تنتشر ظاهرة التسول في مكة المكرمة عند الطرق المؤدية إلى الحرم المكي الشريف، والمنطقة المركزية، وإشارات المرور، والأسواق التجارية، والمساجد، والصيدليات، ومحطات الوقود، ومكائن الصرف الآلي، خاصة مع زيادة أعداد المعتمرين وزوار بيت الله الحرام مع حلول شهر رمضان المبارك، وتشكّل النساء الوافدات من مختلف الجنسيات المخالفات لنظام الإقامة والعمل وبعض الأطفال والعجزة أغلب هؤلاء المتسولين، ممن يحاولون استعطاف المواطنين وزاور بيت الله الحرام، كما أن البعض يشجعهم على التسول بمنحهم المال، طمعاً للأجر والمثوبة في أقدس بقاع الأرض. أطفال يُستغلون ببتر أعضاء من أجسادهم وتجويعهم ليصبح تسولهم حقيقياً وقال المواطن عبدالرحمن الثقفي: إنه رغم الجهود المبذولة من الجهات المعنية، إلاّ أن المتسولين في تزايد عند مداخل مكة المكرمة، والإشارات المرورية البعيدة عن أعين الرقابة، مما يتطلب تكاتف الجهود والتعاون بين الجهات المعنية والمواطنين والمقيمين لمواجهة هذه الظاهرة. وذكر المواطن ضيف الله الذبياني أن ظاهرة التسول تنامت بشكل لافت في مكة المكرمة خلال السنوات الماضية وخاصة في الشهر الفضيل، حيث نجد محترفي هذه العادة في كثير من المواقع المؤدية إلى الحرم الشريف، وهم من مختلف الجنسيات الوافدة غير النظامية، ومن النسوة اللاتي يلبسن الزي السعودي، ويتسولن عند الإشارات، ويستعطفن الناس بالعاهات والمرض، وغير ذلك من الحركات التي يستعطفون بها القادمين للعمرة، مطالباً دوريات الجوازات، ومكتب مكافحة التسول بتكثيف جهودهما، والتضييق على المتسولين ممن يشوهون المظهر الحضاري للمدينة المقدسة. عصابات تجمع ملايين الريالات وتحولها لجهات مجهولة وأرجع عثمان مدني سبب ازدياد هذه الظاهرة إلى السلوك السلبي للمجتمع والتعاطف الشديد مع هؤلاء المتسولين والمتسولات المحترفين بدافع حب الخير والبذل والعطاء وتصديق ادعاءاتهم والعطف والشفقة عليهم، ونجدهم في تزايد خاصة في المواسم والإجازات التي يصل فيها الكثير من المعتمرين لمكة المكرمة، وتأخدهم الشفقة على من يجمعون الأموال الكثيرة دون جهد. ودعت د. نور قاروت أستاذة الشريعة الإسلامية بجامعة أم القرى أفراد المجتمع إلى البحث عن الفقراء المحتاجين فعلاً للمساعدة لتوزيع الصدقات عليهم، ممن منعهم الحياء والخوف والخجل من الخروج من منازلهم، وذلك عن طريق أئمة المساجد والجمعيات الخيرية. وقالت: "إن الذين يتسولون في الشوارع لا يُعرف الصادق من الكاذب، فهناك عصابات ترسل بعض الأطفال والمعوقين والنساء من أجل المتاجرة، وربما يصرفونها في مفاسد وأضرار وخيمة"، مضيفة أن "الصدقة تكون للفقراء الحقيقيين، وهؤلاء المتسولون عصابات ينتشرون بكل مكان ويدارون بطريقة منظمة لجمع الأموال". وأكدت زكية الصقعبي أخصائية اجتماعية أن التسول أو الاستجداء من الغير مع القدرة أو عدم القدرة على كسب الرزق سلوكيات وظواهر ازدادت ظهوراً عالمياً ومحلياً وبعض الدول تحرص على الحفاظ دولياً على مظهرها لعدم ظهور هذه الصور المؤذية للمستوى الاجتماعي والاقتصادي للبلاد وبعضها تعمل على وضع دور إيوائية مؤقتة ثم تحول المتسول للدراسة الاجتماعية في مكاتب مخصصة للتسول لمعرفة الأسباب. وذكرت الصقعبي أن النمط التقليدي الذي نراه للمتسولين في الشوارع وبين الإشارات المرورية وتحت الجسور أو في الحدائق منظم لدرجة أن الجهات الرسمية قد تكتشف ملايين الريالات لديهم والتي قد تشكل خطراً أمنياً آخر للجهل بالجهات التي ستحول إليها هذه الأموال، وهناك مشكلة استغلال الأطفال والضغط عليهم بإجراء عمليات بتر جسدي لهم أو تجويعهم ليكون التسول حقيقياً، واستغلال عاطفة الناس اتجاههم كارثة أخرى تنشئ جيلا من المضطهدين بسبب ثقافة حب المال فقد يكون المتسول مريضا نفسيا ولا يحتاج للمال ويحرم نفسه. وأفادت أنه من أجل العمل على التقليل من آثار التسول علينا وضع تثقيف خاص بكيفية مساعدة المتسول على حل مشكلته وليس الاكتفاء بمنحه المال فقط، بل يجب علينا التواصل مع مكاتب التسول لمساعدتهم وتأهيلهم جيداً بالمناسب من العمل والسكن والطعام والحياة الكريمة. وأوضح موسى المالكي مدير مكتب مكافحة التسول بمكة المكرمة أن المكتب سيشارك بعدد من المراقبين الاجتماعيين الذين سيسهمون مع اللجان في حملات وعمليات القبض، إضافة إلى دعم المكتب اللجنة بعدد من السيارات والسائقين لمساعدتها على أداء دورها على الوجه المطلوب، لافتاً إلى أنه تم التعاقد مع شركة متخصصة لدعم اللجنة بعدد من الباصات، وسيتم تكثيف هذه الحملات خلال شهر رمضان المبارك للحد من هذه الظاهرة التي لا تليق بقدسية مكة المكرمة، والرفع بتقارير مفصلة للجهات المختصة. وأردف أن المكتب يقوم باستقبال حالات المتسولين السعوديين من الجنسيين كباراً وصغاراً، ودراسة حالاتهم وإجراء البحوث الاجتماعية من قبل الباحثين الاجتماعيين؛ لمعرفة أوضاعهم ومد يد العون لهم، ويتم إحالتهم للجهات ذات العلاقة، مثل الضمان الاجتماعي والجمعيات الخيرية أو مراكز التأهيل الشامل، لتقديم المساعدات لهم وفق ما لديهم من تعليمات وأنظمة. وتابع المالكي أنه بالنسبة للأطفال المتسولين الأجانب يتم تحويلهم مباشرة إلى مركز استلام الأطفال المتسولين الأجانب بمركز الخدمات العامة بالشميسي بحكم الاختصاص لإنهاء إجراءاتهم، وبالنسبة للمتسولين الأجانب الكبار يتم تحويلهم إلى مركز الإيواء التابع لإدارة السجون.
مشاركة :