الشارقة: أوميد عبدالكريم إبراهيمتتعدد عوامل انجذاب القراء بمختلف مستوياتهم إلى الكتب، من ضمنها الشهرة والأهمية التي نالها كتاب ما بفضل العناوين المميزة والمثيرة للفضول، كما قد يكون اختيار القارئ لكتاب ما مبنياً على حاجاته، كأن يجري أحدهم بحثاً في مجال ما، وبالتالي يختار الكتب التي تتوافق مع مجال بحثه، لكن الكتاب يبقى صندوقاً مغلقاً ومبهماً إلى حين الولوج إلى أعماقه واكتشاف ما بداخله من أسرار، وهنا ربما يجد القارئ نفسه أمام كتاب رتيب وممل، الأمر الذي يضعه أمام خيار متابعة القراءة، أو العزوف عنه وتركه جانباً، مع الأخذ في الاعتبار أن ملامح الكتاب الممل تختلف من قارئ لآخر، فضلاً عن تباين المستويات الثقافية والمعرفية للقراء.يُجمع عدد من الكُتّاب والمثقفين الإماراتيين في هذا الاستطلاع، على أن الحكم على كتاب ما بأنه ممل يعتمد على عوامل عدة، بعضها تتعلق بالقارئ نفسه، مثل الحالة النفسية أثناء القراءة، والبعض الآخر يتوقف على محتوى الكتاب والمستوى اللغوي الذي كُتب به، فضلاً عن العنوان الذي قد يكون جاذباً للقارئ، لكنه لا يتوافق بتاتاً مع مضمون الكتاب. ضبابية تقول الروائية والقاصة، صالحة عبيد، إن اختياراتي للكتب لا تعتمد على فكرة ما إذا كان الكتاب مهماً أم لا، لأنني أرتب قراءاتي، وغالباً ما أبحث عن الكتاب بنفسي، لكن أحياناً قد تصل بعض الكتب التي لم يقع عليها الاختيار إلى مكتبة القارئ بشكل أو بآخر، وهذا أمر ربما يدفع إلى الشعور بخيبة أمل، وفي هذه الحالة أترك الكتاب، لكن ربما أعود إلى قراءته في وقت لاحق، فقد لا يكون وقت قراءته مناسباً في ذلك الحين، وعليه فإن الحكم على كتاب ما من القراءة الأولية خطأ من وجهة نظري، هذا فيما يتعلق بالكتب المعرفية، أما بالنسبة للكتب الإبداعية فأنا شخصياً أكملها حتى السطر الأخير بكل الأحوال، فالقراء مختلفون من حيث الأذواق والمستويات، وأنا أتجنب فكرة أن الكتاب سيكون مملاً.وأضافت: «إن الكتاب يصبح مملاً عندما يكون المحتوى ضبابياً بالدرجة الأولى، خصوصاً في البداية، لكن قد تكون العبرة في النهاية، فأنا أحياناً أشعر بأن الكتاب الذي بين يدي يبعث على الملل، ولكن بعد إكمال القراءة تتضح الأمور، وأكتشف أن الكتاب لم يكن مملاً». احتياجات تؤكد الشاعرة، شيخة المطيري، أن إكمال قراءة كتاب ما يعتمد على مدى حاجة القارئ إليه، فبالنسبة للقراءة البحثية والمعرفية يحتاج القارئ إلى كتب محددة للبحث عن المعلومات التي ينشدها، وفي هذه الحالة سيكون القارئ مضطراً لقراءة الكتاب بالكامل للحصول على مبتغاه، أما بخصوص القراءة من أجل المتعة والفائدة والترويح عن النفس، فلا شك في أن القارئ سيتوقف عن قراءة الكتاب إذا كان مملاً لأنه ليس مجبراً على إكماله، فالكتب التي يستهويها الآخرون ليس بالضرورة أن تعجبنا، وعليه فإن من الأفضل استثمار الوقت في قراءة كتاب آخر أكثر فائدة.وتابعت: «ليس بالضرورة أن تكون هناك ملامح محددة للحكم على كتاب ما بأنه ممل، فقد لا يكون الكتاب بحد ذاته مملاً؛ بل قد يكون الوقت أو المكان، أو حتى المزاج غير مناسب للقراءة، كما أن القارئ قد يبحث أحياناً عن قراءة شيء مختلف، إلا أنه يجد نفسه أمام معلومات مكررة، وقد يكون ذلك سبباً للشعور بالملل، وأعتقد أن من الصعب وضع خصائص ثابتة للكتاب الممل، كما لا يمكن الاعتماد على آراء الغير للحكم على كتاب معين بأنه مشوق أو ممل». زاوية مختلفة تنظر الأكاديمية، د. مريم الهاشمي، إلى الموضوع من زاوية أخرى، وتؤكد عدم وجود كتاب ممل؛ بل قد لا يتناسب كتاب ما مع مستوى القارئ المعرفي والثقافي، أو حتى اللغوي، فما يجده أحدهم مملاً قد يكون في غاية الإمتاع بالنسبة لآخرين، كما أن الحكم على كتابٍ ما يتوقف على شخصية القارئ، وكذلك على أسلوب المؤلف، لاسيما أن هنالك كُتاباً نوعيين لديهم مجتمع نوعي خاص ولا يوجهون كتاباتهم للجميع، أما إذا كان الكتاب حائزاً جائزة ما، فأنا شخصياً سأقرأه حتى السطر الأخير لمعرفة الأسباب أو العوامل التي رشحت ذلك الكتاب لنيل تلك الجائزة، وأحياناً قد يندهش المرء لحصول بعض الكتب على مثل هذه الجوائز، لكن الجائزة قد تكون تكريماً لأعمال المؤلف بالمجمل، وليس لكتاب بعينه، وأعتقد أن هذه الطريقة في التكريم غير مناسبة. الحالة النفسية يُشير الشاعر، عبدالله الهدية، إلى أن الحكم على كتاب ما بأنه ممل يعتمد على الحالة النفسية للإنسان، فأحياناً يبحث المرء عن الجمال حتى في الأشياء غير الجميلة، وأحياناً أخرى قد لا يتوافق الكتاب مع الذائقة الفكرية للقارئ، وبالتالي يجب اتخاذ موقف ما، كأن يتخذ القارئ موقفاً من المؤلف قبل الكتاب، لكن قد يخفق المؤلف في كتاب ما، لكنه ينجح في كتب أخرى، وأنا شخصياً أحرص على قراءة الكتاب بحيادية لاستلهام أي معلومة أو فكرة، لكن أغلب الكتب التي نشتريها ننخدع من عناوينها التي تحتوي على عبارات رنانة لا تتوافق مع المحتوى إطلاقاً، وأعتقد أن مثل هذه الكتب يجب تركها جانباً أو حتى إهدائها لشخص آخر قد يستفيد منها بطريقة أو بأخرى، أما أنا فلن أستفيد من الاحتفاظ بكتاب كهذا، فأسباب قراءة الكتب مختلفة ومتنوعة، فقد تكون القراءة بغرض البحث أو للتسلية، أو ممارسة هواية المطالعة.وتابع: «تتجسد ملامح الكتب المملة في محاولة الكاتب إقناع القارئ بفكرة ما، خصوصاً إذا كان الكاتب متزمتاً لفكرته، أو حتى إذا كان يحاول التسويق لنفسه أو لغيره، وهنا يجب توخي الحذر من قراءة مثل هذه الكتب، كما أن اللغة تلعب دوراً مهماً في هذا الإطار، فأسلوب الكتابة يسهم بدرجة كبيرة في اتخاذ القارئ قرار الاستمرار في قراءة الكتاب أم لا، إضافة إلى أن محتوى الكتاب يعد من أهم العناصر التي تدفع القارئ لإكمال قراءة الكتاب أو العزوف عنه».
مشاركة :