لا تكن عسلاً فتؤكل، ولا حنظلاً فترمى، اجعل الوسطية أساس تعاطيك مع المجتمع، فالوسطية توازن، ومنهج تعامل، لا تعامل الناس بفوقية وعنجهية وتكبر وغلظة وجفاف، اجعل من نفسك ساميًا بلا غرور، ومن عطائك بحدود وبلا إسراف، اكسب الناس والمحبين، ولا تكثر من الناقمين والمتألمين، كن طاهر القلب ساميًا، صاحب إيثار وعطاء ونفع اجتماعي، إن استجدى بك أحد اسعفه على قدر الاستطاعة والمقدرة وبلا تكلف، وأن لم تستطع فاعتذر بلطف ومودة، كن مرنًا بعقل، ولا تكن مبعدًا ومنفرًا، إن الوسطية والاعتدال في كل شيء وفي سائر العلاقات والمعاملات منهج رباني مبني على التوازن والاعتدال، إن الوسطية تعني عدم الغلو والمبالغة، وهو مفهوم يقترب من التوازن والواقعية والاقتراب من القاعدة، والبعد عن الشذوذ في كل مجالات السلوك البشري، والوسطية تعني التعايش والاحترام والإخاء وفق قيم عليا، ومبادئ راقية، ولا تعني بالضرورة الوقوف في منتصف الطريق، ولا بين الفكرة ونقيضها، وبين التوجه وعكسه، وإنما تعني حالة من التعقل والتروي وتفهم الآخر، واعتماد فضيلة الحوار المنطقي والتعامل الراقي، كمنهج وأسلوب للنقاش والتعامل والتحاور الذي يبني ولا يهدم، إن الوسطية إلى جانب معانيها اللغوية والاصطلاحية التي تنطوي على الخير، فهي تحقق للإنسان السلام الفكري والروحي، لأنها تخلق له حالة من التوازن، وتنبذ التصادم والعنف والبغضاء والنفور، إن الوسطية بحد ذاتها لا تقتصر على النواحي الفكرية والاجتماعية والسلوكية فقط، بل هي في كل شيء حتى في الاقتصاد والتربية والتعليم والعلاقات الأسرية والاجتماعية، كونها ترفع من مستويات الألفة والاستقرار والاطمئنان، إن الوسطية والاعتدال سيد المواقف والحالات، قال الشاعر: لا تكن سُكّرًا فتأكلك الناسُ ولا حنظلاً يُذاق فيُرمى لقد أجاد الشاعر فيما رسمه من منهج للتعاطي الاجتماعي، كونه اختار الاعتدال والوسطية وفق ميزان قويم لا ميل فيه ولا شذوذ، إن علينا جميعًا التعاطي اليومي مع الناس وفق هذا المبدأ الذي لا ضرر فيه ولا ضرار، إن ما نحتاج اليوم هو استلهام إرثنا الإسلامي الخالد الذي يحثنا على الوسطية والاعتدال في الأشياء كلها، ونبذ العنف والغلو والتفريط والإسراف والتشدد.
مشاركة :