بعد ما يقرب من عقدين من المفاوضات، أكملت كازاخستان أمس المفاوضات لتصبح العضو 162 في منظمة التجارة العالمية، وبعد مصادقة فريق العمل المكلف بهذه المفاوضات على الصيغة النهائية، ستذهب الاتفاقية إلى المجلس العام للمنظمة لاعتمادها، وهي آخر خطوة من المراحل الأخيرة في عملية الانضمام. واعتبرت مفاوضات انضمام كازاخستان في منظمة التجارة العالمية، من أصعب المفاوضات التي شهدها الجهاز التجاري العالمي، وهو ما دفع روبرتو آزفيدو المدير العام للمنظمة، إلى الترحيب بالنتيجة بالقول إنها "مفاوضات صعبة أدت إلى خطوة تاريخية". وتطلبت عملية اندماج كازاخستان في منظمة التجارة، التغلب على عقبات مختلفة، لاسيما في مجالات مثل الإعانات الزراعية، تدابير الاستثمار المتصلة بالتجارة، تعديل التعريفات المتعلقة بالاتحاد الاقتصادي الأوروبي الآسيوي، وتدابير الصحة النباتية التي تنطوي على سلامة الأغذية وصحة النبات والحيوان. وكان المفاوضون الكازاخستانيون قد خاضوا مفاوضات صعبة ومطولة، للحفاظ على أقصى حد ممكن من الدعم المحلي للقطاع الزراعي. فيما لم تفصح لـ "الاقتصادية" البعثة الدبلوماسية الكازاخستانية في جنيف، عن تفاصيل حزمة الانضمام، مكتفية بالقول إن شروط الانضمام مازالت تحتاج إلى مصادقة المجلس العام. وكازاخستان هي جزء من الاتحاد الاقتصادي الأوربي الآسيوي، وهو كتلة إقليمية تضم أيضا أرمينيا، وروسيا البيضاء، وروسيا، وقام هذا الاتحاد الذي بدأ نشاطه الرسمي منذ كانون الثاني (يناير) هذا العام، على أنقاض الاتحاد الجمركي السابق الذي تم تشكيله عام 2010 بين روسيا البيضاء، وكازاخستان، وروسيا. وحاولت روسيا البيضاء، وكازاخستان، وروسيا في عام 2009 الانضمام معاً إلى منظمة التجارة العالمية كاتحاد جمركي واحد، في محاولة للالتفاف على الصعوبات التي كانت تواجهها موسكو في الانضمام للمنظمة، لكن المحاولة لم تنجح، إذ رفضت المنظمة هذا المسعى، ما دفع البلدان الثلاثة في العام نفسه إلى التراجع عن المحاولة، ومواصلة محادثاتها للانضمام بمسارات فردية. وروسيا وأرمينيا، هما البلدان الوحيدان من الاتحاد الاقتصادي الأوربي الآسيوي الأعضاء في منظمة التجارة العالمية، وبينما أصبحت أرمينيا عضواً في المنظمة منذ عام 2003، لم تنضم روسيا للمنظمة سوى منذ ثلاث سنوات (أصبحت عضويتها سارية المفعول في آب (أغسطس) 2012، بعد ما يقرب من عقدين من المفاوضات المطولة. ولما كانت حسابات منظمة التجارة العالمية لهياكل الرسوم الجمركية للاتحادات والكيانات التجارية، تختلف جذرياً عن تلك المعنية بالدول، فقد أرادت كازاخستان أن تكون سياستها الجمركية مختلطة بين الاثنين، وهو ما أضاف صفحات أخرى من التعقيد إلى محادثات الانضمام التي استغرقت فترة طويلة، حسب مصادر المنظمة. وتركزت المفاوضات مع كازاخستان إلى حد كبير على كيفية العمل داخل التزامات الاتحاد الأوربي الآسيوي، على ألا يتعارض ذلك مع قواعد وأحكام التجارة العالمية. يذكر أن المجلس العام الذي تقدم له أوراق الاتفاقية لاعتمادها، هو أعلى هيئة لصنع القرار في منظمة التجارة العالمية خارج المؤتمر الوزاري، وبمجرد تلقي الأمانة العامة للمنظمة موافقة المجلس العام، لن يبقى أمام إنجاز صفقة الانضمام سوى مصادقة مجلس النواب في كازاخستان، وبعدها ستصبح الأستانة عضوا رسميا في منظمة التجارة، وذلك بعد 30 يوما من تقديم صك تصديقها.
مشاركة :