المرآة الشريرة - أميمة الخميس

  • 6/27/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

مصدر سحر وقوة الدراما هو تحقيقها نوعاً من التماهي والتقمص بل والتعاطف بين الشخصيات الدرامية والجمهور، هذا التقمص هو أقوى مفتاح بيد صناع الدراما كونها تتسلل إلى الغرفات الداخلية المظلمة في أعماق المتلقين وتعبث بمحتوياتها وتغير أماكنها عبر تغيير التصورات والمفاهيم. الدراما هي تلك المراوغة الساحرة التي ارتبطت في بدايتها كطقوس وممارسات مقدسة تتماهى مع مظاهر الكون، ومن ثم لاحقاً جعلها الإغريق تقوم بنوع من التطهير النفسي (الكاثارسيس) للجماهير. لذا جزء كبير من قوتها يكمن في جماهيريتها واتساع الشرائح المتلقية لها، والتي تمثل أطيافاً متعددة من المجتمع مقارنة ببقية الفنون الأخرى التي تتخذ لها على الغالب طابعاً نخبوياً. ولعل هذا التقمص والتماهي يفسر ردة الفعل العنيفة على مسلسل (سيلفي) الرمضاني من قبل البعض! رغم أن موضوع الحلقات المتعلقة بالإرهاب والطائفية والتي تناولها المسلسل قد أشبع نقاشاً وبحثاً وتفكيكاً وتشريحاً على امتداد العقدين الماضيين (كونه جزءاً من الأمن القومي)، وظهر عبر كم هائل من النوافذ الإعلامية المحلية، لكن كما أسلفت الدراما لها سحرها وطاقاتها الخاصة، وحتماً سيكون بالفعل مفزعاً أن يرى البعض صورته في المرآة بهذا الإطار المتوحش والصيغة البدائية. فعلى حين أن فن صناعة الصورة الذهنية وتلميعها وصقلها، أصبح أحد أدوات القوة الناعمة العالمية والساعية إلى الهيمنة والسيطرة، فإنه أيضاً من المفزع أن تظهر مرآة الدراما المحلية الجوانب المعتمة داخل المكان، تماماً كما في أسطورة الجميلة النائمة عندما ترفض الملكة المغرورة أن يقال لها بأنها ليست أجمل امرأة في الكون. فالشخص الذي لديه موقف سلبي من الغناء مثلاً، ويرفض أن يتبع فتاوى الإجازة والرخص المتاحة حوله، فانه بالتأكيد سيجده مزعجاً، عندما تبرزه مرآة الدراما كرجل غابة متوحش يحاول أن يدمر القطعة الفنية الباذخة الرقيقة الأنيقة المسماة (آلة العود). بشكل يتقاطع مع النموذج الطهراني المثالي الذي يتصوره حول نفسه أو حول من يكسر آلة العود!! الدراما هي نحن، هي عين ماكرة تسللت إلى حجراتنا المظلمة، أما من عجز عن تأمل ما تنقله مرآة الدراما فلربما مرآته بحاجة إلى صقل أو تغيير، كونه يعيش داخل نمط من الأوهام والصورة المغلوطة حول مثالياته وقداسته. الدراما إذا كان مانقلته تكفيرياً.. متوحشاً.. بدائياً..، فهي مخلصة لواقعها ولا تبالي بضوضاء داخل رأس من استغرقته مخيمات التكفير والتفجير.. أو ذلك الذي يكرس صورة وهمية مقدسة عن الذات. لمراسلة الكاتب: oalkhamis@alriyadh.net

مشاركة :