يواصل «حزب الله» مشروعه الإيراني في تغيير هوية لبنان من خلال التمدد الجغرافي وإعادة الفرز الديموغرافي بناء على معطياته وأهدافه، فلقد نجح الحزب بالترهيب والترغيب، مستخدماً سلاحه واحتلاله والأموال الإيرانية في تغيير الهوية الديموغرافية والعقارية للضاحية الجنوبية لبيروت وحوّلها إلى مربع شيعي صاف بعدما كانت تاريخياً بسكانها وأملاكها منطقة مسيحية ـ سنية ـ شيعية مختلطة، وانطلق منها شرقاً للتمدد باتجاه عمق قضاء بعبدا وصولاً إلى قضاء عاليه في إطار خطته للتمدد وربط الضاحية الجنوبية بالبقاع.ويبدي اللبنانيون خشية جدية من أن يكون ما ورد في الخطة الحكومية عن مسح الأراضي والمشاعات غطاء لوضع اليد على المناطق الجردية في عدد من المناطق الجبلية، بما يسمح لـ«حزب الله» تحت ستار المسح والتحديد بوضع يده على هذه المناطق تباعاً مستفيداً من وصايته على وزارة المال من خلال حركة «أمل»، لا سيما في ظل العرف الذي فرضه الثنائي أمل ـ حزب الله خلال السنوات العشر الماضية بأن تكون وزارة المال من حصة الطائفة الشيعية.ويزيد من المخاوف ما ورد في الخطة عن توجه حكومي لاستخدام أملاك البلديات والأوقاف لتعزيز الدورة الاقتصادية. فما هي سلطة الدولة على أملاك الأوقاف والبلديات؟ وهل يحق للدولة، خلافاً للدستور ـ الذي ينص على احترام الملكيات الخاصة ـ أن تضع يدها أو تدير أو تتصرف بأملاك البلديات التي تعود لانتفاع أبناء النطاق البلدي، والأوقاف التي هي أملاك خاصة لا علاقة للدولة بملكيتها؟. ويوضح تقرير نشره مركز الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الجيو سياسي، أن قطاع الاتصالات في العالم، لا سيما قطاع الاتصالات الخلوية، يعتبر قطاعاً إستراتيجيا بالمفهومين الأمني والمالي، فمن الناحية الأمنية تسمح السيطرة عليه بتعقب حركة المقيمين وعلاقاتهم في المجالات كافة من خلال داتا الاتصالات، وهو ما يسمح بإحكام السيطرة الأمنية وملاحقة الخصوم والمعارضين ومتابعة تحركاتهم وعلاقاتهم الداخلية والخارجية. أما من الناحية المالية فيعتبر قطاع الاتصالات بالنظر إلى اتساع رقعة استخدامه وتشعبها، موردا ماليا ضحما وبالغ الأهمية للمستثمرين كما للدول.من هنا، وبسبب هذه الاعتبارات الأمنية والمالية، يمكن فهم سيطرة الحرس الثوري الإيراني على قطاع الاتصالات في إيران، والمعركة الأخيرة في سوريا بين الرئيس بشار الأسد وابن خاله رامي مخلوف على خلفية قرار النظام السوري وضع يده مباشرة وبالكامل على شركة «سيرياتيل» التي يملك القسم الأكبر منها ويديرها مخلوف.أما في لبنان، فيعتبر هذا القطاع منذ سنوات موضع نزاعات على خلفيات سياسية وأمنية ومالية، خصوصاً بعدما تمكنت داتا الاتصالات من كشف التفاصيل المتعلقة بمسؤولية «حزب الله» عن جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري ورفاقه في 14 شباط 2005، بالإضافة إلى عمليات اغتيال ومحاولات اغتيال النائب مروان حماده، والوزير السابق الياس المر، والأمين العام الأسبق للحزب الشيوعي جورج حاوي وغيرها.ويثير التخبط والضبابية اللذان طبعا تعاطي الحكومات السابقة في لبنان مع هذا القطاع، مخاوف من أن ينتهي قطاع الاتصالات الخلوية بيد جهات رسمية أو غير رسمية يمسك حزب الله بقراراتها بما يكشف الشعب اللبناني وقياداته السياسية والعسكرية والأمنية أمنياً ويضع كل النشاطات الاقتصادية والتجارية والمالية تحت رقابة «حزب الله» وأعينه.
مشاركة :