خيارات السلطة الفلسطينية أحلاها مر

  • 5/22/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تشهد السلطة الفلسطينية أزمة نوعية تهدد بتحدياتها وتشعباتها الدولية والداخلية، مصير السلطة ووجودها منذ 26 عاما ككيان سياسي وحكومي يمثل الفلسطينيين. إعلان الرئيس الفلسطيني محمود عباس هذا الأسبوع أن اليوم التالي لإقدام إسرائيل على ضم أراض محتلة في غور الأردن والضفة الغربية، سيعني انسحاب فلسطيني من الاتفاقات الموقعة مع الدول العبرية ومع الولايات المتحدة، يفتح معركة غير مسبوقة في النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني، تستند إلى هذه المعطيات: حكومة إسرائيل اليوم أمام فرصة قد لا تتكرر أميركيا وإقليميا ودوليا، تفسح لها المجال في انتهاك الأعراف والقوانين الدولية وضم أجزاء من غور الأردن والضفة الغربية بشكل يختزل فكرة الدولة الفلسطينية وفحواها السيادي والجغرافي. أميركيا، يستفيد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو من وجود دونالد ترامب في البيت الأبيض وفريق سيغض النظر عن قرار الضم طالما يتم إحاطته بشروط تجميلية ترتبط بخطة ترامب التي رفضها الفلسطينيون. هذه النافذة قد تغلق في حال خسارة ترامب الانتخابات في نوفمبر، ولو أن المرشح الديمقراطي جوزيف بايدن هو مقرب من إسرائيل إنما ليس من اللوبي الإنجيلي. السلطة الفلسطينية اليوم تقف على مفترق تاريخي وخياراتها محدودة بين محاولة شراء الوقت أو قلب الطاولة بالكامل إقليميا ودوليا، خصم إسرائيل الأكبر، أي إيران، ملهي اليوم بأربع ساحات ساخنة هي اليمن والعراق وسوريا ولبنان، وبأزمة اقتصادية خانقة داخليا. دور النظام الإيراني اليوم يدعم الفلسطينيين برسومات بعضها معاد للسامية عبر تويتر، وبتغذية حالة الانقسام الفلسطينية التي أوصلت إلى هذه المرحلة، وهما أمران الفلسطينيون هم بغنى عنهما.  أما الأردن ومصر فهما مقيدان بأعباء داخلية ولديهما تفاهمات تاريخية مع إسرائيل، وغير قادران حتى الساعة على وقف التمادي الإسرائيلي أمام الفلسطينيين. باقي الدول العربية منقسمة فيما بينها، كما هم الفلسطينيون، بينما الأوروبيين ملهيون بالوباء، وروسيا والصين لديهما مصالح اقتصادية مع إسرائيل. هذا الأمر يضع الفلسطينيين في موقع غير محسود عليه ويحصر خيارات السلطة الفلسطينية فيما يلي: أولا، تنفيذ تهديد عباس والانسحاب التدريجي من الاتفاقات وقطع التعاون الاستخباراتي مع واشنطن وتل أبيب. لكن هكذا قرار سيحمل أيضا تداعيات عكسية على الفلسطينيين، في حال ردت إسرائيل بقطع التعاون الاقتصادي والمالي مع السلطة، والآلية المعتمدة منذ أوسلو، علما أن التعاون الأمني مع الأميركيين عمره أطول من ذلك ويعود لأيام وزير الخارجية جورج شالتز في بداية الثمانينيات. ثانيا، شراء الوقت وتقاذف الكرة حتى الانتخابات الأميركية في نوفمبر. هكذا خيار يتطلب من الفلسطينيين المراوغة أو العودة للمفاوضات لتأجيل قرار الضم، لكن ما من مؤشر بأن إسرائيل ستقبل بذلك وإعلان عباس يصعب هذه المهمة. المستفيدان الأكبر من قرار الضم هما الحركة الاستيطانية وحركة "حماس" ثالثا، انسحاب كلي وسريع من الاتفاقات والمضي بطريق ما قبل أوسلو أي حل السلطة الفلسطينية ووضع إسرائيل أمام واقع دولة احتلال وقلب الطاولة بالكامل بشكل يفتح احتمالات كانت ما قبل مدريد 1991، بينها الانتفاضة. هكذا خيار يعني قرار داخلي للسلطة برسم منعطف تاريخي يغير المعادلة بالكامل ويعيد النقاش إلى ما قبل حل الدولتين. رابعا، عودة عباس للأمم المتحدة والمحاكم الدولية، والرهان على الأوروبيين وهو خيار لا يضمن الكثير نظرا لتراجع الدور الأوروبي وانشغال الأمم المتحدة بوباء كورونا وانقسام مجلس الأمن. السلطة الفلسطينية اليوم تقف على مفترق تاريخي وخياراتها محدودة بين محاولة شراء الوقت أو قلب الطاولة بالكامل. أما إسرائيل، وحتى لو أحرزت انتصارا في المدى القصير بتنفيذ قرار الضم فهي في وارد الدخول في أزمة أطول في المدى المتوسط والطويل ترى نهاية حل الدولتين، وتشنج مع الأردن ومصر. المستفيدان الأكبر من قرار الضم هما الحركة الاستيطانية وحركة "حماس" نظرا للتبعات التي سيحملها القرار على انهيار آلية أوسلو التي رفضها نتانياهو كما "حماس" منذ توقيعها، ومعها انهيار محتمل للسلطة الفلسطينية وتركيبة حل الدولتين.

مشاركة :