يعد تعرف الأسرة على حاجات الطفل الأساسية وضبط انفعالاته آلية من آليات تحقيق الأمن النفسي للطفل والتوازن الأسري للعائلة في ذات الحين. وتصبح هذه الآلية أكثر من ضرورية خلال فترة الحجر الصحي، ما يساعد الأبناء على تحقيق النجاح والعائلة على الاستمتاع بوقتها. أبوظبي – تخوض العائلات في الوقت الحالي فترات طويلة من التباعد الاجتماعي. وتؤكد هيئة أبوظبي للطفولة المبكرة أن العديد من الأسر قادرة على تحقيق التوازن في حياتها والتكيف مع هذه الظروف الاستثنائية، مع وجود عدد من الأطفال في المنزل، ومراعاة الاحتياجات الفردية لهم. كما تشير الهيئة إلى أن هناك فارقا هائلا بين التعليم المنزلي الاختياري، واعتماد نظام التعلم عبر الإنترنت. وتنصح الوالدين بأن يكونا متساهلين مع نفسيهما وإيجابيين في كل الأحوال، مؤكدة على أن العالم يمر اليوم بظروف غير اعتيادية. ويمكن للأطفال أن يلتقطوا بسهولة المحادثات، التي يجريها الوالدان حول الظروف، التي يمران بها والتي قد لا يكونون على علم بها خلال الظروف العادية. ونتيجة لذلك، يمكن أن يؤدي هذا الأمر إلى تغييرات في سلوك الطفل ونتائجه المدرسية وصحته بشكل عام، وفق ما تؤكده الهيئة. ومن المهم أن يعمل الوالدان على تنظيم المحتوى، الذي يظهر في الأخبار ومناقشته في الحوارات الهاتفية مع الأصدقاء والعائلة بعيدا عن الأطفال للمساهمة في خفض مستوى القلق. وتنصح الهيئة الآباء بالتحدث إلى الأطفال حول أي مخاوف أو قلق ينتابهم، وجعلهم يعبرون عن مشاعرهم من خلال الرد على أي تساؤلات يطرحونها. كما تنصح بتوفير مساحة صادقة وهادئة للأطفال للتحدث عن أي مخاوف يشعرون بها خلال هذه الظروف الراهنة. من جهته يؤكد أخصائي الطب النفسي المصري الدكتور محمد جمال أن مشاعر القلق أمر طبيعي يمر به الناس كافة، وأنها نابعة من مشاعر الخوف التي يكون هدفها أصلاً توقع الأخطار، ما هو حقيقي منها وما هو وهمي، لتحفيز الإنسان على حماية نفسه. ويقول إن مشاعر القلق بحد ذاتها ليست مشكلة، إلا إذا تحولت إلى معيق أمام إتمام الإنسان لمهامه اليومية وعيش حياة طبيعية. ويمكن أن يكون الالتزام ببرنامج أنشطة يومي بالنسبة للأطفال الصغار أحد عوامل تخفيف التوتر، وفق الهيئة. ولضمان الشعور بالحياة الطبيعية للأطفال، يمكن القيام بتخطيط برنامج يومي يحاكي قضاء يوم عادي من أيام المدرسة أو الحضانة؛ حيث يتضمن وقت اللعب والفنون والحرف والأنشطة الترفيهية، التي تشمل أفراد العائلة الآخرين والقراءة. وعند التخطيط لجدول زمني، من المهم أن نتذكر أن الأشياء لا تسير دائما وفقا للمخطط؛ لذا من المستحسن ألا يضغط الوالدان على نفسيهما طوال الوقت ويتحليان بالمرونة للتكيف مع التغييرات عند الحاجة. وتضع الهيئة نموذجا لبرنامج يومي لطفل صغير يكون كالتالي: التأكد من استيقاظ الأطفال في الوقت نفسه كل يوم. الإفطار. تنظيف الأسنان وارتداء الملابس. وقت اللعب والنشاط الحركي المخطط للتوازن والتنسيق. وجبة خفيفة صباحية صحية. لعب عشوائي (رسم، حرف يدوية، أنشطة إبداعية). غداء صحي. وقت القيلولة. وجبة خفيفة صحية بعد الظهر– وقت الأناشيد والموسيقى. وقت الاستحمام وتنظيف الأسنان. وقت الحكايات. وقت النوم (الالتزام بموعد النوم يمكن أن يساعد في تقليل معارك وقت النوم، ويساعد الأطفال الصغار على النوم بسهولة والبقاء نائمين لفترات أطول). الالتزام ببرنامج أنشطة يومي للصغار يخفف من توترهم الالتزام ببرنامج أنشطة يومي للصغار يخفف من توترهم وتعتبر الهيئة أن التخطيط المسبق للوالدين مفيد كثيرا، كما أن التمسك بأهداف واقعية وقابلة للتحقق على المدى القصير يؤدي إلى أجواء أسريّة أكثر هدوءا. وفي الوقت ذاته من الضروري عدم التفكير كثيرا في مسألة أن الطفل قد يتأخر عن غيره، فإنها ليست نهاية العالم وبمقدور الآباء القيام بتجارب عدة واستشارات تساعد على إيجاد المعادلة والبيئة المناسبة، التي تعزز من فرص تنمية الطفل ومهاراته. وإذا كان الطفل لا يتكيّف مع نظام التعليم عبر الإنترنت، على الآباء أن يحاولا توزيع العمل على مدار اليوم. ومن المهم أن يدركا أن هذه الفترة تشكل تحولا كبيرا بالنسبة للأطفال للتكيف معها وأن العديد من الأطفال يواجهون تحديات أيضا؛ لذلك يجب ألا نحملهم فوق طاقتهم من خلال وضع توقعات عالية بشكل مفرط في هذه الظروف الراهنة والاستثنائية. ويشير أخصائيو التربية إلى أن هناك مجموعة من القواعد يمكن، في حال اتباعها، جعل عملية التعليم المنزلي أكثر سلاسة وإمتاعاً للأطفال وذويهم ومنها التهيئة النفسية حيث ينظر الكثير من الأطفال في العالم إلى فترة إغلاق المدارس على أنها إجازة للعب والاستمتاع. ويؤكد أخصائيو التربية على ضرورة تهيئة الأطفال نفسياً بأن الدراسة مستمرة ولو عن بعد عن طريق الالتزام قدر المستطاع بروتين شبيه بذلك الذي كان متبعاً أيام الدوام المدرسي وإن مع تخصيص ساعات أقل للدراسة وجعل العملية ممتعة قدر الإمكان. كما ينصحون الأهل بالمحاولة قدر المستطاع تأمين كل ما يلزم الطفل من كتب وأدوات ساعة جلوسه للدراسة، مما يمكنه من المحافظة على تركيزه ويقلل من تشتت انتباهه، كما يجعل الحدود بين وقت الجلوس إلى الدرس ووقت اللعب واضحة. إضافة إلى تنظيم وقت الطفل والاهتمام بصحته البدنية والنفسية وبتخصيص وقت للترفيه وقضاء وقت مع العائلة. أما إذا كان الوالدان يعملان في المنزل فمن المستحسن القيام بالأعمال المنزلية قدر الإمكان قبل استيقاظ الأطفال. ووضع خطة خلال عطلة الأسبوع لوجبات الأسبوع القادم مسبقا وتجهيز ما يستطيعان؛ إذ يساعد ذلك على التخفيف من الإجهاد في تحضير الطعام ونوبات الغضب المضرة صحيا لهما ولمن حولهما. ومن المستحسن أيضا التحدث مع الأطفال حول الحاجة إلى دعمهم ومناقشة الخطط الأسبوعية معهم لإشراك الجميع في الرحلة قبل بدء الأسبوع. ووضع جدول زمني للأسبوع؛ حيث يمكن للأطفال والأسرة إجراء مكالمات فيديو مع الأصدقاء والعائلة لإعطاء الجميع شيئا يتطلعون إليه. وإذا لم يكن الأسبوع يمضي وفقا للمخطط، من الأجدر التكيّف مع جدول العمل، الذي يتمحور حول الأطفال، وإذا لزم الأمر يحاول الوالدان أن يتابعا ما فاتهما عندما تهدأ الأمور أو خلال فترة المساء. ومن الضروري إخبار الأطفال مسبقا بأهمية مكالمات العمل حتى يتمكن الجميع من احترام الحاجة إلى الهدوء خلال هذا الوقت، فالأطفال يمثلون المستقبل، لذا وجب تشجيعهم ودعمهم وإرشادهم.
مشاركة :