من قصص "ألف ليلة وليلة" الشهيرة قصة "علي بابا والأربعين حرامي"، والقصة (حسب نسخة وكيبيديا الإنجليزية) تمت إضافتها إلى مجموعة قصص ألف ليلة وليلة في القرن الثامن عشر بواسطة المترجم الفرنسي أنطوان جالاند، والذي سمعها من حاكي ماريونيت سوري اسمه حنا دياب. والقصة بإختصار تحكي عن حطاب فقير اسمه "علي بابا" والذي اكتشف بالصدفة سر مغارة كانت تستخدمها عصابة من اللصوص (أربعين حرامي) لتخبئة المجوهرات التي يسرقونها، فأخذ علي بابا ما يستطيع حمله من تلك المغارة بدون أن يكتشفه اللصوص، وعندما اكتشفوه حاولوا قتله ولم ينجحوا وتزوج في النهاية جاريته (مرجانة) و"عاشوا في تبات ونبات وخلفوا صبيان وبنات". أما النسخة المصرية من القصة فقد إستمعنا إليها في الإذاعة المصرية منذ كنا أطفالا، فيمكنك الإستماع إليها على الرابط التالي (شكرا لليوتيوب):وأنا لدي مشاكل كبيرة مع قصة "علي بابا": أولا: كيف يتسنى لعامل حطاب فقير يقطع الأشجار في الغابة أن يكون لديه جارية اسمها مرجانة، وفي الوقت نفسه لا يستطيع سداد قيمة إيجار بيته، ويكون مهددا بالطرد من البيت الذي يملكه أخوه الشرير التاجر الغني قاسم. ثانيا: عندما عرضت مرجانة عليه أن يبيعها لكي يسدد إيجار البيت، رفض بإباء وشمم أن يبيعها بالرغم من أن الشرطة على وشك أن يقبضوا عليه ويطردوه من بيته، وقال لمرجانة عندما رفض أن يبيعها: "أنا عندي أشحت ليل ونهار ... ولا أبيعك يا مرجانة بمليون دينار". يا سلام؟؟ (إيه الألاطة دي؟ أقرع ونزهي)! ثالثا: أكتشف علي بابا بالصدفة سر المغارة التي يخبيء فيها الأربعون حرامي المسروقات، ثم دخل المغارة بعد أن قال كلمة السر "إفتح يا سمسم" وذهل من حجم المسروقات وأخذ يصرخ: (إيه ده كله ذهب ... صندوق ذهب.. عبي شيل ... وإيه ده ياقوت ... صندوق ياقوت ... عبي .. شيل.. لغاية كده كفاية ولما أضيع إللي معايا أبقى أرجع هنا تاني... ده الطمع يقل ما جمع.. توكلت على الله) وخرج من المغارة وقفلها بعد أن قال: إقفل يا سمسم! موضوع المغارة التي تفتح وتغلق بمجرد قول كلمة السر؟ هذه تكنولوجيا القرن الواحد والعشرين وليس القرن الـ 18، ولكن هذه سوف نمررها على أساس أن قصص ألف ليلة وليلة فيها معجزات وأشياء خارقة للعادة، ولكن ما لم أستطيع أن أمرره هو أن علي بابا نفسه حرامي كبير بل أسوأ من الأربعين حرامي، لأن الأربعين حرامي على الأقل تعبوا وسرقوا وتعرضوا لخطر القبض عليهم وقطع أيديهم عقابا على سرقتهم، أما علي بابا فبدلا من أن يفعل ما يمليه عليه ضمير أي إنسان شريف فيقوم بإبلاغ الشرطة لكي تعيد المسروقات لأصحابها والقبض على الصوص، سرق المسروقات على الجاهز بدون تعب، ليس هذا فقط ولكن قال "الطمع يقل ما يجمع"، وعندما أصرف ما حصلت عليه اليوم أرجع لكي أسرق المزيد، وواضح طبعا أنه لم يكن ينوي الرجوع لمهنة الحطاب مرة أخرى طالما المغارة موجودة ويستطيع الرجوع إليها في أي وقت. رابعا: تقول الأسطورة بعد ذلك لكي توضح مظاهر الثراء عليه: علي بابا بعد الضنى لابس حرير في حرير دفع ديونه وإشترى له قصر عالي كبير عنده الخدم والحشم.. عنده الذهب بالكيل والست مرجانة طول يومها نشوانة والفرح طول الليل والفرح طول الليل وكنت أتوقع أن يستخدم بعض الأموال التي سرقها لتوزيعها على الفقراء مثل "روبن هود" ولكنه بدلا من ذلك لابس حرير في حرير وبنى له قصر عالي كبير واشترى مزيد من الخدم والحشم (رغم أني لا أعرف من هم الحشم)! وهكذا تحول علي بابا من لص محترف إلى بطل قومي، نغني أناشيده منذ أن كنا أطفالا في شوارع القاهرة، وأرجو من القاريء ألا يحاول الربط بين قصة علي بابا وبين بعض الزعماء الذين يستحلون الأموال لأنفسهم ولذويهم وفي الوقت نفسه ترفعهم شعوبهم فوق الأعناق وتهتف "بالروح والدم نفديك يا (علي بابا)!" المهم أنه في نهاية القصة في النسخة المصرية يخاطب علي بابا جاريته مرجانة بعد أن أنقذته من اللصوص الذين جاءوا إلي قصره لقتله، فقال لها: وأنتي يا مرجانة، بإيه أجازيك، فترد عليه مرجانة قائلة: سلامتك عندي بالدنيا يا سيدي!! أما نحن كأولاد أشقياء في حواري القاهرة قمنا بتحوير الحوار كالتالي: علي بابا: وأنتي يامرجانة ... بإيه أجازيكي؟ مرجانة: فلوسك عندي بالدنيا يا سيدي!!
مشاركة :