قال لـ«الاقتصادية»، محللون نفطيون إن خسائر الطلب العالمي على النفط قد تتقلص نسبيا بفعل تسريع خطط عالمية لتخفيف تدابير الوباء، خاصة مع لجوء دول أوروبية ومدن أمريكية إلى فتح الاقتصاد تدريجيا ورفع القيود التي كانت مفروضة في بداية انتشار جائحة كورونا. ويراهن بعضهم على إجراءات خفض الإنتاج التى تطبق مطلع الشهر المقبل بمشاركة دول "أوبك" وخارجها وتقليص نحو 9.7 مليون برميل يوميا من المعروض النفطي العالمي مع احتمال زيادة هذا الخفض بسبب الخفض الطوعي وضم منتجين جدد لجهود تقليص المعروض لاستعادة التوازن في السوق. ويقول لـ«الاقتصادية»، محللون نفطيون إن كثيرا من المنتجين الأمريكيين يوجهون خامهم إلى الاحتياطي البترولي الاستراتيجي حيث إن صهاريج التخزين التجارية قريبة من الوصول إلى طاقتها القصوى، لافتين إلى أن إعادة فتح الاقتصاد الأمريكي ستكون حاسمة بالنسبة لاستهلاك الخام وعلى الأرجح يمكن أن تقدم دعما جيدا للطلب ما يحسن فرص تعافي الأسعار. وأوضح المحللون أن بعض التقديرات الدولية تشير إلى خسائر الطلب على النفط الخام في الربع الثاني قد تصل إلى 30 مليون برميل يوميا، مشيرين إلى أن خسائر الطلب قد تتقلص إذا مضت الولايات المتحدة وأوروبا والصين في خطة تخفيف تدابير الوباء بوتيرة أسرع خاصة ما يتعلق بالطلب على المنتجات النفطية. وفى هذا الإطار، يقول جوران جيراس مساعد مدير بنك "زد إيه إف" في كرواتيا، إن الضغوط الهبوطية على الأسعار تتسع في ضوء تباطؤ نشاط المصافي وارتفاع مخزونات البنزين والديزل لافتا إلى أن التعافي الاقتصادي سيكون على الأرجح بطيئا خاصة في الشهرين المقبلين بسبب مستويات التخزين المرتفعة. وأشاد جيراس بتحرك كبار الدول المنتجة في "أوبك" وخارجها نحو بدء تخفيضات الإنتاج مبكرا وعلى رأسها السعودية، كما أبلغ محمد الرمحي وزير النفط والغاز في سلطنة عمان أمين عام "أوبك" محمد باركيندو بخطط السلطنة لتعديل إنتاج النفط طواعية كجزء من التزامها بإعلان التعاون، وأيضا إعلان خالد الفاضل وزير النفط الكويتي بأن بلاده بدأت بالفعل تعديل إنتاجها النفطي كجزء من التزامها بإعلان التعاون لدعم استقرار سوق النفط العالمية. من جانبها، ترى الدكتورة ناجندا كومندانتوفا كبير محللي المعهد الدولي لتطبيقات الطاقة، أن معظم كيانات صناعة النفط الأمريكية تتعرض لضغوط هائلة جراء انهيار الأسعار وامتلاء التخزين تقريبا حتى أن الخيار الوحيد لكثير من المنتجين صار هو إغلاق آبارهم وإشهار الإفلاس بسبب ارتفاع المديونية، لافتة إلى أن طول أمد الجائحة سيفاقم الأعباء على صناعة الطاقة في الولايات المتحدة. وأضافت ناجندا أن استهلاك الولايات المتحدة من النفط تهاوى وسجل أدنى مستوى له منذ عام 1971، موضحة أن الضبابية تهيمن على الاقتصاد العالمي وأدت إلى استمرار تقلب الأسعار فضلا عن أنه من المستحيل معرفة دقة تطورات بيانات العرض والطلب في الربع الحالي أو ما بعده، مشيرة إلى أن حالة الارتباك في الاقتصاد العالمي مرجعها بالأساس إلى صعوبة تحديد المدى الزمني لتراجع النشاط الاقتصادي أو كم من الوقت ستستغرق عملية التعافي؟ من ناحيته، يقول جون هال مدير شركة ألفا إنرجي الدولية للطاقة، إن تطبيق خفض الإنتاج لتحالف "أوبك +" مطلع الشهر المقبل مع بدايات مبكرة من بعض المنتجين هو إجراء جيد في ظل الوضع المتوتر للسوق العالمي، مشيرا إلى أن الأسعار تلقت دعما من تباطؤ وتيرة امتلاء المخزونات الأمريكية، كما من المتوقع انتعاش في الطلب في الربع الثالث بسبب إعادة فتح الشركات في الربع الثاني رغم تشكيك بعضهم في هذا الأمر. وأوضح هال أنه لا ينكر أحد أن الاقتصاد العالمي في حالة كساد ومعدلات البطالة مرتفعة حيث سيتضرر المستهلكون من نقص الدخل على مدى أشهر الحجر الصحي وتتسع أبعاد المشكلة في الولايات المتحدة مع انخفاض استهلاك النفط 30 في المائة تقريبا وتراجع نشاط المصافي 25 في المائة مقارنة بالربع الأول من العام الجاري مما وسع من حالات إغلاق المصافي. بدوره، يعتقد دان بوسكا كبير محللي بنك يوني كريديت الدولي، أن عبور الأزمة الراهنة سيحتاج إلى بعض الوقت بسب التدمير الواسع في مستويات الطلب وتعثر تمويل مشاريع جديدة في ضوء بيئة الأسعار السلبية، موضحا أنه في الوقت الحالي لا تؤدي سرعة عمليات الإغلاق إلى قرب أسواق النفط من حالة التوازن بسبب أن الإمدادات المتوقفة لا تمثل نسبة كبيرة من العرض الوفير الحالي. ولفت بوسكا إلى أن لدى عديد من المنتجين رغبة في الاستمرار في الإنتاج حتى مع تهاوي أسعار النفط نتيجة أن تكلفة إغلاق الإنتاج في بعض الأحيان أكبر من تكلفة الحفاظ على تدفق النفط وفي الأغلب ما يكون على الشركات التزامات تجاه الموردين أو شركات خطوط الأنابيب لكن تخفيضات قسرية على نطاق عالمي ستحدث بسبب انتهاء مساحات التخزين المتاحة وبالتالي فرص تعافي الأسعار حاليا ستكون محدودة.
مشاركة :