الأصل أننا فارغون ثم تأتي الأعمال والمهام المختلفة فنملأ بها أوقاتنا المختلفة، لم نولد مشغولين وإنما أصبحنا كذلك، لكن السؤال: هل نحن مشغولون حين نظن أننا كذلك؟ في الواقع أننا في أغلب الأحوال لا نكون كذلك، كل ما هنالك أننا أخطأنا في التحكم في وقت الفراغ الذي هو سلعتنا الأولية ومادتنا الخام ومن ثم أتت كل الأخطاء التالية. لا يمكنك تمديد الوقت، ولا إطالته، فالمرء يملك في الأسبوع، على سبيل المثال، 168 ساعة ومهما فعلنا لن نستطيع تمديد عدد ساعات الأسبوع لتكون 169 ساعة، ولكن يمكننا إدارة هذه الساعات والتحكم في وقت الفراغ ووقت العمل، وأن نحدد ما هو وقت العمل وما هو الوقت الذي لا يجب أن نعمل فيه. اقرأ أيضًا: التسويف عن قصد.. ادخر وقتك للأهموهم الانشغال الدائم إن واحدًا من أهم استبصارات Laura Vanderkam الذكية هو إشارتها إلى إن الاعتقاد بأنك مشغول جدًا لإنجاز شيء ما يعني حقًا أن المهمة ليست مهمة بما يكفي بالنسبة لك لإيجاد الوقت لفعل ذلك، بمعنى أن المهمة _تلك التي تشعر بأنك مشغول حين تفكر في أدائها_ ليست مهمة بالنسبة لك؛ إذ لو كانت كذلك لأنجزتها على الفور. يعني هذا أن كون المرء مشغولًا على الدوام لا يعدو كونه وهمًا مبنيًا على عدم إدارة الوقت بالشكل الصحيح، وعدم إدراك المهم من المهام الملقاة على عاتقنا وما هو غير ذلك. تقول Laura Vanderkam: «هناك وقت. حتى لو كنا مشغولين، فلدينا الوقت لما يهم. وعندما نركز على ما يهم، يمكننا أن نبني الحياة التي نريدها في الوقت الذي نعيش فيه». لست مشغولًا بما يكفي، بل إن الوقت الذي بحوزتك كافٍ لإنجاز كل ما عليك من مهام، ولعلي أتذكر هنا قول الروائي اليوناني الشهير نيكوس كازندزاكي: «الحياة ومضة سريعة لكنها كافية». ما لديك من وقت يكفيك، لكن يتعين عليك تشكيل هذه المادة الخام _عدد ساعات اليوم، الأسبوع، الشهر أو السنة_ بما يتناسب مع أهدافك وأولوياتك. اقرأ أيضًا: أهمية الروتين في الأزمات.. مزايا لا تخطر على البال!إدارة الأولويات من لم يعرف هدفه لن يعرف كيف يصل ولا متى يصل، لكن معرفة الأهداف وتحديدها يساعد كذلك في تحديد ما هو مهم وما غير كذلك، ومعرفة ما هو مهم لكن يمكن تأجيله وأداؤه في وقت لاحق، وما هو مهم وعاجل أي يتعين أداؤه على الفور. يمكن تسمية هذه العملية بـ «إدارة الأولويات» والتي من خلالها سنسير وفق خطى واضحة ومحددة للوصول إلى أهدافنا، وفي الحقيقة فإن إدارة الأولويات مرهونة بوضع الأهداف وتحديدها وهذه الأخيرة لن يتم تحقيقها وإنجازها على الوجه الأمثل إلا من خلال إدارة الأولويات، أي أن إحدى هاتين العمليتين موقوفة على الأخرى ومرهونة به، وهو ذاك الأمر الذي يدركه رواد الأعمال ويحفظونه عن ظهر قلب. اقرأ أيضًا: العمل من المنزل ووهم الحرية الافتراضية ومن ناحية أخرى، ثمة ميزة كبرى تنطوي عليها الإدارة الناجحة للأولويات وهي تلك المتعلقة بالمساعدة في إدارة الوقت بشكل جيد، بل الإنتاج الكثيف دون الشعور بالضغط أو الإرهاق. فطالما أنك تضع لكل مهمة وقتًا محددًا تنجزها فيه، فسترى نفسك تنجز مهامك واحدة تلو الأخرى دون شعور بأنك مرهق أو متوتر أو مشغول. وإنما كلما أنجزت مهمة من المهمات سيعظّم الإنجاز همتك، ويلهب حماسك، فتنجز المهمة التي تليها في وقت أقل من ذاك الذي أنفقته في إنجاز سابقتها؛ فقد صرت تعمل بشغف وحماس. اقرأ أيضًا: أسرار رواد الأعمال لتنظيم الوقتالوقت كقطعة صلصال الوقت كالوعاء الفارغ _لنتذكر ما قلنا في البداية إن الأصل هو الفراغ وإن التحكم في وقت الفراغ هو بداية التحكم في وقت العمل_ نضع فيه ما نشاء من مهام وأولويات نريد إنجازها. إذًا لدينا من الوقت ما يكفي، وكلما ضاعفنا من مهامنا اتسع الوقت لذلك. تقول Laura Vanderkam: «الوقت مرن للغاية. لا يمكننا تخصيص المزيد من الوقت، لكن الوقت سيمتد لاستيعاب ما نختار وضعه فيه». وعلى كل حال، فإن الوقت كقطعة الصلصال التي يُعاد تشكيلها في كل مرة وفقًا لأولوياتك، إذا أدركت ذلك، واستطعت التحكم في وقت الفراغ الذي بحوزتك سترى كم هو وقتك كافٍ لإنجاز كل ما تريد إنجازه، وكم كنت واهمًا حين تصورت أنك مشغول! اقرأ أيضًا: اقتصاد الانتباه.. الوقت كصيد ثمين! تحرير الذهن من طغيان الوقت وقت الفراغ كأداة لشحن الطاقة وتحسين الإنتاجية
مشاركة :