صادق البرلمان الجزائري أمس، على قانون الموازنة التكميلي لسنة 2020 برغم تحفظات شديدة على ما تضمنه من زيادات في أسعار الوقود، التي سيترتب عنها ارتفاع في أسعار النقل ومختلف الخدمات. وتواجه الحكومة شحاً كبيراً في الموارد المالية، بسبب تراجع مداخيل النفط منذ 5 سنوات، واحتجت المعارضة على «نهب جيوب المواطنين لسد عجز الموازنة». وأدخل نواب عدة تعديلات على النص القانوني، من بينها تخفيض الزيادات في أسعار الوقود التي وضعتها الحكومة إلى النصف، غير أن مكتب «المجلس الشعبي الوطني» (غرفة التشريع) الذي يتكون من أحزاب الأغلبية، ألغى هذه التعديلات، وبذلك خدم مشروع الحكومة، على عكس الدور الذي ينبغي أن يؤديه البرلمان، ما أثار حفيظة كثير من النواب، بمن فيهم منتمون لأحزاب السلطة كـ«جبهة التحرير الوطني».وتناول القانون رفع الأجر القاعدي المضمون لأصحاب المرتبات التي تقل عن 30 ألف دينار (250 دولاراً)، لكن أغلب المآخذ حول هذا الموضوع، تركَزت على أن التضخم الذي سينجر عن زيادة أسعار الوقود، سيحرم عدداً كبيراً من العمال والموظفين من استفادة حقيقية من زيادة أجورهم. وعبّر أحد النواب الرافضين للقانون عن ذلك بقوله إن الحكومة «تسحب بيدها اليسرى المكاسب التي منحتها للمواطن بيدها اليمنى». كما تناول النص تخفيض نفقات تسيير ميزانية الدولة بنسبة 50 في المائة، لكن من دون أن يمس ذلك بأجور آلاف الكوادر بالأجهزة الحكومية.وجرت المصادقة على القانون، بحضور وزير المالية عبد الرحمن راوية، ونواب الأحزاب الموالية للسلطة، ولكن في غياب كثير من أحزاب المعارضة، بسبب استقالتهم من البرلمان، في بداية الحراك الشعبي العام الماضي، باستثناء نواب الحزب الإسلامي «حركة مجتمع السلم» الذين عارضوا بشدة القانون. وتلقى رئيس «المجلس الوطني»، ذو التوجه الإسلامي، سليمان شنين انتقادات شديدة من طرف نواب، وعابوا عليه «التنكر لانخراطه في هموم الشعب عندما كان نائباً».وقال حزب «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، الذي سحب نوابه من هيئة التشريع، في بيان أمس، إن «الخدعة الكبيرة في هذا القانون التكميلي هو أنه بدلاً من وضع خطة لإنقاذ المؤسسات والأعمال التجارية التي تضررت بشدة، فإن الحكومة اكتفت بإعادة اجترار تدابير بسيطة ارتجلتها تحت ضغط الظروف الطارئة، تتمثل في تأجيل دفع الضرائب».إلى ذلك، اختار أعضاء «اللجنة المركزية» لحزب «جبهة التحرير وطني» (أغلبية)، القيادي أبو الفضل بعجي، أميناً عاماً خلفاً لمحمد جميعي، المسجون منذ 5 أشهر في قضية فساد. وجرت تزكية بعجي، أول من أمس، برفع الأيدي داخل قاعة بـ«قصر المؤتمرات» في العاصمة، في ظروف غير عادية. فقد تم إقصاء المرشح الاوفر حظاً للمنصب، جمال بن حمودة الذي منع من حضور الاجتماع من طرف أنصار منافسه بعجي، بذريعة «ظهور أعراض الإصابة بـ(كورونا) عليه». وأجريت على بن حمودة فحوصات طبية في نفس اليوم، أثبتت أنه سليم من أي مرض، ولما عاد إلى مكان الاجتماع وجد أن «اللجنة المركزية»، أنهت عملها، وبعجي أخذ المنصب. واحتج بن حمودة على «البلطجة التي حدثت» وانتقد بشدة «انعدام الأخلاق في تصرفات بعجي»، الذي صرّح بأن الحزب «سيبقى تحت تصرف الدولة». وفهم من كلامه أن «جبهة التحرير»، ستظل ركناً أساسياً في النظام، كما كانت منذ الاستقلال، وبخاصة في فترة تولي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الحكم (1999 - 2019).ونشر خصوم بعجي، وهو محامٍ، فيديوهات على شبكة التواصل الاجتماعي، تعود إلى سنوات ماضية، يثني فيها على بوتفليقة الذي أزاحه الجزائريون في انتفاضة كبيرة بسبب تفشي الفساد وانعدام العدالة الاجتماعية، كما يثني على أمين عام الحزب سابقاً عمار سعداني، المقيم في فرنسا، وهو محل متابعة قضائية بتهم فساد.
مشاركة :