تطبيقاً لحظر التجول الكلي في الفترة السابقة وملازمتنا منازلنا احتراما للتعليمات، اقتنصت هذه الفترة ورحت أرتب أوراقي وأشيائي القديمة، ووقعت بيدي محاضرة ألقيتها بتاريخ ٢٨ فبراير١٩٩١، أي بعد تحرير الكويت بيومين. كانت الدعوة موجهة لي من اتحاد طلبة الكويت فرع القاهرة، ذهبت إلى مقر الاتحاد في شارع المساحة بالدقي الذي أعرفه جيداً، وكانت لنا كطلبة كويتيين ذكريات جميلة فيه نقيم فيه الأنشطة الثقافية، ونلتقي بإخواننا الطلاب والطالبات في جو صحي وأخوي، وتشرفت برئاسة هذا الاتحاد فترة من الزمن الجميل. المحاضرة التي جئت من أجل إلقائها تتمحور حول رؤيتي عن الكويت بعد التحرير من الغزو العراقي، وأعيد سردها الآن كما كتبتها في تلك الأيام، وأقارن ما ذكرته منذ ما يقرب من٢٩ سنة من التحرير، وما هو حاصل مع الأزمة الثانية التي تمر بها الكويت وهي أزمة وباء كورونا، لعلنا نتعلم من الدرس، وأن يزيل الله عنا وعن العالم أجمع هذا الوباء: النقاط الرئيسة في المحاضرة كانت تتعلق: "بالمحافظة على الوحدة الوطنية لأنها هي الأساس في حفظ الكويت وشعبها، وعدم التفرقة بين المواطنين على أساس المذهب أو المركز الاجتماعي أو الاقتصادي، ووضع الكويتي الكفؤ في المكان المناسب، وإعادة النظر في التركيبة السكانية لأنها الخطر الأكبر على سلامة الكويت، (وهذا ما أثبتته الأحداث)، والتقليل من العمالة الأجنبية، وزيادة نسبة الكويتيين عن طريق تشجيع زيادة النسل وإعطاء تسهيلات وحوافز للكويتي صاحب الأسرة الكبيرة، والمناصب الحساسة يجب أن تقتصر على الكويتيين الأكفاء، ويجب أن يكون هناك توازن للجاليات الموجودة مع تحديد نسبة كل جالية، وإعادة النظر في قانون الجنسية وإعطاء الجنسية لمن يستحقها من العرب المخلصين الذين خدموا مدة طويلة، وإلغاء نظام الجنسيتين الأولى والثانية، وإعادة النظر في وضع الذين لا يحملون جنسية، ومبدأ الشورى والتشاور والتمسك بالديمقراطية وأساسها دستور١٩٦٢ وهو الذي يعطي الكويت وزنا خارجيا يحفظ سلامتها، وإنشاء مجالس استشارية متخصصة تساعد الوزراء في عملهم، تضم الوزراء السابقين كل في مجال عمله، ويجب أن تكون هناك دول ديمقراطية مجاورة كي تنجح ديمقراطيتنا، والاهتمام بالإعلام الكويتي الداخلي والخارجي، وإعادة الهيكل التنظيمي وجذب الكفاءات الكويتية في هذا المجال، والصحافة الكويتية يجب إعادة النظر في عدد العاملين فيها، وزيادة نسبة الكويتيين العاملين وتشجيعهم وتفرغ البعض للصحافة ضروري، وعلى الصحافة ألا تندفع في تحليلاتها، وأن تكون متوازنة، وأن تكون الرقابة عليها ذاتية وليست من وزارة الإعلام، والاهتمام أكثر بالعمل ومكافأة المجدّ، ومعاقبة المخطئ كائنا من كان، وأن نحرص على اختيار من يعمل من الكويتيين في الأعمال الأخرى كالسكرتارية لأن الأحداث أثبتت إمكانية الاختراق بهذا العمل، وجهاز الأمن من الأمور المهمة التي يجب أن نهتم بها ونطورها، وأن نكون يقظين، وإعادة النظر في نظام التعليم والتركيز أكثر على التعليم التطبيقي، وتشجيع الشباب على الانضمام، وممارسة حرف لم تكن في السابق من نصيبهم، وتكريم الشهداء وأسرهم وإطلاق أسمائهم على بعض الشوارع التي تحمل أسماء بعض الدول". هذه هي بعض الأفكار التي طرحتها في المحاضرة، والآن بعد مرور ما يقارب ٢٩ سنة من التحرير لا شك أن هناك كثيرا من هذه الأشياء تغيرت وبقيت أمور أخرى لم تتغير، أرجو أن تتغير لما فيه خير الكويت وشعبها الوفي المخلص، ونحن نعيش هذه الأيام في ظل أزمة الوباء المنتشر في العالم، وأن نتعظ من الدروس قبل أن يفوتنا الركب، وأن نعيد النظر في أمورنا الداخلية لما فيه الخير لبلدنا وشعبنا، ولنتقدم للأمام بعون الله وتوفيقه. *** في الأسبوع الماضي كتبت عن الإنسان الكبير الأستاذ صالح العجيري، واليوم أقدم له التعازي بوفاة ابنه العزيز غفر الله له وأسكنه الجنة، كما أقدم التعازي لأسرة البدر لوفاة فقيدهم ناصر، رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه الجنة.
مشاركة :