أكد صلاح الريسي، الوكيل المساعد لقطاع التنوع البيولوجي والأحياء المائية بالوكالة في وزارة التغير المناخي والبيئة، أن الإمارات نجحت في تحقيق التوازن المنشود بين النمو العمراني، والحفاظ على البيئة ومصادرها الطبيعية، موضحاً أنه خلال العقدين الماضيين، تقلصت حالات نفوق الأسماك، وانخفض عدد حالات حوادث التلوث النفطي واستقرت مؤشرات المخزون السمكي، على الرغم من التحديات التي تواجهها بيئة دولة الإمارات من ارتفاع نسق التنمية والمشاريع التطويرية في المنطقة الساحلية، وكثافة حركة الملاحة البحرية التي أدت إلى تسجيل ارتفاع نسب المغذيات في العمود المائي في بعض المناطق، وفي حالات ازدهار الطحالب الضارة. وأشار صلاح الريسي، الوكيل المساعد لقطاع التنوع البيولوجي والأحياء المائية بالوكالة، في حوار لـ«الاتحاد» إلى أن التحسن الملحوظ والمستمر في حالة البيئة البحرية والساحلية لدولة الإمارات مكنها من اعتلاء المراتب الأولى في مؤشر الأداء البيئي الخاص بالمحميات البحرية، وتصدرها إقليمياً ودولياً في مؤشر صحة المحيطات، وذلك كله نتيجة السياسات التي انتهجتها الإمارات لضمان استدامة النظم الإيكولوجية البحرية والساحلية والمبادرات والبرامج العديدة التي تنفذها مثل برامج إعادة تأهيل الموائل الساحلية، وإنشاء برامج الرصد والمراقبة المتطورة والمعتمدة على الذكاء الاصطناعي، ووضع منظومة متكاملة من التشريعات التي تهدف إلى المحافظة على التنوع البيولوجي في البيئة البحرية وغيرها. وقال صلاح الريسي: تتسم حالة البيئة البحرية والساحلية في دولة الإمارات بتوازنها، على الرغم من تعرضها لضغوط طبيعية مثل التغير المناخي، وأخرى بشرية مثل النمو السكاني والاقتصادي، حيث حافظت على تنوعها البيولوجي وخدمات نظمها الإيكولوجية، وجودة مياهها البحرية، كما ساعدت الإجراءات المتخذة من قبل الجهات الاتحادية والمحلية على وقف تدهور مخزون الثروة السمكية وتسجيل تحسن ملحوظ في الكتلة الحيوية للأسماك. ولفت الوكيل المساعد لقطاع التنوع البيولوجي والأحياء المائية بالوكالة في وزارة التغير المناخي والبيئة إلى أن دولة الإمارات تتمتع بمساحة بحرية إقليمية تقدر بـ(27,624) كيلومتراً مربعاً، وساحل طبيعي يمتد لحوالي (1,318) كيلومتراً، ويشمل سواحل الخليج العربي وبحر عمان، كما تعتبر بيئتها البحرية والساحلية، بما تحويه من موائل وبيئات وأحياء مائية متنوعة من أهم المصادر الطبيعية المتجددة التي تتمتع بها الدولة، وتتراوح بين الشواطئ بأنواعها المختلفة، الرملية والطينية والصخرية، والسبخات الساحلية، وغابات أشجار القرم، ومناطق الأعشاب البحرية، والشعاب المرجانية. وأشار إلى ارتباط بيئة الدولة البحرية بتاريخ طويل وتراث عريق، حيث أدت التجارة البحرية باستخدام قوارب الداو (القوارب الخشبية) إلى قيام وتشكيل المجتمعات الساحلية على طول الخليج العربي وبحر عمان، كما لعب صيد الأسماك دوراً محورياً في تأمين الاحتياجات الغذائية لسكّان المنطقة، وتشير سجلّات الدولة كذلك إلى أن صيد اللؤلؤ كان من أهم الأنشطة الاقتصادية الرئيسة التي تميزت بها دول المنطقة عبر التاريخ، فقد كان مصدر الدخل الأساسي للمجتمعات المحلية خلال الفترة الممتدة من القرن السادس عشر وحتى عام 1930، ويعزى أبرز أسباب ازدهاره إلى الطلب المتنامي من الهند خلال القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. وقال صلاح الريسي: إن دولة الإمارات غدت اليوم قطباً اقتصادياً متطوراً ومقصداً سياحياً مهماً، حيث لا تزال البيئة البحرية والمناطق الساحلية تلعب دوراً محورياً في تشكيل معالمه، وتعد المياه البحرية أحد المصادر الأساسية للماء والغذاء والطاقة، الأمر الذي يدعو إلى ضرورة المحافظة عليها بشكل مستمر وصونها للأجيال القادمة. ضغوط طبيعية وبشرية وحول أنواع الضغوط والتحديات البيئية أكد الريسي أن الضغوط المحركة للتغيرات في البيئة البحرية والساحلية تتمثل في ضغوط طبيعية وأخرى بشرية، ويأتي التغير المناخي وما يرافقه من مظاهر كارتفاع درجة الحرارة وارتفاع منسوب سطح البحر في مقدمة الضغوط الدافعة الطبيعية، فهو ينطوي على تأثيرات كبيرة، تشمل تحمض المحيطات، وتدهور النظم الإيكولوجية البحرية وفقدانها بما في ذلك موت الشعاب المرجانية، وانخفاض إنتاجية الموارد البحرية الحية وما يستتبعه من اضطراب في السلاسل الغذائية، في حين تتمثل الضغوط الدافعة البشرية في النمو السكاني والاقتصادي، وما يرافقهما من مظاهر كتغير استخدامات الأراضي والتوسع الحضري، فقد قفز عدد السكان قفزات كبيرة نتيجة لاستقدام العمالة الوافدة للمشاركة في تنفيذ المشاريع التنموية الضخمة، حيث ارتفع عدد السكان من حوالي نصف مليون نسمة في عام 1975 إلى أكثر من تسعة ملايين نسمة في عام 2017، وشهد النمو الاقتصادي قفزات مماثلة، وشكل الشريط الساحلي منطقة جذب لمئات الآلاف من السكان والمنشآت الاقتصادية والمشاريع التنموية الضخمة، في حين شكلت البيئة البحرية مركزاً مهماً لأنشطة استكشاف واستخراج النفط والغاز، حيث تتركز معظم حقول النفط والغاز فيها. وأكد الريسي أن عملية وضع السياسات والخطط والمبادرات المناسبة، تعد واحدة ضمن جهود الدولة في هذا المجال، ومنها مراقبة ورصد البيئة البحرية والساحلية، حيث طورت الدولة نظاماً فعالاً لمراقبة جودة المياه البحرية في المناطق الساحلية ورصد التغيرات التي قد تحدث فيها من خلال توظيف أحدث التقنيات، بما فيها الذكاء الاصطناعي، كما قامت وزارة التغير المناخي والبيئة، بالتعاون مع السلطات المختصة في الإمارات والجهات المعنية، بإعداد خطة وطنية لمكافحة الملوثات البحرية، بالإضافة إلى وضع عدد من الأدلة الإرشادية لمساعدة أصحاب القرار والفرق الميدانية على اختيار الطرق الفعالة والناجعة للتعامل مع حالات التلوث بالنفط، والحد من انتشاره ومن آثاره على البيئة البحرية والساحلية، بالإضافة إلى آليات تقييم السواحل الملوثة بالنفط، وغيرها الكثير من الجهود. حماية من التلوث بالنفط والمواد الضارة قال صلاح الريسي، الوكيل المساعد لقطاع التنوع البيولوجي والأحياء المائية بالوكالة، إن البيئة البحرية والساحلية حظيت باهتمام خاص في الدولة، كونها إحدى أبرز الركائز الأساسية لمسيرة التنمية على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، مشيراً إلى أهم الجهود التي تبذلها الدولة في هذا الإطار مثل الحد من تداعيات التغير المناخي والمظاهر المناخية المصاحبة له على البيئتين البحرية والساحلية، وحمايتهما من التلوث بالنفط والمواد الضارة الأخرى، وحماية مواردهما واستدامتهما، من خلال تعزيز الإطارين التشريعي والمؤسسي مثل القانون (24) لسنة 1999 بشأن حماية البيئة البحرية ونظام حماية البيئة البحرية الصادر بموجبه 2001 القاعدة القانونية التي تستند إليها حماية البيئة البحرية، حيث يضع القانون والنظام القواعد والضوابط والاشتراطات لحماية البيئة البحرية والساحلية من التلوث بأنواعه، مثل التلوث بالنفط والمواد الضارة الأخرى من مختلف المصادر البرية والبحرية.
مشاركة :