الثقافة الافتراضية تكسر حواجز الجغرافيا | عواد علي | صحيفة العرب

  • 5/26/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

في ظل جائحة كورونا اتجهت الكثير من المؤسسات الثقافية والفنية العربية إلى شبكة الإنترنت للتواصل مع الجماهير ومحبي المعرفة وعشاق الفنون، ووفرت المنصات الافتراضية أروقة ثقافية هامة ومفتوحة وحرة للجميع، كتب وأفلام وفنون وأمسيات أدبية وفكرية ومتاحف وغيرها من المحامل الثقافية والجمالية، فتحت أبوابها للمتابعين متجاوزة حاجز الجغرافيا وملغية ضرورة التنقل ومشقة الحضور، لتخلق ساحة ثقافية أكثر نشاطا وفاعلية. بالرغم من أن جائحة كورونا فرضت إيقاعها على دول العالم وشعوبها، وباتت العنوان الأبرز في الأحداث اليومية، لم تتوقف مؤسسة عبدالحميد شومان في عمّان، ذات المكانة الهامة بين المؤسسات الثقافية العربية، عن مواصلة نشر الثقافة والإبداع والفكر لشرائح مجتمعية عديدة في الأردن والعالم العربي. وخلال فترة فرض حظر التجول في الأردن نظمت المؤسسة مجموعة من الأنشطة والفعاليات المتنوعة، التي استهدفت الكبار والصغار، في محاولة لإطلاق مواهبهم ومهاراتهم، والتخفيف عن عزلتهم الاجتماعية والثقافية. وحول هذا الموضوع أكدت الرئيسة التنفيذية للمؤسسة فالنتينا قسيسية لـ”العرب” أن فايروس كورونا أثّر بشكل أو بآخر على حياة الأفراد ونمط معيشتهم، وهو ما لم تغفل عنه المؤسسة بوضع خيارات عديدة للظرف الطارئ لمواصلة تقديم برامجها عن بعد. منصة الكتب الإلكترونية بينت قسيسية أن هذه الجائحة فرصة لإنجاز المشاريع الإبداعية، وزيادة عملية القراءة لدى الأفراد، لافتة إلى أن المؤسسة واكبت عبر طواقمها الأزمة بحذافيرها، واستطاعت أن تقدم للناس الفكر والثقافة والقراءة بكل حرص. وتحدثت عن تفاصيل فعالياتها قائلة إن مكتبة عبدالحميد شومان العامة، بفرعيها في عمّان، قدمت خدمات عديدة ومتنوعة، أبرزها إطلاق منصة الكتب الإلكترونية في مختلف الحقول والعناوين، إلى جانب تفعيل الاشتراكات المؤقتة لجميع طالبي خدمة الاستفادة من المكتبة الإلكترونية، ثم إتاحة قواعد البيانات في المكتبة أمام الباحثين والدارسين. كما قامت المكتبة بتسليم المشتركين الأكثر إعارة للكتب جوائز عينية، كالاشتراك مدة ثلاثة أشهر في تطبيق أبجد، مع تفعيل خدمة “كتاب اليوم” على مواقع التواصل الاجتماعي، وأخيراً مع قرار العودة إلى العمل أعادت المؤسسة تفعيل خدمات الاشتراك والإعارة والاستعارة، ضمن تعليمات السلامة الصحية. المؤسسة واكبت عبر طواقمها الأزمة بحذافيرها، واستطاعت أن تقدم للناس الفكر والثقافة والقراءة بكل حرص وتابعت قسيسية أن مكتبة درب المعرفة للأطفال واليافعين استمرت بعرض فيديوهات للأنشطة اليومية على مجموعة أصدقاء درب المعرفة، وصفحة المؤسسة على “فيسبوك”، مع بث مباشر للقصص التشويقية والهادفة، وأيضاً تواقيع كتب لكتاب وكاتبات من الأردن. ونفذت المكتبة، كذلك، جلسة قراءة قصصية “لايف” على مجموعة أصدقاء درب المعرفة من خلال موقع التواصل الاجتماعي ذاته، إضافة إلى تسجيل قصص من دور نشر وافقت على تسجيل قصصها، ونشرها في نفس المجموعة. في حين تَواصلَ مختبر المبتكرين الصغار، أونلاين، مع المشاركين والمشاركات في المختبر، للأعوام السابقة، في برنامج التواصل الحالي مع طلبة المختبر لهذا العام، وتزويدهم بأسئلة لحلها ونقاشها. عبر منصة “زووم” وموقع المؤسسة على “فيسبوك”، استضاف منتدى عبدالحميد شومان الثقافي 4 حواريات حتى الآن، تناولت مواضيع اقتصادية واجتماعية وتعليمية مختلفة، منها “إعادة بناء الاقتصاد بعد تداعيات أزمة كورونا من خلال الابتكار”، شاركت فيها البروفيسورة فيونا موراي، عميدة الابتكار في كلية سلون للإدارة التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، والبروفيسور فيليب بادين أستاذ برنامج REAP- MIT، وحوارية “فرص تخلقها كورونا” مع وزير الاقتصاد الرقمي والريادة الأردني مثنى غرايبة، وحوارية “التجربة الأردنية في التعلم عن بعد” بمشاركة وزير التربية والتعليم معالي د. تيسير النعيمي ومدير مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية د. زيد عيادات. مشاريع رائدة وسعت المؤسسة خلال فترة الحظر الشامل وحتى هذه اللحظة، إلى إتاحة الفرصة أمام الباحثين والمبدعين وأصحاب المواهب بالمشاركة في جوائز المؤسسة الأدبية (جائزة عبدالحميد شومان لأدب الأطفال، جائزة الإنتاج الإبداعي للأطفال واليافعين “أبدع”، وجائزة عبدالحميد شومان للباحثين العرب). نشر قسم السينما في المؤسسة “بوستات” تفاعلية عن السينما عبر “فيسبوك” الخاص بالمؤسسة، قدم من خلالها معلومات غنية عن بداية ظهور السينما، من خلال مجموعة أفلام، منها فيلم “وصول القطار إلى محطة لاسوت” من إخراج الأخوين لوي وأوغست لوميير، وهو فيلم وثائقي قصير تم عرضه على مجموعة من المشاهدين في باريس عام 1895 لقاء تذاكر في قاعة سينما مقهى باريسي، وفيلم “قبلة في النفق” للمخرج الأميركي جورج ألبيرت سميث عام 1899، وفيلم “الطبيب الصغير والقطة المريضة” للمبتكر والمخرج الأميركي نفسه عام 1901، وفيلم “الأرض” للمخرج السوفياتي ألكسندر دوفجنكو عام 1930. ولم تغفل المؤسسة أيضاً على رفع الوعي والتثقيف بأهمية تفاعل موظفي المؤسسة عبر قنوات التواصل الاجتماعي الخاصة بها؛ عن طريق نشر منشورات أسبوعية توعوية عن معلومات التواصل الرقمي. وفي ما يتعلق ببرنامج المِنح والدعم، أكدت قسيسية أنه سيكون متاحاً العام القادم، كونه يُنظم مرة كل عامين، لإتاحة الفرصة لتنفيذ المشاريع الحاصلة على الدعم والتقدم لجائزة مؤسسة عبدالحميد شومان للابتكار بنسختها الثانية خلال العام 2020. ويشتمل البرنامج على منح الأدب والفنون، الذي جرى من خلاله الاستثمار في أكثر من 135 مشروعا خلال السنوات الست الماضية، وذلك ضمن حقول الفنون الأدائية، الفنون السمعية والبصرية، الأنشطة الثقافية والمهرجانات، مشاريع حفظ الإرث الوطني، المساحات الفنية والأدبية، ودعم تطوير المكتبات. وقد أسهم هذا البرنامج في تنمية المواهب والمهارات الأدبية والفنية، وتعزيز التنوع الثقافي، وتوفير الفنون للجميع من خلال دعم المشاريع التي هدفت إلى إثراء ونشر المحتوى العربي الأدبي والفني المتميز عبر جميع الوسائط، شاملة المساحات الفنية والأدبية، إضافة إلى دعم العاملين في القطاع الثقافي من فنانين وأدباء، خصوصا الشبّان. وأضافت المديرة التنفيذية “في مجتمعات ثرية بقدراتها الإبداعية ومتعطشة لإحداث التغيير ومجاراة التطور، تسعى العديد من الطاقات إلى تجاوز الصعوبات والمعوقات، والمضي في خلق مبادراتٍ ومشاريع رائدة للإسهام في تطوير المشهد الحضاري والثقافي والعلمي. وهنا يأتي دور المؤسسة في تقديم الدعم والتسهيلات لهؤلاء المبدعين في كل من الأردن وفلسطين من أجل التغلب على بعض التحديات التي تواجههم”. وأوضحت قسيسية أنه “على مدار ست سنوات ماضية، وفي إطار استراتيجيتها التي تسعى للاستثمار في الإبداع المعرفي والثقافي والاجتماعي، استثمر برنامج المنح والدعم في أكثر من 198 مشروعا فريدا ومؤثرا، وقدم الدعم لمجموعة من المشاريع التي صبت في مصلحة تحقيق نهضة المجتمعات، وتكريس الرؤية الأساسية للمؤسسة في السير نحو مجتمع الثقافة والإبداع”.

مشاركة :