تحذيرات من الآثار المدمرة لتمديد الحجر على الأطفال في المغرب | | صحيفة العرب

  • 6/19/2020
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

قرر المغرب تمديد حالة الطوارئ الصحية إلى غاية 10 يوليو المقبل، مع الإبقاء على تدابير الحجر وتخفيفها تدريجيا، لمواجهة تفشي فايروس كورونا المستجد. وفي ظل هذا الوضع، يبقى الأطفال محرومين من الخروج من منازلهم، وهو ما قد تكون له تداعيات على حالتهم النفسية، برأي الخبراء. الرباط – أدى تمديد إجراءات العزل المفروض منذ مارس في المدن المغربية الكبرى ومحيطها إلى تزايد الشعور بالقلق والمعاناة من الملل خاصة بالنسبة للأطفال، حيث حذرت الجمعية المغربية لأطباء الأطفال في رسالة لوزارة الصحة من “الآثار المدمرة للحجر على الأطفال”، غداة إعلان السلطات في التاسع من يونيو استمرار حالة الطوارئ الصحية شهرا آخر مع تمديد الحجر في المدن الكبرى وتخفيفه تدريجيا في باقي المناطق. ودعت الرسالة التي لقيت صدى واسعا في وسائل الإعلام المحلية إلى ضرورة “أخذ الأثر النفسي والقلق الناجم عن الحجر بعين الاعتبار”، منادية بـ“اتخاذ تدابير للتخفيف منهما لفائدة الأطفال بتمكينهم من الخروج مع احترام إجراءات التباعد الاجتماعي”. وأوضح رئيس الجمعية حسن أفيلال لوكالة فرانس برس “لسنا ضد الحجر أو الإجراءات الوقائية من كوفيد – 19، لكننا نطلب تخفيفه لتمكين الأطفال من الخروج ساعة إلى ثلاث ساعات في اليوم، خصوصا وأن التجول في الهواء الطلق لا ينطوي على مخاطر كبيرة”. وأضاف محذرا من أن استمرار فرض الحجر على الأطفال يمكن أن يتسبب لهم في اضطرابات سلوكية واضطرابات في النوم ويجعلهم عرضة لنوبات الغضب، فضلا عن ندوب نفسية محتملة. وتوالت شهادات أمهات وآباء على مواقع التواصل الاجتماعي بعد بث هذه الرسالة تعبر عن معاناة أطفالهم من استمرار الحجر، بعد تمضيتهم أكثر من شهرين ونصف الشهر محاصرين في البيوت. وتحدثت إحدى الأمهات عن خيبة الأمل الكبيرة التي مني بها ابنها بعدما ظل يأمل بفارغ الصبر رفع الحجر في 10 يونيو، وقالت “لم أعد أجد الكلمات المناسبة لمواساته”. وكتب أحد الآباء شاكيا حال ابنه ذي الـ8 سنوات “ابني المحبوس منذ 3 أشهر، إنه مكتئب يبكي طوال الوقت ويعاني صداعا مزمنا في رأسه”. مطالب باتخاذ تدابير للتخفيف من الحجر لفائدة الأطفال بتمكينهم من الخروج مع احترام إجراءات التباعد الاجتماعي وتؤكد ربة المنزل سهام راشيدي لوكالة فرانس برس هي الأخرى أن “ابنتها ذات الـ8 أعوام تخرج للمرة الأولى منذ منتصف مارس لعيادة طبيب عيون، فقد أنهكها إدمان الهاتف الذكي طيلة الحجر”. ويظل التنقل داخل معظم المدن المغربية الكبرى ومحيطها حيث مدد الحجر ممنوعا، إلا بموجب تراخيص في حالات محددة مثل التوجه للعمل، تحت طائلة عقوبات للمخالفين قد تصل حتى السجن 3 أشهر أو غرامة قدرها حوالي 130 دولارا. ويسري هذا المنع على الأطفال من دون أن تشمل تراخيص التنقل الاستثنائية الخروج لممارسة الرياضة أو التجوال في الأماكن العمومية والحدائق أو الشواطئ التي لا تزال مغلقة. وتبقى المملكة البالغ عدد سكانها 35 مليون نسمة، في منأى نسبيا عن الجائحة التي أدت حتى الآن إلى 212 حالة وفاة من أصل أقل من 9 آلاف إصابة. وتتابع سهام راشيدي وهي أم لطفلين تقطن شقة في الرباط “استقبل الصغار في البداية الحجر بسرور كونهم توقفوا عن التوجه للمدرسة، لكن الملل بدأ يسيطر عليهم وهم الآن تحت الضغط”. ويقول الممثل رشيد العدواني الذي صادفته وكالة فرانس برس وسط العاصمة “ابنتي تقترب من عامها الثالث وتحتاج إلى هدر طاقتها كي تستطيع النوم، بذلت جهودا كبيرة رفقة والدتها لتسليتها داخل البيت، لكنها لم تعد تحتمل وتطالبنا بالخروج إلى الشاطئ أو حديقة الحيوانات”. ولا تزال حواجز المراقبة التي تقيمها الشرطة قائمة في شوارع العاصمة، رغم أن الحياة بدأت تستعيد تدريجيا إيقاعها الطبيعي مع تسامح أكبر مع المارة خلال الأيام الأخيرة. ووعدت السلطات بتسريع التخفيف التدريجي للحجر ابتداء من 20 يونيو، مع السماح “بحركية أيسر وأوسع”، واستئناف الأنشطة الثقافية، كما أفاد رئيس الحكومة سعدالدين العثماني الثلاثاء. وكانت دراسة رسمية أظهرت في أواخر مايو أن نصف الأسر المغربية تعاني القلق بسبب الحجر. وقال أفيلال لوكالة المغرب العربي للأنباء إن تخفيف الحجر على الأطفال أمر ضروري، مشيرا إلى أن تداعيات الحجر المطول على الطفل وتركيبته الدماغية مهمة جدا إلى درجة أنه من الملحّ اتخاذ تدابير تمكن الأطفال من الخروج في كافة المناطق. ومن الضروري البحث عن حلول حتى يتمكن الأطفال من الخروج لبضع ساعات. يتأثر ثلث الأطفال دون سن الـ10 من قلق ما بعد الحجر، فيما تصل هذه النسبة إلى النصف لدى المراهقين يتأثر ثلث الأطفال دون سن الـ10 من قلق ما بعد الحجر، فيما تصل هذه النسبة إلى النصف لدى المراهقين وأشار إلى أن دور الجمعية المغربية لطب الأطفال يتمثل في تنبيه السلطات حين يكون هناك خطر على الطفل، في ظل الوضع الراهن، نظرا للمخاطر الكبيرة الناجمة عن تمديد الحجر. وأوضح أن هناك توجها عالميا بوجوب مكوث الأطفال في المنازل. وقال “هذا الأمر لا يصب في مصلحتهم، ولا يناقض مصلحة الكبار. فالأطفال ليسوا ناقلين للعدوى”. كما كشف أن الجمعية المغربية لطب الأطفال تلقت الكثير من المكالمات من جميع أنحاء المغرب من أطباء الأطفال، وأطباء الأمراض النفسية والعقلية، وغيرهم، ومن آباء وأمهات قلقين بشأن اضطرابات سلوكية لدى أطفالهم. وأكد أنه في ظل تمديد فترة الحجر، يتعرض الأطفال لضغوط كبيرة، وبالتالي يصبحون متوترين وعدوانيين، ومعرضين لأزمات البكاء غير المبرر والحزن مع تطور اضطرابات النوم وتضاعف الكوابيس، مبينا أن الطفل يمكن أن يعاني أيضا من القلق، إذ يحتاج إلى فهم ما يدور حوله، ومن هنا شدد على ضرورة الحرص على تفسير الأمور للأطفال. ووفقا لدراسات حديثة، يتأثر ثلث الأطفال دون سن الـ10 سنوات، من قلق ما بعد الحجر، فيما تصل هذه النسبة إلى النصف لدى المراهقين. وابتداء من سن الثانية أو الثالثة، يبدأ الطفل في الامتعاض من مكوثه في المنزل بعد تعوده على الخروج. ولهذا السبب تدعو الجمعية المغربية إلى تخفيف تدابير الحجر حتى يتمكن الأطفال من الخروج. ونصح المختص المغربي الآباء والأمهات بالحفاظ على الإيجابية عند التعامل مع الأطفال وتجنب القلق لأنه معد ويمكن أن ينتقل بسهولة إلى الأطفال، كما أنه يجب تنظيم يوم الطفل والتواصل معه بطريقة إيجابية بشأن تجاوز هذه المحنة بنجاح. وأجمع الأخصائيون في الصحة النفسية على أن الحجر الصحي بسبب جائحة فايروس كورونا، ليس أمرا سهلا ولا موضوعا يستهان به، إذ أنه إجراء استثنائي وغير مسبوق يقيد الحريات. وهذا الوضع يتسبب في مشاكل نفسية للكثيرين، خاصة بالنسبة للذين يفشلون في التعاطي بشكل إيجابي مع هذا الظرف. وكشفت نتائج استطلاع رسمي صدر الثلاثاء عن وزارة الصحة الإيطالية عن الآثار النفسية على الأطفال، التي سببها الإغلاق المفروض من قبل السلطات للحد من انتشار فايروس كورونا. ونبه التقرير إلى معاناة الأطفال خلال الحجر المنزلي، حيث أنهم أصبحوا أكثر عرضة للانزعاج. كما واجهوا صعوبات في النوم وخاصة الأصغر منهم سنا، إضافة إلى تراجع النمو لدى بعضهم ولجوء البعض الآخر إلى البكاء المستمر. وأظهر الاستطلاع الذي أجراه مستشفى غاسليني وجامعة جنوة، وشمل حوالي 7 آلاف شخص، أكثر من 3 آلاف منهم دون الـ18 خلال الفترة بين 24 مارس و3 أبريل، أن المعاناة ظهرت أكثر لدى الأطفال المنحدرين من أسر عرفت ضغطا نفسيا متزايدا بسبب خوفها على أقارب لها كبار في السن. وقال 65 من الآباء والأمهات الذين لديهم أبناء دون سن السادسة، إن صغارهم عانوا مشاكل سلوكية. وقالت ساندرا زامبا، نائبة وزيرة الصحة الإيطالية، “يثبت الاستطلاع أن الاضطرار إلى البقاء بالمنزل دون الذهاب إلى المدرسة ومتابعة الدروس عن بعد أي من المنزل ودون رؤية المعلمين والأصدقاء والأجداد والأعمام، وعدم القدرة على ممارسة عادات دأب عليها هؤلاء الأطفال وتمثل بيئة صحية لهم، كل هذا كانت له عواقب على العديد منهم”، مشددة على ضرورة مساعدة الأطفال على العودة إلى حياتهم المعهودة بعد أن بدأت الأمور تعود إلى طبيعتها في البلاد.

مشاركة :