في إشراقة جديدة من إشراقات هذا البلد المضياف، وعبر مبادرة هامة من سلسلة المبادرات التي تحمل دائماً أسمى المعاني الإنسانية وأرقى القيم، التي ظلت تصدر تباعاً من قائد المسيرة المظفَّرة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز أيده الله وحفظه ورعاه، في عهده الميمون، المُحصَّن بالإيمان والمدجج بفكر الحزم والعزم على كل معتدٍ أثيم، والمُضمَّخ بعبق الأمن والسلام لكل مسالمٍ كريم، هكذا انطلقت القمة العربية اللاتينية التي احتضنتها العاصمة الرياض برئاسة الملك المفدَّى، وقد أمَّها عددٌ كبير من رؤساء دول الكتلتين في جوٍ يسوده الاحترام المتبادل، وهنا يبرز السؤال المتوقع في مثل هذه الأجواء المتفائلة وهو: ما سر التقارب الذي يوشك أن يصبح تحالفاً قوياً تشارك فيه 34 دولة عربية ولاتينية؟ الإجابة سهلةٌ وميسورة تجسدها سنواتٌ من تلاقي الأفكار وتقارب الأهداف والغايات، وتؤكدها استمرارية وتوالي القمم، فقمة الرياض هي الرابعة، وقد جاءت أطروحاتها امتداداً لما سبق من مناقشاتٍ وتوصيات ترمي لخير وسلامة البشرية عامة، والعربية واللاتينية على وجه الخصوص ومن تلك الأطروحات تطوير العلاقات الاقتصادية والسياسية بين الجانبين، والتركيز على مناقشة المخاطر المحدقة بالعالم جراء تحركات الإرهاب الإجرامية، التي ظلت تعاني منها الدول العربية في سوريا واليمن والعراق وليبيا، كما تصدرت القضية الفلسطينية محاور القمة وحظيت بنصيبٍ وافر من الاهتمام. ونظراً لكل هذا التقارب فقد اكتسبت قمة الرياض أهميةً انتقلت بعلاقة الكتلتين العربية واللاتينية من مرحلة التعاطف إلى مرحلة التوأمة التاريخية، هكذا فإن أنظار العالم أجمع كانت ترمق الرياض، بينما ينتظر العرب واللاتينيون التوصيات بتفاؤلٍ شديد ويتطلعون إلى نتائج باهرة تكون ثمرة هذا اللقاء الكبير، فذلك التعاون المتميز شهدت به الأمم المتحدة وأثنت عليه، ومما يجدر ذكره أن قمة الرياض بلغت من الأهمية درجةً قصوى من الملك المفدى، وذلك من منطلق اهتمامه البالغ بضرورة اكتمال أسباب النجاح، وبتلك الجدية المعهودة نوقشت ملفاتٌ شائكة بروية وعناية، ولم يكتفِ المؤتمرون بالملفات العربية فقط بل طالت اهتماماتهم الملفات اللاتينية كقضية جزر المالفيناس المتنازع عليها بين الأرجنتين وبريطانيا. وتمخضت المناقشات عن أفكارٍ مستقبلية منها، الدعوة لتأسيس مجالس رجال الأعمال وتوقيع اتفاقيات تجارة حرة، وضرورة تشجيع وحماية الاستثمار بين الكتلتين، وبما أن قوة الإرادة والنوايا الطيبة المشتركة من احترام المبادئ والقيم تعتبر من آليات التعاون التي تمهد الطريق للانطلاق نحو آفاقٍ أرحب من التعاون والشراكة، علماً بأن أوجه الشبه بين الجانبين من كرم أخلاقٍ وصفاتٍ طيبة تُعبِّدُ الطريق لاستمرارية هذه المشاعر الصادقة التي يدعمها التسامح الديني، ويبدو واضحاً جلياً أن قمة الرياض وما سبقها من قمم، ظلت تُعقد كل ثلاث سنوات، فها هي في دورتها الرابعة تؤسس لعلاقةٍ عربية لاتينية نموذجية، نسأل الله أن يكلل الجهود والمساعي المبذولة غايتها لبلوغ الأهداف المنشودة، وأن يحقق جل وعلا تطلعات وطموحات تلك الشعوب المحبة للسلام وسعادة البشرية. sbt@altayar.info
مشاركة :