طبيب أنقذ البشر من مرض مرعب.. وفاز بنوبل

  • 5/1/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

مرض تضخم الغدة الدرقية المعروف أيضا بالدراق، يعتبر أحد أسوأ الأمراض التي قد تصيب الإنسان حيث يعاني المصاب عقب خلل أو قصور في نشاط الغدة الدرقية من تضخم بهذا العضو الذي يأخذ شكل ورم بمنطقة الرقبة على جانبي القصبة الهوائية أسفل الحنجرة. وبسبب اختلال إفراز هرمون هذه الغدة، تعتل بعض وظائف الجسم، فيصبح المصابون أكثر عصبية، ويعانون من مشاكل بالتنفس وصعوبة في البلع ونقص في الوزن، وتظهر عليهم أيضا علامات التعب وفقدان الوعي. فيما تربط دراسات المرض بنقص اليود بنسبة 90%.عبء ثقيل وخلال القرون الماضية، مثّل مرضى الدراق عبئا ثقيلا على الأطباء حيث أرّقت عمليات استئصال الغدة الدرقية العديد منهم بسبب صعوبتها وارتفاع نسبة الوفيات بين أولئك الذين خضعوا لمثل هذه العملية الجراحية. وقد انتظر العالم قدوم الجراح السويسري إميل تيودور كوخر (Emil Theodor Kocher) ليعرف تطورا في طريقة إجراء هذه العملية التي أصبحت أكثر أمانا خاصة مع الكشف عن مضاعفات زوال الغدة الدرقية من الجسم. ولد كوخر يوم 25 آب/أغسطس 1841 بمدينة برن السويسرية لعائلة مرموقة، حيث عمل والده مهندسا لدى إحدى شركات السكك الحديدية. ومع تخرجه من كلية الطب ببرن سنة 1865، واصل إميل تيودور كوخر الدراسة بكل من لندن وبرلين وفيينا وتتلمذ على الجراح النمساوي الشهير تيودور بيلروت (Theodor Billroth). وبحلول العام 1872، أصبح كوخر مختصا في مجال الجراحة السريرية بمستشفى برن وهو المنصب الذي حافظ عليه طيلة 45 سنة. وطيلة فترة عمله، قدّم الأخير الكثير لإصلاح وتطوير مجال الطب فأيد ممارسة التعقيم وربط بين غيابها وارتفاع عدد الوفيات بالمستشفيات عقب إجراء العمليات الجراحية، كما نال تقديرا كبيرا عقب تقديمه لطريقة لإعادة تموضع الكتف المخلوع وحدّث عن أنواع إصابات رصاص البندقية بالجسم. ويذكر التاريخ أيضا إسهاماته الكبيرة في مجال علم وجراحة الأعصاب، حيث قدّم هذا الطبيب السويسري أبحاثا هامة بمجالات عدة كالارتجاج الدماغي وجراحة الأعصاب والضغط داخل القحف والصرع. إضافة لذلك، ارتبط اسم إميل تيودور كوخر بمجال الجراحة حيث وضع الأخير طريقة شق كوخر الجراحي (Kocher incision) ومناورة كوخر الجراحية (Kocher manoeuvre) كما ابتكر أداة كماشة كوخر الجراحية التي تستخدم كثيرا بطب الرضوض بسبب ممارستها لشد قوي على عدد من الأنسجة. فيما جاءت أبرز أعمال إميل تيودور كوخر في علاج مرض الدراق. وبالقرن التاسع عشر، كانت عملية استئصال الغدة الدرقية واحدة من أصعب العمليات بالنسبة للأطباء حيث بلغت نسبة الوفيات على إثرها حوالي 75%، وبسبب ذلك لم تتردد أكاديمية الطب بفرنسا في منعها. من جهة ثانية، لجأ الأطباء بأغلب الدول لإجراء هذا النوع من العمليات بالحالات القصوى التي يكون خلالها موت المصاب بالدراق أمرا حتميا. وعن طريق اعتماده على جانب من الإجراءات المعاصرة كتعقيم الجروح وتنظيفها وتقليص خسارة المريض للدم وتقنية كوخر الجراحية، ساهم الطبيب السويسري في تراجع عدد الوفيات جراء عمليات استئصال الغدة الدرقية لأقل من 14 بالمئة سنة 1884 ونحو 2.4 بالمئة فقط عام 1889. من جهة ثانية، لاحظ كوخر بعد بضع سنوات ظهور أعراض متلازمة نقص اليود الخلقي، المعروف أيضا بالقماءة، على عدد ممن خضعوا لاستئصال الغدة الدرقية سابقا فاتجه بعد جملة من الأبحاث للربط بين غياب هذا العضو من الجسم والمرض. وأمام هذا الوضع، فضّل كوخر عدم استئصال الغدة الدرقية بأكملها لدى مرضاه المستقبليين. وفي نهاية القرن التاسع عشر، تراجع عدد الوفيات عقب استئصال الغدة الدرقية لأقل من 2% بفضل أعمال كوخر الذي أجرى خلال مسيرته حوالي 5 آلاف عملية من هذا النوع، كما ساهمت أبحاث هذا الطبيب السويسري في فهم دور الغدة الدرقية بالجسم وتحديد علاج نقص الهرمونات التي تفرزها بالجسم. وكتكريم على إنجازاته وأبحاثه حول الغدة الدرقية حصل الطبيب السويسري إميل تيودور كوخر على جائزة نوبل للطب عام 1909.

مشاركة :