محللون: السوق النفطية تقيم خسائر هبوط الطلب بعد الفيروس الصيني

  • 1/30/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

عاودت أسعار النفط الارتفاع أمس على نحو قليل بعد موجة خسائر عنيفة تلقتها على مدار الأيام الماضية بفعل مخاوف الطلب عقب انتشار فيروس كورونا في الصين، الذي أثار حالة حادة من الذعر في أغلب دول العالم. وتلقت أسعار الخام دعما جيدا بعد إعلان نية تحالف "أوبك +" بتمديد اتفاق خفض الإنتاج إذا استمر الأثر المدمر للفيروس الصيني على مدى أطول من المتوقع، ما يؤثر سلبا بقوة في الطلب، كما تلقت الأسعار دعما مماثلا من تراجع المخزونات الأمريكية في مؤشر على تماسك مستويات الطلب نسبيا. وقال لـ"الاقتصادية"، محللون نفطيون إن مستويات الثقة والتفاؤل تعود تدريجيا إلى السوق النفطية بعد التغلب على تداعيات فترة صعبة من الخسائر السعرية المتوالية، جراء سرعة انتشار الفيروس الصيني، لافتين إلى أن النفط يواصل انتعاشته من أدنى مستوياته في ثلاثة أشهر، حيث أعاد تجار النفط تقييم مستوى المخاطر على الطلب جراء أزمة انتشار فيروس كورونا، كما تزامن ذلك مع صدور بيانات إيجابية عن انخفاض جيد في مستوى المخزونات الأمريكية. وفي هذا الإطار، أوضح جوران جيراس، مساعد مدير بنك "زد أيه إف" في كرواتيا، أن السوق ما زالت في مرحلة تقييم مستمر لحجم الخسائر المتوقعة نتيجة انتشار الفيروس، كما لم يتضح بدقة حجم التراجع في الاستهلاك العالمي من النفط، إلا أنه يمكن ملاحظة تحسن نسبي في معنويات السوق، وهو ما بدا واضحا في أداء أسواق المال وارتفاع الأسهم. ونوه جيراس إلى إعلان تحالف "أوبك+" عن تدارس جميع الخيارات في اجتماع آذار (مارس) المقبل، خاصة إذا امتد تأثير الفيروس لفترة طويلة، لافتا إلى أن الأسواق عدت أن هناك مؤشرات قوية على اتخاذ خطوة تمديد تخفيضات الإنتاج العميقة المعمول بها حاليا، التي ينتهي أمدها في آذار (مارس) المقبل، عادا أن السوق تلقت دفعة جيدة من رسائل الطمأنة لسياسات المنتجين المرنة والقادرة على التغلب مع تطورات وظروف الاقتصاد العالمي. من جانبه، يرى أندرو موريس مدير شركة "بويري" للاستشارات الدولية، أن السوق تتلقى إشارات متضاربة حول وضع الإمدادات النفطية، حيث تسود توقعات عن تخمة المعروض في الربع الأول في ضوء زيادات واسعة في إنتاج دول خارج تحالف "أوبك +"، لكن في المقابل هناك مؤشرات أخرى على أن الإمدادات النفطية قد تتقلص في جميع أنحاء العالم، خاصة في ضوء الوضع الحرج للصادرات الليبية وزيادة مخاطر الانقطاع جراء تصاعد النزاع السياسي. وأضاف موريس أن بيانات المخزونات الأمريكية جاءت إيجابية وداعمة للأسعار هذا الأسبوع، حيث ذكر معهد البترول الأمريكي أن المخزونات على مستوى البلاد تراجعت بمقدار 4.27 مليون برميل الأسبوع الماضي وهو ما يعد مؤشرا على أن الطلب العالمي ما زال في مستويات صحية وملائمة وداعمة لاستقرار السوق على الرغم من أزمة الفيروس القاتل ومن قبلها النزاعات التجارية. من ناحيته، ذكر جون هال مدير شركة "ألفا إنرجي" الدولية، أن مستوى المخاطر مرتفع بقوة في السوق النفطية، سواء بسبب العوامل الجيوسياسية أو أزمة انتشار الفيروس الصيني، منوها إلى أن القلق يحيط بقوة بالطلب الصيني بصفته المكون الرئيس في منظومة الطلب العالمي، مشيرا إلى أن المنتجين جاهزون لمزيد من تشديد العرض حتى منتصف العام على أقل تقدير للحفاظ على التوازن في ظل احتمالات ضعف الطلب. وأشار جون هال إلى أن موقف منتجي "أوبك" حمل كثيرا من الرسائل الإيجابية والمعززة لاستقرار السوق، التي تمثل شحنة من الطاقة الإيجابية للتغلب على الأجواء السلبية في السوق في ضوء تقارير عن سرعة في انتشار المرض ووجود أعداد كبيرة من المصابين ربما يفوق الوضع أثناء فترة فيروس سارس في 2003، بحسب بعض التقارير الدولية. وأضاف أن إطالة القيود الإنتاجية حتى نهاية العام، أو حتى تعميقها، ستكون في مقدمة مباحثات المنتجين في "أوبك" وخارجها عندما يلتقون في إطار الاجتماع الوزاري الموسع في فيينا أوائل آذار (مارس) المقبل، الذي يعول عليه كثيرون في تقديم دفعة جديدة للسوق نحو استعادة التوازن بين العرض والطلب، وتحييد العوامل الخارجية، التي تؤثر بقوة في أساسيات السوق. بدورها، تعتقد كسوي ساهي، المحللة الصينية والمختصة في شؤون الطاقة، أن وضع السوق ليس سلبيا بشكل مطلق، كما يتصور بعضهم، بل إن هناك عوامل إيجابية مقابلة وذات أثر واسع، ومنها أن مخزونات الخام في الولايات المتحدة تسجل حاليا أدنى مستوياتها منذ ثلاثة أشهر بعد الانخفاضات الكبيرة في كانون الأول (ديسمبر) الماضي. وذكرت كسوي أن مخاطر الطلب جراء الفيروس تقابلها أيضا مخاطر العرض، خاصة مع إعلان مؤسسة النفط الليبية أن إنتاج البلاد من النفط قد يستغرق بضعة أيام من التوقف التام بسبب تصاعد الأزمة السياسية، ما يعرض الصناعة الأكثر حيوية في البلاد للخطر، حيث تضخ حاليا 262 ألف برميل يوميا، وقد تنخفض إلى 72 ألف برميل يوميا في غضون أيام ما سيؤثر في الأسعار بشكل كبير. على صعيد تعاملات الأسواق، ارتفعت أسعار النفط لليوم الثاني أمس، معوضة جزءا من الخسائر، التي منيت بها على مدى خمسة أيام مع الحديث عن احتمال تمديد "أوبك" لتخفيضات الإنتاج، إذا أضر فيروس كورونا الجديد بالطلب، بينما أسهم تراجع المخزونات الأمريكية في صعود الأسعار. وبحسب "رويترز"، زاد سعر خام القياس العالمي برنت 58 سنتا أو 1 في المائة إلى 60.09 دولار للبرميل، فيما ارتفع الخام الأمريكي 55 سنتا أو 1 في المائة أيضا إلى 54.03 دولار للبرميل. وتضررت الأسواق المالية بسبب فيروس كورونا، الذي انتشر خارج الصين وتحاول تقييم الأثر الاقتصادي مع ارتفاع عدد الضحايا إلى 132 شخصا وتقليص شركات الطيران رحلاتها للصين. وأفادت مصادر من "أوبك" أن المنظمة تريد تمديد تخفيضات إنتاج النفط حتى حزيران (يونيو) حزيران على الأقل من آذار (مارس)، وربما تزيد التخفيضات إذا تأثر الطلب على الخام في الصين بشكل كبير نتيجة انتشار الفيروس القاتل. وذكر مصدر من "أوبك" أن "هناك احتمالا قويا لتمديد آخر ولخفض أكبر وارد"، مضيفا أن تأثير فيروس الصين في الطلب النفطي سيتضح أكثر على الأرجح خلال الأسبوع المقبل. ونقلت وكالات أنباء روسية أمس، عن نايل ماجانوف رئيس شركة تات نفت الروسية المتوسطة الحجم لإنتاج النفط قوله، إن الاتفاق العالمي لكبح إنتاج الخام يضيف مزيدا من الضبابية لخطط الاستثمار في الإنتاج، مشيرا إلى أن "تات نفت" وغيرها من الشركات تدرس مبادلة إمدادات الوقود إلى زيمبابوي بالألماس. وفي الولايات المتحدة، أظهرت بيانات معهد البترول الأمريكي انخفاض مخزونات النفط بواقع 4.3 مليون برميل الأسبوع الماضي، مقارنة بتوقعات المحللين بهبوط 482 ألف برميل، ونزلت مخزونات البنزين بواقع 3.3 مليون برميل، مقارنة بتوقعات في استطلاع بزيادة 1.3 مليون برميل. من جانب آخر، هبطت سلة خام "أوبك" وسجل سعرها 60.67 دولار للبرميل مقابل 61.98 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق سادس تراجع له على التوالي، وأن السلة خسرت نحو خمسة دولارات، مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي، الذي سجلت فيه 65.26 دولار للبرميل.

مشاركة :