تعيش المملكة حقبة طموحة وعهداً مختلفاً في سائر جوانب الحياة، خاصة في مجال العلاقات الدولية، إنه عهد يسعى لتبادل الاحترام مع كل كيان يستحق الاحترام، ومسالمة كل جهة راغبة في المحبة والسلام وعاشقة للإخاء والوئام، كما يسعى لترميم العلاقات المتصدعة التي أوهنتها أحداث الزمن، وهكذا تمد مملكة الخير أياديها بيضاء لكل ساعٍ لصداقتها وبناء علاقة طيبة معها، ونظراً لقوة ومتانة الروابط التاريخية التي تجمع بين المملكة وروسيا، والتي تعززها مصالح مشتركة بين البلدين، فإن الواقع يترجم قيمة ومعنى زيارة سمو ولي ولي العهد لروسيا، الأمر الذي يؤكد تقدير المملكة لمكانة روسيا عالمياً وثقل وزنها دولياً، فهي تضم أكثر من 20 مليون مسلم، كما أنها قادرة على الإسهام في تذليل العقبات ومواجهة التحديات التي تواجه المنطقة، ونظراً لهذه المكانة التي تتبوأها روسيا، يرى ولاة الأمر الكرام ضرورة ترقية العلاقة الروسية لحجم علاقات المملكة الراقية مع الدول الغربية كفرنسا مثلاً التي تعتبر علاقتها بالسعودية نموذجية ومتميزة، وأيضاً بريطانيا والولايات المتحدة وغيرها كثير، لهذا تعد زيارة سمو ولي ولي العهد زيارة محورية وتتضمن رسالة مفادها أن المملكة قادرة على دعم كافة الدول الصديقة وحتى المتقدمة منها، وهكذا عمّت الثقة وزاد سقف العلاقة رحابة، ولا أدل على ذلك من تقارب وجهات النظر الروسية والسعودية الخاصة بملفات الساعة (السورية واليمنية)، فالجدير بالذكر أنه تم طرح تلك الملفات، وتم تناولها بشفافية ووضوح مع القيادة الروسية، فقد تناول الجانبان أحداث الساعة بدءاً بالأزمة السورية التي يتمنى الجميع أن تجد حلاً يضع حداً للدمار وإزهاق أرواح الأبرياء، كما تضمنت ملفات الزيارة الأزمة اليمنية التي ما زالت تتفاقم نظراً لعدم تجاوب الحوثيين وأنصار المخلوع صالح مع المبادرات المخلصة التي كانت كفيلة بإرضاء كافة الأطراف، ومن الملفات أيضاً التي تطرق إليها الجانبان رغبة المملكة في بناء 16 مفاعلاً نووياً لأغراضٍ سلمية تقوم روسيا بتشغيلها، واحتوى الملف الاقتصادي على عزم المملكة للاستثمار الزراعي وتعزيز الشراكة في مجال التعليم ورفع عدد المبتعثين لروسيا إلى 500 مبتعث في العام المقبل. مما لا شك فيه أن الزيارة كانت محورية بكل المقاييس، وإيجابية بنتائجها المثمرة التي تضمنت عدداً من الاتفاقيات، ومن منطلق ما تحقق من نجاحات باهرة صاحبت هذه الزيارة نقول إنها عمّقت الصلات وعززت العلاقات بين البلدين. sbt@altayar.info
مشاركة :