تتزايد مخاوف صناعة الملابس في مصر من الدخول في ركود شامل بسبب استمرار إجراءات الإغلاق، وسط آمال في انتعاش الحركة التجارية داخل الأسواق المحلية مع اقتراب موسم العيد بعد أن ظهرت مساع من أصحاب المحلات للإفلات من كمين كورونا عبر تقديم تخفيضات مغرية للمستهلكين. تعرض قطاع إنتاج وبيع الملابس في مصر لصدمة قوية، جراء أزمة تفشي مرض فايروس كورونا الجديد، الذي أجبر المصانع على التوقف عن الإنتاج، في ظل تراجع غير مسبوق لحركة البيع والشراء. ودقت هذه الصناعة أجراس الخطر خشية دخولها في نفق مظلم على الرغم من اقتراب موسم العيد، الذي يكون في العادة فرصة لازدهار تجارة الملابس في بلد يبلغ تعداد سكانه مئة مليون نسمة. وتؤكد غرفة صناعة الملابس باتحاد الصناعات المصرية أن صناعة الملابس أكثر القطاعات تضررا من أزمة الوباء. ونسبت وكالة شينخوا الصينية لرئيس الغرفة محمد عبدالسلام قوله إن “الملابس مرتبطة بشكل كبير جدا بالحالة النفسية للمستهلك، الذي ينتابه حاليا قلق كبير لمجرد نزوله إلى الشوارع خوفا من الإصابة بالفايروس”. وتطبق الحكومة سلسلة إجراءات احترازية للحد من تفشي المرض، من بينها حظر تجول ليلي، وغلق أماكن الترفيه وتعليق التجمعات وحركة الطيران والدراسة والأنشطة الرياضية. وقال عبدالسلام “يوجد حظر تجول منذ مارس الماضي، وفي الأساس شراء الملابس يكون للخروج إلى العمل والذهاب إلى النوادي والسينما، وكل هذا غير متاح حاليا، وبالتالي فإن شراء الملابس لم يعد أولوية للمواطنين، وهو ما أثر بشكل سلبي جدا على حجم مبيعات المحلات والمصانع، في ظل توقف الطلب”. ومصانع الملابس شبه متوقفة حاليا عن الإنتاج، لأنه لا يوجد طلب على المنتجات، كما أن البضائع ما زالت في المخازن ولا يعرف التجار كيف سيتم تسويقها، كما أن المصانع لن تنتج ملابس جديدة حاليا. وتظهر التقديرات الرسمية أن إجمالي حجم المبيعات منذ ظهور فايروس كورونا لا يتعدى 30 في المئة، مقارنة بالمبيعات قبل ظهوره. وردا على سؤال حول ما إذا كانت شركات إنتاج الملابس قد لجأت إلى تخفيض العمال والرواتب، قال عبدالسلام إن “ذلك لم يحدث خلال الفترة الماضية”. ولا يوجد أحد في قطاع الصناعة لديه الرغبة في تخفيض عدد العمال أو الرواتب، ولا تتمنى أوساط هذه الصناعة أن يحدث هذا، بل تطمح في أن تستقر الأمور خلال الفترة المقبلة، ويتم فتح الأسواق وإعادة النشاط. ولكن رئيس غرفة الملابس يعتقد أنه في حال طال أمد أزمة الوباء وتوقفت التدفقات المالية للمصانع بسبب ركود المبيعات فسوف تبدأ مشكلة تخفيض الرواتب أو عدد العمال في الظهور. ورجح أن تتجه المصانع التي تعاني ماليا إلى إغلاق أبوابها، كما أن هناك مصانع قامت بتغيير خط الإنتاج من الملابس إلى إنتاج الكمامات وملابس الأطقم الطبية. ويوجد في مصر حاليا 12 ألف مصنع لإنتاج الملابس، ويعمل بها نحو مليون ونصف المليون عامل. ووفقا لعبدالسلام، لا تتعلق المشكلة بتوقف مبيعات الملابس في مصر فقط، بل أيضا بتوقف تصديرها بعد إلغاء عقود التصدير بسبب أزمة تفشي مرض فايروس كورونا الجديد. وتوقع عبدالسلام أن تقدم مصانع ومحلات الملابس عروضا لتشجيع المواطنين على الشراء، خاصة أن المخازن ممتلئة بالبضائع. وهناك دعوات إلى استخدام أساليب جديدة وغير تقليدية لزيادة المبيعات، والاعتماد على البيع عبر شبكة الإنترنت، لتجنب الزحام ومنع انتشار الفايروس. ولفت إلى أن المصانع تطبق الإجراءات الوقائية لمواجهة المرض، كما تمت توعية العمال بكيفية العمل مع الحفاظ على النفس. ويقول عبدالله عصام، صاحب محل لبيع الملابس في محافظة الجيزة جنوب غرب القاهرة، إن نسبة المبيعات في بداية أزمة كورونا في أواخر فبراير الماضي كانت جيدة، لكنها انخفضت بنسبة 80 في المئة منذ تطبيق حظر التجول. وأوضح الشاب الأربعيني لشينخوا أن “الإقبال ضعيف، وهناك بضاعة كثيرة في المخزن، ما أدى إلى تراكم الديون علي”. ويعمل في المحل خمسة موظفين شباب لكن بسبب تراجع المبيعات اضطر عصام إلى تخفيض عدد العمال إلى اثنين فقط. ويأمل عصام في أن يشهد هذا الأسبوع إقبالا على الشراء لاسيما قبل حلول عيد الفطر، مشيرا إلى أنه سيقدم تخفيضات من 40 إلى 50 في المئة لتشجيع المواطنين على الشراء. وبينما اكتفى الشاب العشريني هشام مصطفى بالنظر إلى الملابس المعروضة في المحل، قال “لن اشتري ملابس العيد هذا العام، بسبب حظر التجول”. وأشار إلى أن الحظر هو سبب انخفاض المبيعات في كل المجالات، رغم أن الحكومة تقوم بعمل جيد جدا للحد من تفشي المرض. أما منار علي فقررت شراء بعض احتياجاتها من الملابس، وقالت، وهي ترتدي الكمامة، “لم أخرج من المنزل منذ أكثر من شهر، وقررت الخروج لشراء بعض الملابس”. واستدركت “لكن المعروض في المحلات بضاعة قديمة”، وتمنت انتهاء أزمة الوباء سريعا، لكي تعود الحياة إلى طبيعتها. وتعاني معظم القطاعات الإنتاجية المصرية من نفس المشكلة، ما يفرض تحديات كبيرة على القاهرة التي تبحث عن منفذ للخروج من أزمة كورونا بأخف الأضرار.
مشاركة :