مع حلول شهر رمضان المبارك أقدمت الميليشيات الحوثية في صنعاء وبقية المناطق الخاضعة للجماعة على افتعال أزمة جديدة في غاز الطهي في مسعى للتكسب من وراء رفع الأسعار وبيع المادة الحيوية في السوق السوداء، بحسب ما أفادت به مصادر محلية تحدثت لـ«الشرق الأوسط».وقالت المصادر إن قادة الجماعة الحوثية المسؤولين عن توزيع أسطوانات الغاز المنزلي حرصوا منذ أكثر من شهر على افتعال الأزمة وعدم توزيع الأسطوانات على الأحياء في العاصمة صنعاء وهو ما دفع الكثير من العائلات إلى السوق السوداء للحصول على مبتغاهم بأسعار مضاعفة.وعادة ما يزداد الطلب في رمضان على أسطوانات الغاز المنزلي غير أن الجماعة الحوثية تستغل مثل هذه المواسم لمضاعفة معاناة السكان عبر افتعال أزمات الوقود والغاز وبيع أغلب الكميات في السوق السوداء.وذكرت المصادر أن آلاف الأسر في أحياء العاصمة لم يتمكنوا من الحصول على هذه المادة الحيوية منذ أسابيع، نتيجة تعمد الجماعة الحوثية إخفاء كميات كبيرة من الغاز بهدف افتعال أزمة جديدة.وكانت الجماعة الانقلابية عملت على افتعال عشرات الأزمات خلال السنوات الخمس الماضية وهو الأمر الذي مكنها من جني مليارات الريالات من بيع الوقود في السوق السوداء وتسخير العائدات لإثراء قادتها والإنفاق على المجهود الحربي.وفي حين برزت الأزمة أكثر من حولي شهر بشكل مفاجئ، ما يوحي بأنها مفتعلة من قبل جماعة الحوثي، شكا سكان في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» من قيام المشرفين الحوثيين بالاستيلاء على أغلب الأسطوانات المخصصة للأحياء وإخفائها في أماكن مجهولة من أجل تصريفها في السوق السوداء.وعلى ذات الصعيد، كشف عاملون في شركة الغاز الخاضعة لسلطة الانقلابيين الحوثيين بصنعاء، عن قيام قادة الجماعة بإخفاء نحو 15 ناقلة محملة بالغاز المنزلي كانت في طريقها للشركة ومخصصة لعدد من أحياء وحارات ومناطق في العاصمة، ما تسبب في وقوع أزمة خانقة مع قدوم شهر رمضان.وأشار العاملون الذين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» وفضلوا عدم ذكر أسمائهم خوفا من بطش الجماعة الحوثية إلى أن قادة الجماعة يسعون من راء تلك الخطوة التي وصفوها بـ«غير الإنسانية» للاتجار بهذه المادة الأساسية وبيعها في السوق السوداء لتدر عليهم مبالغ مالية مضاعفة.وفي الوقت الذي تشهد فيه المحافظات التي تحت سيطرة الحكومة الشرعية انخفاضا في أسعار الغاز المنزلي وأسعار الوقود عامة واصلت الجماعة الانقلابية في مناطق سيطرتها بيع كافة المشتقات النفطية بأسعار مرتفعة مقارنة بالأسعار في مناطق سيطرة الحكومة.ويصل سعر الأسطوانة الغاز رسميا عبر مسؤولي الأحياء في صنعاء إلى 4 آلاف ريال في حين يصل سعرها رسميا في محطات تعبئة السيارات إلى 5500 ريال. وفي ذات الوقت يتراوح سعر الأسطوانة في السوق السوداء في صنعاء بين 8 و12 ألف ريال (الدولار حوالي 600 ريال).ومنذ فترة طويلة يشكو سكان العاصمة صنعاء ومدن يمنية أخرى خاضعة لسيطرة الميليشيات من صعوبة الحصول على أسطوانات غاز الطهي، نتيجة استمرار الجماعة بالتحكم بتوزيعها وبيعها عبر عقال الحارات الموالين لها، بالإضافة إلى بيعها في السوق السوداء التي تسيطر عليها قيادات حوثية رفيعة.ويشكو «أحمد. ع» وهو أحد السكان في حي التحرير وسط العاصمة من انعدام مادة الغاز المنزلي وكذا من الظروف المعيشية الحرجة التي يمر بها اليمنيون، ويستغرب في حديثه لـ«الشرق الأوسط» من تزامن أزمة الغاز قبيل شهر رمضان مشيرا إلى وجود عصابات كبيرة حوثية تسعى لجني الأموال على حساب معاناة اليمنيين.وأضاف: «للأسف أزمة الغاز المفتعلة جاءت لتضيف معاناة جديدة إلى حياتنا المعيشية المتعبة أصلا، في ظل انقطاع الرواتب وشلل أصاب الحركة التجارية، وتعدد الأزمات الاقتصادية».ويؤكد أحمد وهو أب لستة أولاد أن غالبية اليمنيين في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة التي رافقها ارتفاع في أسعار المواد الغذائية غير قادرين أبدا على اقتناء أسطوانة الغاز من السوق السوداء نتيجة لارتفاع سعرها.ونتيجة حرمان الكثير من الأسر في صنعاء من الحصول على مادة الغاز المنزلي عبر عقال الحارات الموالين للجماعة الحوثية، تقوم أم عبد الله، وهي تقطن في حي البليلي بصنعاء، بعد أن عجزت من الحصول على مادة الغاز بجمع أعواد الأشجار المتساقطة ومخلفات البلاستيك والكراتين لاستخدامها في الطهي.وفي الوقت الذي تحتاج الأسر المتوسطة العدد في صنعاء لاستهلاك أسطوانتي غاز على في الشهر الواحد، أفاد «يحيى.س» وهو من سكان حي الحصبة بأنه غالبا ما يلجأ للسوق السوداء للحصول على أسطوانة غاز ثانية لأنه لا يحصل في الشهر إلا على أسطوانة واحدة فقط من عاقل الحارة الحوثي بسعر 4 آلاف ريال.وعلى مدى السنوات الخمس الماضية من عمر الانقلاب، شهدت العاصمة صنعاء، كمثيلاتها من المدن اليمنية الأخرى الواقعة تحت قبضة الجماعة الحوثية المئات من الأزمات المتلاحقة في مادة الغاز المنزلي وغيرها، والتي يقف وراءها عادة نافذون حوثيون.وتتعمد الميليشيات الحوثية - وفق مراقبين - افتعال الأزمات المختلفة لصرف أنظار السكان عن مقاومة الجماعة وإجبارهم على مواجهة شظف العيش والبحث عن وسائل للتغلب على المصاعب الحياتية التي تقف أمامهم.
مشاركة :