بينت نتائج دراسة علمية أجريت مؤخراً، أن ممارسة الرياضة البدنية بانتظام تزيد من حجم الدماغ بالإضافة إلى فائدتها للجسم. وكان باحثون فنلنديون قد أجروا تجربة شارك فيها 10 توائم متماثلون في كل شيء حتى في الحمض النووي. وكان أحد التوأمين يمارس الرياضة البدنية بصورة منتظمة، في حين سمح للتوأم الثاني بعدم ممارسة أي نشاط جسدي. بعد مضي الفترة الزمنية المقررة لهذه التجربة، خضع الجميع للتصوير بالرنين المغناطيسي، والذي أظهر أن الذين مارسوا الرياضة البدنية، ازداد حجم بعض مناطق دماغهم، كما تبين أن المنطقة المسؤولة عن التوازن أصبحت أكثر نشاطاً. ويعتقد الخبراء أن هذا يمكن أن يمنع تطور بعض أمراض الشيخوخة والشلل واختلال التوازن. واستناداً إلى هذه النتائج، ينصح العلماء بضرورة ممارسة الرياضة البدنية في عمر الشباب. ويقولون إن النشاط البدني بعد بلوغ الـ 60 من العمر يساعد على تأخير الشيخوخة وبعض أمراضها إلى وقت أبعد. من جانب آخر أجرى باحثون من جامعة كارولينا الجنوبية الأمريكية، دراسة في نفس الموضوع، بينت نتائجها أن ممارسة الجري يزيد عدد الحبيبات الفيتيلية في الدم mitochondrium. وأوضح الباحثون أن هذه العملية تولد طاقة الدماغ، ما يؤدي بالتالي إلى أن دماغ ممارسي الجري يعمل بشكل أسرع من دماغ الذين لا يمارسون الجري. يذكر أنه لم يكن بمقدور العلماء تحديد العمليات البيوكيميائية المسؤولة عن التأثير الإيجابي على الدماغ، حتى نجحوا في اكتشاف وتحديد مادة يقوم الدماغ بإنتاجها أثناء ممارسة الرياضة تقوم بحماية الخلايا العصبية واسمها إيريسين. وفي العادة يتم إنتاج الناقل العصبي من خلايا العضلات أثناء ممارسة الرياضة، لكن العلماء لاحظوا أن مادة إيريسين يتم إنتاجها وإفرازها في الدماغ أيضاً بشكل مباشر أثناء ممارسة الرياضة، وهذا ما أظهره فريق علمي بإشراف بروس سبيجلمان من كلية الطب بجامعة هارفارد. ويقول الباحثون: إن هذه المادة المفرزة تقوم بتنشيط جينات معينة مسؤولة عن إنتاج نمو الخلايا، وهي عامل التغذية العصبية في الدماغ brain-derived neurotrophic factor الذي ينشط في الخلايا العصبية في الدماغ، والمسؤول المهمعن نمو الخلايا العصبية والربط الشبكي بين الخلايا العصبية، كما يحمي الخلايا من الموت المبكر. وأثناء النشاط البدني والرياضة تنشط المرسلات أو الموصلات العصبية إيريسين، وخاصة في قرن آمون في الدماغ ويزداد مستواه، وهذا ما وجده العلماء في دراسات وتجارب على الفئران. والمعروف ان هذه المنطقة من الدماغ تنقل المعلومات قصيرة الأجل أو الذاكرة اليافعة (المعلومات التي تدخل حديثاً إلى الدماغ) إلى ذاكرة طويلة المدى، وبالتالي لها دور بارز وحاسم في التعلم والذاكرة. وقد قام العلماء في التجربة بمراقبة الفئران لمدة 30 يوماً وتشجيع الفئران على النشاط البدني بتقديم بعض الآليات التي تشجع في ممارسة الركض ومقارنة هذه الفئران مع أخرى تقوم بإنتاج القليل من مادة إيريسين في الدماغ. كما لاحظ العلماء أن مادة إيريسين تقاوم أي تكتل دمي في الدماغ، لذلك يعمل العلماء الآن بإنتاج إيريسين صناعي يمكن إمداد الجسم به بواسطة الحقن لمنع تلف الخلايا العصبية في مرضى السكتة الدماغية، وأيضاً لتحسين القدرة الذهنية عند كبار السن.
مشاركة :