القارئ.. بين جاذبية الكتاب الورقي ووفرة الإلكتروني

  • 4/24/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

الشارقة: أوميد عبدالكريم إبراهيم فرضت أزمة فيروس كورونا المستجد، أنماطاً من السلوك كان الناس قد عزفوا عنها منذ فترة طويلة، لاسيما في ظل الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها حكومات العالم أجمع لمنع تفاقم الأزمة، ومن ضمنها دعوة المواطنين إلى البقاء في منازلهم قدر المستطاع، فضلاً عن إلغاء أغلبية المناسبات والفعاليات بمختلف أشكالها ومجالاتها السياسية، الرياضية، الاجتماعية، وكذلك الثقافية، الأمر الذي يطرح عدداً من الأسئلة الملحة في هذا السياق، من بينها: هل سيحافظ الكتاب الورقي على هويته ويستمر عشاقه وقراؤه بتداوله، أم أن الكتاب الرقمي سيحل محله؟ يُجمع عدد من الكُتّاب والمثقفين الإماراتيين في استطلاع أجرته «الخليج»، على أن الكتاب الورقي المطبوع سيحافظ على مكانته حتى وإن زادت نسبة الإقبال على الكتب الرقمية خلال أزمة كورونا، وتباينت أسباب هؤلاء الكُتّاب والمثقفين في هذا الإطار، فمنهم من عزا السبب إلى أن القراءة الإلكترونية متعبة وتستهلك جهداً أكبر، وتتحكم فيها عوامل مثل توفر الطاقة والإنترنت، كما يفتقد القارئ المتعة والعلاقة الأزلية التي نشأت بينه وبين الكتاب الورقي، فيما أرجع آخرون السبب إلى أنه لا يوجد قارئ إلا ويمتلك في منزله مكتبة لم تسنح له الظروف بقراءة بعضها، كما أجمعوا على أن هذه الأزمة فرصة سانحة للتفرغ للقراءة والكتابة نظراً للتواجد في المنازل لفترات طويلة. متغيرات كثيرة تقول الأكاديمية د. حصة لوتاه: إن أزمة كورونا فرضت نفسها في أشكال مختلفة؛ حيث أسهمت في زيادة القراءة بحكم تواجد الناس في بيوتهم، لكن لا علاقة للأزمة بالقراءة الإلكترونية أو الورقية، لأن القارئ المتعلق بالكتاب الورقي ما زال على حاله، أما بالنسبة لقارئ الكتاب الإلكتروني فقد يكون السبب هو عدم توفر كتاب معين بصيغة ورقية، كما أن هناك متغيرات كثيرة تحدث، لكن ذلك لا يؤثر على هوية الأشياء، والمسألة بشكل عام تتوقف على ذوق القارئ نفسه إن كان يميل للكتاب المطبوع أو الإلكتروني، وأعتقد أن الأزمة زادت من عدد القراء، أما بالنسبة لاستمرار الكتاب المطبوع فلا أعتقد أن ذلك مرتبطاً بأي شكل من الأشكال بالأزمة الراهنة. أزمة عابرة يرى الكاتب إبراهيم مبارك، أن الإقبال على القراءة الإلكترونية خلال «كورونا» سيكون أكبر مقارنة بالفترات الماضية، لكن أعتقد أن المسألة تختلف من شخص إلى آخر، لأن القراءة الإلكترونية متعبة مقارنة بالقراءة العادية، وهناك عوامل أخرى تلعب دوراً في هذا السياق، كسرعة أو توفر الإنترنت، أما الكتاب المطبوع فيمكن اصطحابه إلى أي مكان، حتى وإن كان في مكان خال من أي شيء، وأنا شخصياً لا أحبذ القراءة الإلكترونية، وهذه الأزمة ستنتهي بإذن الله، وسيكون متاحاً للإنسان التنوع في القراءة وكذلك الكتابة، ولا أعتقد أن يضيع الكتاب الورقي المطبوع وسط الأزمة العالمية الراهنة، لأن هذا الوضع أو الأزمة حالة غير طبيعية ويمكن أن نشبهها بالإقامة الجبرية، وهذا لا يناسب الكاتب الذي يحتاج إلى قدر كاف من الحرية لكي يبدع. علاقة تفاعل يتناول الشاعر حسن النجار الموضوع من زاوية أخرى، ويقول: إناك من يعيش على القراءة الإلكترونية واعتاد عليها، لكنني شخصياً لم أتمكن من التعود عليها، لأن القراءة من الكتاب الورقي فيه نوع من التفاعل والعلاقة، وقد اعتدنا على طقوس هذه القراءة، ولا شك في أن أي كاتب أو قارئ لديه مخزون من الكتب الورقية، وهذه الأزمة فرصة للمزيد من القراءة، والمسألة تتوقف على المزاج العام للقارئ أو الكاتب، ولا أتوقع أن تسهم الأزمة في التوجه بشكل عام إلى القراءة الإلكترونية، لأن الكتب يمكن أن تصل لمن يطلبها حتى الآن؛ بل هناك مبادرات جيدة من قِبل بعض دور النشر التي تعرض كتبها حتى تاريخ معين، وأعتقد أن «الورقي» سيحافظ على مكانته ومحبيه. مستقبل القراءة يؤكد الكاتب إبراهيم الهاشمي أنه لا شك في أن أي كاتب يمتلك مكتبة في منزله، ولكن ذلك لا يغنيه عن القراءة الإلكترونية، خصوصاً إذا كان لديه بحث ما أو يسعى للتقصي عن موضوع معين، لكنني شخصياً نشأت على رائحة الكتاب الورقي، ولا أحبذ «الإلكتروني» كثيراً، وأعتقد أن هذه هي الفترة المناسبة للتعمق في الكتابة والتنوع فيها، حيث يوجد متسع كبير من الوقت للقراءة والكتابة، وفي ذات الوقت أرى أن التباعد الجسدي الحاصل اليوم خلق فرصة أكبر للتعامل الإلكتروني، خاصة في الندوات والفعاليات الثقافية المختلفة، وربما توضح هذه التجربة كيف سيكون مستقبل القراءة. الكم والكيف يستذكر الشاعر أحمد المطروشي مقولة هيغل: «الناس بين الكم والكيف»، ويضيف أن هذا يعتمد على مزاج البشر، فمن يلجأ إلى الكم يفضل التقارير اليومية الرقمية ويتفاعل معها، أما المؤمنون بالكيف فهم يفضلون ما يصنعونه بأنفسهم، وأنا أفضل الكتاب المطبوع دائماً، فهو على سبيل المثال وليس الحصر لا يحتاج إلى استخدام الطاقة من كهرباء وبطارية، أو إنترنت وغيره، ومع أن الكثيرين قد يلجؤون إلى القراءة الإلكترونية مستقبلاً، لكن الكتاب بشكله التقليدي لن يختفي وسيحافظ على بقائه كما هو، وأعتقد أن الكتاب الورقي سيظل أزلياً، فقد تطورت التكنولوجيا إلى درجة كبيرة حتى الآن، لكن الكتاب ما زال يُحمل، وهو محافظ على بقائه. فرصة سانحة يشير الشاعر خالد الظحناني، إلى أن أزمة كورونا أسهمت في ارتفاع منسوب القراءة، فحتى من لم يكن يقرأ بدأ بالقراءة، ومن جهة أخرى هناك كتب مكدسة لدى الكُتاب وأنا واحد منهم، وإذا كانت مشاغل الحياة قد منعتنا من قراءتها كلها، فهذه فرصة لقراءتها، أما بالنسبة للقراءة الإلكترونية، فإن الكثير من القراء توجه إلى الكتب الإلكترونية والتطبيقات، خاصة من ليس لديهم كتب مطبوعة، وعليه أعتقد أن الأزمة نفعت الطرفين، لكن ربما يتأثر الكتاب الورقي بعد أزمة كورونا؛ حيث يمكن أن يستمر من تَعوّد على القراءة الإلكترونية على نفس النسق عقب انقضاء الأزمة.

مشاركة :