مزاعم التلاعب بالليرة تعمق متاعب تركيا الاقتصادية

  • 5/12/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تزايدت المؤشرات على عمق الأزمة الاقتصادية التركية وتخبط السلطات المالية في إيجاد سبل لتخفيف الضغوط على الليرة بسبب انحدار ثقة المستثمرين وأسواق المال العالمية بأوضاع البلاد. ويرجح مصرفيون أن يؤدي التحقيق، الذي أعلنته أنقرة مؤخرا في مزاعم بوجود تلاعب بالعملة المحلية، إلى نتائج عكسية ويجعل بعض المصارف العالمية أكثر حذرا تجاه التعامل مع تركيا. وتقول تركيا إن الليرة تواجه هجمة شرسة من بعض الأطراف الخارجية، في إشارة إلى بنوك عالمية حظرت التعامل معها الأسبوع الماضي، ما أدى إلى تراجعها مقابل العملات الرئيسية وخاصة الدولار، الذي تخطى سعر صرفه عتبة 7.2 ليرة. وتلقي السلطات التركية بالمسؤولية على بعض المؤسسات المالية النشطة وصناديق استثمارية تختص بالمضاربات يبدو أن الاقتصاد المحلي حاليا بات هدفا لها بسبب الوباء، ومع ذلك فإن الليرة أكبر ضحايا سياسات الرئيس رجب طيب أردوغان. وأشارت الوكالة التركية للرقابة المصرفية والتنظيمية (بي.دي.دي.كي) إلى أن عدة بنوك تقوم بشراء العملات الصعبة من السوق، دون أن تكون لديها سيولة من الليرة، بينما لم تف فيها بالتزاماتها تجاه البنوك التركية، متجاهلة قواعد السوق الحرة. وفي تحرك يؤكد التخبط التركي في ظل سياسات الرئيس رجب طيب أردوغان، أبدت أنقرة ليونة بشأن قرارها الذي اتخذته الأربعاء الماضي بحظر التعامل مع بنوك بي.أن.بي باريبا وسيتي غروب ويو.بي.أس غروب. وأنهت الهيئة بشكل مفاجئ الاثنين حظرا فُرض على تداول الليرة على تلك المصارف، التي تتخذ من لندن مقرا لها، بعد أن أوفت بالتزاماتها الخاصة بالنقد الأجنبي. 7.2 ليرة قيمة الدولار في سوق الصرف حاليا، وهو أسوأ انخفاض للعملة التركية منذ سنوات جاء في الخطاب الذي اطلعت عليه رويترز وأكد متحدث باسم الهيئة فحواه أن البنوك التي استهدفها الحظر الخميس بعد تسجيل الليرة مستوى قياسيا منخفضا جديدا مقابل الدولار “أوفت بالتزاماتها في إطار زمني معقول”. ومع ذلك أكد متحدث باسم الهيئة لوكالة رويترز أن التحقيق الذي تجريه الهيئة في شأن البنوك الثلاثة مستمر. لكنه لم يذكر تفاصيل. وكان رئيس بي.دي.دي.كي محمد علي أكبين قد قال لوكالة الأناضول الأحد الماضي إنه “قد يتم رفع الحظر إذا أوفت المصارف الثلاثة بالتزامات العملة المحلية للبنوك التركية”، لكن أضاف “سوف نستمر في محاربة محاولات التلاعب”. وخسرت الليرة نحو 18 في المئة من قيمتها منذ بداية العام الجاري لعدة أسباب من بينها الحروب التي يشنها أردوغان في سوريا وليبيا، في ظل ضغط من فايروس كورونا المستجد، الذي أودى بحياة 3641 شخصا بالبلاد، من بين أكثر من 135 ألفا أصيبوا بالمرض حتى الآن، وفق الإحصائيات الرسمية. وتعتقد أوساط اقتصادية تركية أنه أصبح من الصعب مضاربة المستثمرين الأجانب على الليرة بعدما تم فرض قيود على إمكانية حصولهم على السيولة من العملة المحلية، غير أن محللين يرون في ذلك مجرد تطمينات يتم تسويقها للمتعاملين في الداخل. وفرضت تركيا الحظر بعدما أخفقت محاولات التدخل في سوق الصرف وإجراءات جديدة لمكافحة التلاعب بالأسعار في الحد من انهيار الليرة. وسجلت العملة مستوى متدنيا قياسيا الخميس الماضي بعدما ألقت وسائل إعلام حكومية المسؤولية على مؤسسات مالية غير محددة عن هجمات على العملة للتلاعب في أسعارها. ورغم أن الليرة بدأت تتعافى بشكل طفيف وظهرت بوادر تقلص خسائرها بعدما ظهرت كلمة “الحظر”، لكن محللي أسواق المال يعتقدون أنها تلقت دعما ملتبسا من السلطات النقدية التركية لن يدوم طويلا. واستقرت العملة المحلية مع بداية هذا الأسبوع، غير أن الحذر لا يزال ينتاب المستثمرين بشأن استنزاف احتياطيات العملة والحاجة إلى تمويل أجنبي مع تضرر الاقتصاد جراء جائحة كورونا. ويؤكد أكبين أنه لا توجد خطط لتقييد التعليق والتحليل السوقي استنادا إلى الحقائق في أعقاب انتقاد بأن تعبير قواعد جديدة يمكن أن يجعل التعليق المالي يقع تحت طائلة المساءلة القانونية. وقال صندوق النقد الدولي في تقريره نصف السنوي بشأن آفاق الاقتصاد العالمي إن الاقتصاد التركي قد ينكمش بنسبة 5 في المئة هذا العام. وأكد أن الانخفاض في الناتج الاقتصادي للبلاد ستصاحبه زيادة في البطالة، متوقعا معدل بطالة يبلغ 17.2 في المئة بحلول نهاية عام 2020. وتوقع الصندوق بأن الانكماش الاقتصادي هذا العام يعادل هدف تركيا وهو رقم لم تراجعه الحكومة رسميا حتى الآن، مما يعني أنها لن تحقق هذا النمو على الأرجح. وبلغت البطالة في تركيا، البالغ عدد سكانها 82 مليون نسمة، 13.8 في المئة حتى فبراير الماضي، لكن محللين يقولون بأن نسب البطالة الحقيقية أكثر من ذلك بكثير. ويرى خبراء أن تركيا قد لا تكون قادرة على تلبية الالتزامات المالية الخارجية المستحقة عليها في الفترة المقبلة حيث تحتاج إلى عشرات المليارات من الدولار لتمويل ديونها المستحقة، ولكن ليس من الواضح من أين ستعثر الحكومة على المال الكافي. وتحتاج الحكومة إلى تمويل خارجي يساعدها في الإيفاء بالتزاماتها بحوالي 170 مليار دولار من مدفوعات السداد المستحقة هذا العام. ولكن المشكلة ستبدو أكبر مستقبلا وذلك استنادا على ما تشير إليه التقديرات بأن إجمالي ديون تركيا الخارجية بلغت قرابة 225.8 مليار دولار حتى نهاية فبراير الماضي. وفي العادة، تلجأ أنقرة إلى سوق الدين المحلية عبر طرح سندات حكومية لدعم الليرة المتراجعة بقوة أمام العملات الأجنبية.

مشاركة :