العراق يسلك مسارا عكسيا في معركته ضد كورونا | | صحيفة العرب

  • 5/30/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

بغداد - يسلك العراق مسارا عكسيا في معركته التي يخوضها ضدّ جائحة كورونا، حيث يزداد الوباء انتشارا ويدفع بالسلطات العراقية إلى تشديد إجراءات الإغلاق مع ما يستتبع ذلك من خسائر اقتصادية وضغوط اجتماعية، في وقت تسير فيه الكثير من دول المنطقة والعالم نحو الخروج التدريجي من الحجر الصحّي وإعادة الحركة الاقتصادية والتجارية إلى وضعها الطبيعي. وتواجه العاصمة العراقية بغداد اختبارا معقدا بعد الارتفاع الهائل في عدد المصابين بالفايروس خلال الأيام القليلة الماضية، بالتزامن مع اختناق اقتصادي، قد يؤدي إلى انفجار شعبي. وخلال الشهور الماضية التي عانت خلالها دول عديدة بقسوة بسبب تفشي كورونا بين سكانها، صنّف العراق، وفقا لبيانات منظمة الصحة العالمية، بأنه أحد أفضل البلدان على مستوى الاستعداد الوقائي، بدليل تسجيل أرقام إصابات منخفضة وخلو مدن كبيرة كالرمادي والموصل من أي مصابين في بعض الأحيان. وبينما بدأت الإصابات في الدول الموبوءة مثل إيران وإيطاليا والولايات المتحدة بالتراجع، بدأ عدد المصابين بالازدياد في العراق، حتى فاق الثلاثمئة شخص في يوم واحد، وهو معدل غير مسبوق. وتركزت معظم الإصابات الجديدة في بغداد، بعدما كان القلق موجها إلى النجف والسليمانية، لصلاتهما القوية بإيران، إذ تملك الأولى مطارا يستخدمه الزوار الشيعة بكثرة لزيارة العتبات المقدسة، فيما يعتاش اقتصاد الثانية المحلي على تبادل البضائع مع مناطق إيرانية مجاورة، عبر منافذ غير رسمية. للفساد دور في تفاقم الجائحة حيث عمد تجار إلى دفع رشاوى للسلطات الأمنية لمزاولة أنشطتهم رغم الحظر وأواخر شهر رمضان الماضي شددت السلطات العراقية من القيود المفروضة على الحركة في بغداد، بعدما قفز معدل الإصابة بكورونا بشكل مفاجئ، فيما لجأت مدن مجاورة للعاصمة إلى إيقاف كل أشكال التواصل معها، لمنع التفشي على نطاق واسع. ومع دخول عطلة عيد الفطر، ظنت السلطات الأمنية أن تطبيق حظر تجوال شامل سيكون أسهل، وسيؤدي إلى قطع سلسلة العدوى، لكن مؤشر الإصابات عاد خلال هذه الأيام ليسجل ارتفاعا مقلقا. ومن بين قرابة 5500 مصاب عراقي بالوباء يقيم نحو ثلاثة آلاف في بغداد كما أن عدد المتوفين بسبب الفايروس في المدينة يبلغ 115 من بين177 عراقيا توفوا في 18 محافظة. ويقطن بغداد نحو 8 ملايين ساكن من إجمالي 38 مليون نسمة‎ في عموم البلاد وفق أحدث إحصاء لوزارة التخطيط العراقية. وخلال اليومين الماضيين، نسبت إلى محافظ بغداد تصريحات تؤكد خروج الوضع الصحي في العاصمة عن السيطرة، لكن مساعديه عادوا إلى إيضاح أنه يحذر من خروج الأمور عن السيطرة. ويثير معدل الانتشار المتسارع لكورونا مخاوف استثنائية لدى العاملين في القطاع الصحي العراقي. وقال وسام التميمي أخصائي علم الأوبئة في دائرة صحة الرصافة ببغداد لوكالة الأناضول، إن الانطباع المغلوط لدى المواطنين حيال الوضع الصحي في العاصمة، أدى إلى تصاعد معدل الإصابات خلال الأيام الماضية. وعزا أسباب تفشي كورونا في بغداد إلى إيهام المواطنين بالسيطرة على الفايروس في البلاد، ما قادهم إلى التراخي في الالتزام بالإجراءات الوقائية والاحترازية والتباعد الاجتماعي. محاولات للسيطرة على وباء كورونا محاولات للسيطرة على وباء كورونا وحذر من احتمال خروج الأوضاع الصحية في بغداد عن السيطرة، لاسيما في ظل إصابة عدد من الأطباء والممرضين بالفايروس، في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من عدم كفاية عدد وتجهيزات الطواقم الطبية. وتقول السلطات الصحية إن المناطق الشعبية الفقيرة المكتظة بالسكان، كالشعلة والصدر والحرية، لم تلتزم بإجراءات الحظر الوقائي الكلي أو الجزئي ولم تهتم لنصائح الوقاية، فيما بقيت أسواقها تقدم الخدمات المعروفة نفسها، من دون فرق واضح. ويقول نواب في البرلمان العراقي إن الحكومة السابقة المستقيلة برئاسة عادل عبدالمهدي، تغاضت عن تطبيق القانون في المناطق الشعبية من بغداد خشية تجدد الاحتجاجات ما تسبب عملية تفش واسع. وتخشى السلطات الأمنية من أن فرض الحظر الشامل للتجوال لم يعد ممكنا، بعدما اعتاد سكان العاصمة على خرقه مرارا وتكرارا. واللافت أن الحركة التجارية بدأت تعود تدريجيا لبعض أحياء بغداد الراقية بالتزامن مع تزايد عدد المصابين فيها. ووفقا لإجراءات الإغلاق العام فإن أسواق المواد الغذائية والصيدليات، هي المسموح لها فقط بفتح أبوابها في توقيتات محددة. ويقول بعض تجار محال التجزئة في حي الكرادة وسط بغداد، إنهم دفعوا لرجال الشرطة لقاء السماح لهم بفتح أبواب متاجرهم بغض النظر عن نوعية المنتجات التي يعرضونها. وفي حي الأعظمية شمال شرق العاصمة، قال باعة إنهم دفعوا نحو 75 دولارا لعناصر في الأمن كي يسمحوا لهم بفتح أبواب محالهم. ويقول بائع في متجر للمشروبات الروحية في منطقة العلاوي وسط بغداد إنه دفع ألفي دولار لجهة أمنية، لم يسمها، كي تسمح له بالعمل لمدة شهر واحد. ويقول مراقبون إن هذا النوع من التعاطي قد يؤدي إلى تزايد عدد المصابين بالفايروس في بغداد ما يهدد النظام الصحي المتهالك بالانهيار. ودعا مقرر خلية الأزمة التي شكلها البرلمان لمتابعة إجراءات التصدي لفايروس كورونا، جواد الموسوي، إلى إغلاق مداخل ومخارج العاصمة بغداد وحظر التجوال 14 يوما لمواجهة الموجة الجديدة من التفشي. ويرى الموسوي أن عزل بغداد عن بقية مدن العراق، هو الإجراء الأمثل حاليا، لمنع انتقال الوباء إلى مناطق مجاورة، سبق لها السيطرة على الوباء بشكل شبه كلي. وبدا أن مدينة النجف كانت أول المستجيبين، إذ أعلن محافظها لؤي الياسري منع دخول الوافدين من بغداد، بعد زيادة معدل الإصابة بكورونا بين سكانها. وحذر الموسوي من أن “المجازفة باتخاذ القرارات الخاطئة قد تودي بالبلاد إلى منحدرات خطرة كون الوضع الحالي لا يتحمل المجاملات ولا المجازفة بأرواح المواطنين”.

مشاركة :