تجعلك تصدق ما لا يُصدّق

  • 4/25/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

د. حسن مدن هكذا وصفت المخرجة وكاتبة السيناريو الإيرانية المقيمة في المهجر بأمريكا، شيرين نِشاط، رواية مواطنتها شَهرنُوش بارِسيبُور: «نساء بلا رجال» التي صدرت عن دار (صفحة 7) السعودية في ترجمة وضعها عبدالكريم بدر خان، علماً بأن شيرين نِشاط حوّلت الرواية إلى فيلم، جعل الكاتبة تقول إن «نساء بلا رجال» باتت تنتمي إلى شيرين بمقدار ما تنتمي إليها. كاتبة الرواية، هي الأخرى، وجدت نفسها مضطرة لمغادرة إيران، لتقيم، بدورها، في الولايات المتحدة الأمريكية، بعد أن تكرر سجنها في بلادها، إذ مكثت في إحدى المرات نحو أربع سنوات ونصف السنة، فيما كان صدور روايتها هذه بالذات سبباً آخر لإعادتها إلى السجن، وصودرت الرواية وكافة كتبها من المكتبات، علماً أن الكاتبة نفسها، المولودة في العام 1946، سبق أن تعرضت للسجن في عهد الشاه أيضاً بسبب معارضتها له. تدور أحداث الرواية على خلفية المظاهرات التي كانت تملأ شوارع طهران في العام 1953 انتصاراً لرئيس الوزراء في حينها، الدكتور محمد مصدق، المحمول على موجة من التأييد الشعبي العارم، قبل أن يطيح به انقلاب عسكري تورطت فيه المخابرات المركزية الأمريكية، لكن لم يكن من شأن الرواية أن تتناول الحدث السياسي المباشر، حيث اختارت الكاتبة أن تختبر معنى الثورة في حيوات خمس من النساء المتمردات على البيئة المحيطة، والآتيات من بيئات اجتماعية مختلفة، يجدن أنفسهن في مزرعة معزولة خارج طهران، في تعبير عن التمرد لا على السلطة الذكورية وحدها، وإنما على كامل منظومة القيود التي تعيق تطور المجتمع برمته. في الرواية ما يذكرنا بأجواء «الواقعية السحرية» في أدب أمريكا اللاتينية، ولعلنا نتذكر كيف طارت ريميديوس الجميلة إلى السماء في «مئة عام من العزلة» حين خرجت لنشر الغسيل في فناء البيت واختفت، ولم يجعلنا ماركيز نشك للحظة في «صحة» هذا الزعم. لاحقاً قال إن الحقيقة هي أن المرأة هربت مع رجل تحبه، ولكن أهلها اخترعوا حكاية طيرانها للتمويه، فوجد في رواية العائلة ما هو أكثر تشويقاً من الحقيقة نفسها. سنعثر في «نساء بلا رجال» على حكايات مشابهة، كأن تتحول امرأة إلى شجرة، أو نجد رجالاً بلا رؤوس، لكن علينا أن نفتش خلف هذه الصور عن القوة المجازية، فاختفاء الرؤوس، مثلاً، لا يعني سوى غياب العقل. في الرواية لا نتعرف على حياة ومصائر بطلاتها فحسب، وإنما على خصائص المجتمع الإيراني، اجتماعياً وثقافياً، في مرحلة فاصلة من تاريخه، تعيننا على فهم ما يدور فيه اليوم. madanbahrain@gmail.com

مشاركة :