دبي: يمامة بدوانتسعة أفراد من عائلة فلسطينية واحدة يصابون فجأة بفيرس كورونا المستجد «كوفيد-19» فتنقلب حياتهم رأساً على عقب، لكن توفير العلاج لهم يعيد التوازن إلى حياتهم. «الخليج» زارت العائلة الفلسطينية والتقت أفرادها ورووا لنا قصة المعاناة مع كورونا، وكيف أصيبوا بالفيروس؟ ورحلة علاجهم، ووقع انتقالهم المفاجئ من المنزل إلى المستشفى ثم العودة بعد العلاج.. وكانت هذه اللقاءات معهم.. «في أقل من 48 ساعة، تغير مجرى حياتنا، حين تبين إصابة 9 أفراد من عائلتي بفيروس كورونا، انتقلنا من المنزل إلى الإقامة في المستشفى، وأصبح كل من حولنا يعمل مثل خلية النحل، أطباء وممرضات، يتناوبون على إجراء الفحوص والتحاليل، لم يتركونا لخمس دقائق من دون سؤال «ماذا تحتاجون؟»، طلباتنا مُجابة والابتسامة لا تغادر وجوههم». بهذه الكلمات بدأت نبيلة البيوك «أم محمد»، سيدة فلسطينية تبلغ من العمر 63 عاماً، تروي تجربتها مع الإصابة بفيروس كورونا، في الثاني عشر من إبريل نيسان الماضي، والذي انتقل إليها من ابنتها التي تعمل في خط الدفاع الأول بالعيادات الخارجية بإحدى المستشفيات بأبوظبي، حيث كانت المصابة الأولى بالعائلة، وقد طلبت من شقيقاتها وزوجها وأبنائها ضرورة إجراء الفحص الطبي، للتأكد من عدم نقل العدوى إليهم، بالرغم من عدم ظهور أي أعراض عليهم، إلا أنها كانت تشعر بالخوف من إصابتهم، كونهم يعيشون في منزل واحد. متابعة دائمةوأضافت: لم نكن نغادر المنزل أو نستقبل أحداً، التزاماً منا بتعليمات الجهات المعنية بالدولة، حرصاً على صحتنا وسلامتنا، إلا أننا بدأنا نشعر بأعراض متفاوتة ما بين الدوار وارتفاع درجات الحرارة، وبناء على نصيحة من ابنتي الممرضة، توجهنا جميعاً للمستشفى لإجراء الفحص كخطوة احترازية، فتبين إصابة 8 أفراد من عائلتي، من بينهم حفيدي البالغ من العمر 7 سنوات، وفي اليوم التالي ظهرت نتيجة فحصي بأنني مصابة، فتم إدخالي مباشرة إلى قسم الطوارئ ليومين، ومن ثم بضعة أيام في قسم الأمراض القلبية بمستشفى الجزيرة، إلى حين استقرار ضغط الدم وإجراء عدة صور للرئة، ثم جرى الإنتقال إلى أحد الفنادق لبدء العزل الصحي. وأوضحت أنه بعد ذلك تم السماح لنا بالعودة للمنزل، مع ضرورة بقاء مسافة آمنة بين الجميع، وارتداء الكمامة، حيث كنت أضعها حتى في أوقات النوم، إلى أن أخبرتني ابنتي عدم ضرورة ذلك، إلا أن الشعور بالاطمئنان يلازمني، كيف لا وأنا أقيم على أرض زايد الخير منذ عام 1976، ولم نشهد سوى المساواة في التعامل وعلى جميع الصعد، من دون تفرقة أو تمييز، إذ إن نعمة الحياة والعلاج بالإمارات لا تقدر بثمن. وتتابع إنه منذ 44 سنة من الإقامة على أرض إمارات الخير، ما كان لي أن أحلم بمعاملة أفضل من التي عايشتها خلال مرضي، حيث إن جنسية المصاب ليس لها مكان خلال تلقي العلاج، مقارنة مع جل الاهتمام الذي شهدناه، ما جعلنا نشعر بأن التسامح يتجسد في أبهى صوره في الإمارات. وأشارت إلى أن تواصل الأصدقاء والمعارف الدائم له دور إيجابي على نفسية المريض، حيث يمده بالأمان، لوجود من يسأل عن صحته وصحة عائلته، ويشاركه ألامه، إلا أن شعورا بالحيوية غمرها يوم عيد ميلادها في الثالث من مايو الجاري، حين لم يتوقف هاتفها عن الرنين، لتهنئتها وتمني الشفاء والسعادة لها في ظل عائلتها وأحفادها.تواصل وتذكير وقالت «أم محمد» إن الطواقم الطبية حتى الآن، لا تزال تتابع حالة أفراد عائلتها، المتعافين والمصابين على حد سواء، من أجل التحقق من نجاعة العلاج، بل إنهم يتواصلون مع بناتها المصابات لتذكيرهن بضرورة تناول الماء والسوائل الساخنة، ويصلهم كل ما يحتاجون إليه إلى باب المنزل، فعلى سبيل المثال، تصل وجبات الطعام اليومية في موعدها، كما أنهم يأخذون الملابس لغسلها وكيها من أمام المنزل، طالبين منا عدم اجهاد أنفسنا في مثل هذه الأعمال، لأهمية الحفاظ على صحتنا، مشيرة إلى أن أحد أبنائها يقيم ويعمل في مجال الرعاية الصحية بألمانيا، مازحها قائلا إن هذه الخدمات لا تُقدم سوى في فنادق فئة خمس نجوم.أعراض كامنة أما ابنتها، دينا البيوك، 23 عاماً، فتروي تجربتها مع الفيروس والأمل يحدوها من كل صوب بأن تتعافى سريعاً، كي تعود إلى حياتها الطبيعية كما في السابق، قائلة إن التجربة بحد ذاتها صعبة وغريبة في آن واحد، فهي لم تعتد مثل هذه الأعراض المرضية، التي اعتقدت في البداية أنها مجرد إنفلونزا، وقد شعرت بالاستغراب عندما أخبروها بالمستشفى أنها مصابة بالكورونا، كونها لم تعانِ من أي أعراض مثل الآخرين، سوى آلام بالمفاصل. وتتابع: إن سرعة الطواقم الطبية في العلاج والإجراءات التي اتخذتها، أسهمت في إعطائنا الأمل بالتعافي قريبا، وعدم الشعور بالخوف من المجهول، حيث إنه تجري متابعة الحالات جميعها بالرغم من عودتها للمنزل، ومواصلة التحدث معنا بشكل يومي ولأكثر من مرة، وفي مختلف المجالات، حيث يخبروننا دائما بأنهم موجودون لأجلنا، حتى لو أردنا التحدث لأجل «الفضفضة»، ما ولد لدينا شعورا بالراحة النفسية. وقالت إنها من مواليد دولة الإمارات، فهي لم تعرف وطناً آخر سواها، ما جعلها تؤمن بأن مقولة «لا تشلون هم» لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، جسدت رؤية حكيمة لقيادة تُعلي من شأن الإنسان من دون النظر إلى جنسيته أو لونه، وهي دلالة على أن روح التسامح التي وُلدت في الإمارات، تعم الجميع بدون استثناء، ما يجعلنا نشعر بالطمأنينة من أن الجهات المعنية تبذل كل ما في جعبتها من أجل شفائنا.رد الجميل أما شقيقتها الصغرى، رغد، 22 عاماً، والتي تعافت من فيروس كورونا، فقالت إنه لا توجد كلمات توفي دولة الإمارات حقها، وهي التي أولتها جل اهتمامها من خلال كوادرها الطبية والتمريضية، حتى شفيت تماماً من الفيروس، حيث لا تزال الجهات المعنية تتابع وضعها الصحي المستقر، للاطمئنان عليها. وأضافت أن الصحة لا تقدر بثمن، إذ إنها شعرت بالصدمة فور إبلاغها بأنها مصابة بالفيروس، ولأنها على يقين أن دولة الإمارات ستوفر لها العلاج المناسب والسريع، فقد تلاشت الغمامة السوداء من تفكيرها، وبدأت تنظر للأمر على أنه مجرد إنفلونزا عادية، ستتخطاها حتى تكمل مشوارها التعليمي، وترد جزء من الجميل لوطن احتضنها بكل حب ورعاية. وأوضحت أن من أسباب تعافيها السريع ثقتها التامة بالطواقم الطبية في مستشفيات الدولة، التي تبذل كل ما في وسعها لمساعدة المرضى من الناحية العلاجية والنفسية على حد سواء، إيماناً منها بأنه لا مستحيل يقف أمام الطموح والعمل الجاد والإرادة.
مشاركة :