الربيعي شاعر وكاتب مسـرحي، وهو نائب رئيس مجلس إدارة النادي الثقافي في سلطنة عمان، وصدر له منذ ثمانينات القرن العشرين ما يزيد على 40 مؤلفا تنوعت موضوعاتها ما بين الشعر والمسرح والدراسات النقدية والحوارات، وغيرها من مجالات الإبداع.
مشاركة :