صفقات الأسلحة نافذة للتقارب السياسي بين مصر وإيطاليا | | صحيفة العرب

  • 6/3/2020
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

لغة المصالح تفرض نفسها القاهرة- تتجه الحكومة الإيطالية إلى الموافقة على صفقة عسكرية ضخمة مع القاهرة، من شأنها أن تساهم في تعزيز القوة العسكرية التي يمتلكها الجيش المصري، وتأتي الصفقة الجديدة في إطار حرص مصر على تنويع مصادر السلاح، وعدم ارتهانه بدولة معينة؛ فقد عقدت القاهرة صفقات مهمة من قبل مع كل من ألمانيا وفرنسا والصين، فضلا عن روسيا والولايات المتحدة. ويحمل توقيت الصفقة أبعادا سياسية في علاقة بالتحولات الجارية في المنطقة، وأوضح موقع “نيفال نيوز” الدولي المتخصص في الشؤون العسكرية، أن الصفقة الإيطالية تتضمن فرقاطتين من طراز “فريم بيرجاميني” كانتا مخصصتين للبحرية الإيطالية، بالإضافة إلى 4 فرقاطات أخرى سيتم بناؤها لهذا الغرض. ونقلت جريدة “لا ريبوبليكا” المحلية عن رئاسة الوزراء الإيطالية قولها، إنه “رغم الكثير من الصعوبات والمعوقات، ومن ضمنها مسألة مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني في مصر منذ أربع سنوات، إلا أن تلك الصفقة تعد بمثابة مهمة القرن”. وتعكس الصفقة قيمة تجارية وصناعية لروما، وتأتي ضمن الرغبة في الحفاظ على علاقات صلبة مع القاهرة، وحوار سياسي يتطرق إلى العديد من الملفات المفتوحة في منطقة شرق المتوسط. تشمل الصفقة الجديدة مع روما ست فرقاطات، و20 لنش صواريخ، و24 مقاتلة من طراز “يوروفايتر تايفون” متعددة المهام، و24 طائرة إيرماكي “إم – 346” للقتال الخفيف والتدريب المتقدم، وقمرا للاستطلاع والتصوير الراداري وتلتقي القاهرة مع روما في الكثير من تفاصيل القضايا المتعلقة بغاز شرق البحر المتوسط، وتتشاركان في منتدى إقليمي يضمهما وبعض الدول المجاورة لمواجهة الطروحات التركية الراغبة في الهيمنة على غاز شرق المتوسط. وتتذبذب العلاقة بين الجانبين في الملف الليبي، ففي الوقت الذي يبدي فيه الطرفان تفاهما حول ضرورة الوصول إلى تسوية سياسية ناجعة للأزمة، تقف كل دولة في صف مقابل للأخرى، حيث تنحاز القاهرة إلى الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، بينما تبدو روما أكثر قربا من فايز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني، والقوى المتشددة المتحالفة معه في طرابلس، وإن أظهرت الحكومة الإيطالية في الفترة الأخيرة نوعا من التباعد الذي يجعل البعض يتساءل عما إذا كان مرد ذلك رغبة روما في تعزيز التقارب مع القاهرة؟ ودخلت العلاقة بين مصر وإيطاليا مربعا قاتما، منذ الإعلان عن مقتل الطالب جوليو ريجيني بالقاهرة في ظروف غامضة، في يناير 2016، ولم تفلح التحقيقات التي أجرتها الأجهزة المصرية في تقديم مبررات مقنعة لروما، وأصبح الملف ورقة تظهر وتختفي، حسب حرارة العلاقات المشتركة. تسعى القاهرة إلى عودة العلاقات مع روما إلى سابق عهدها، قبل حادث مقتل ريجيني، حيث أبدت إيطاليا تعاونا اقتصادياً وسياسياً معها عقب الإطاحة بنظام الإخوان المسلمين، وتعد الصفقات العسكرية جزءاً مهما من خطوات ترميم العلاقة بين البلدين. عادل العمدة: مصر حريصة على تطوير علاقاتها مع جنوب أوروبا عادل العمدة: مصر حريصة على تطوير علاقاتها مع جنوب أوروبا تحاول القيادة السياسية المصرية توظيف تطور العلاقات مع إيطاليا لشرح خطورة تنسيق حكومة فايز السراج في ليبيا مع العناصر الإرهابية، وتهديدها للأمن الإقليمي، وامتداد ذلك إلى بلدان جنوب أوروبا، ومحاولة توظيف التباين الظاهر بين روما وأنقرة، بشأن رغبة الرئيس رجب طيب أردوغان الجامحة في توسيع عمليات التنقيب عن الغاز في شرق المتوسط وغرب ليبيا، في إقناع روما بالثبات على مواقفها. وأكد الخبير بأكاديمية ناصر العسكرية، اللواء عادل العمدة، أن هناك جملة من المصالح الإستراتيجية بين القاهرة وروما تدفع إلى التعاون العسكري بينهما، فمصر حريصة على تطوير علاقاتها مع دول جنوب أوروبا، وتسعى للدخول في مراحل تشارك أكبر مع إيطاليا، بما يقوي الحوار بين البلدين بشأن التنقيب عن الغاز في شرق المتوسط. وأضاف لـ”العرب”، أن إيطاليا في المقابل ستكون بحاجة إلى تنسيق عسكري مع مصر لضمان تأمين الملاحة في شرق المتوسط ومواجهة الهجرة غير الشرعية، ما ينعكس على طبيعة الصفقة الجديدة، التي تغلب عليها الأسلحة البحرية، بما يضمن تأمين سواحل البلدين بشكل مكثف، ويصب في صالح زيادة التنسيق للاستفادة من مصادر الطاقة. ومنحت مصر أولوية لتحديث سلاح البحرية الذي شهد إهمالاً في السابق، وحددت قيادة الجيش احتياجاتها بدقة وتقوم بسدها بشكل متناغم، بما يضمن تطوير كافة الأسلحة، وقد نتج عن ذلك تغير في الكثير من ملامح القوة العسكرية، والتي جعلتها تنفتح على جهات مختلفة. تشمل الصفقة الجديدة مع روما ست فرقاطات، و20 لنش صواريخ، و24 مقاتلة من طراز “يوروفايتر تايفون” متعددة المهام، و24 طائرة إيرماكي “إم – 346” للقتال الخفيف والتدريب المتقدم، وقمرا للاستطلاع والتصوير الراداري. وقال وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي ماريو، في فبراير الماضي، إن روما لم تتخذ قرارها النهائي بشأن الصفقة المصرية بعد، لكنه ألمح إلى موافقة الحكومة على قطع الطريق على الجانب الفرنسي المنافس، الذي لن يفوت الفرصة في حال عدم إتمام الصفقة مع القاهرة. وأقر رئيس شركة “فينكانتيري” للصناعات البحرية الإيطالية جوزيبي بونو، في وقت سابق، بوجود مفاوضات مع القاهرة حول فرقاطتين من طراز “فريم” بقيمة 1.2 مليار يورو. تعكس الصفقة قيمة تجارية وصناعية لروما، وتأتي ضمن الرغبة في الحفاظ على علاقات صلبة مع القاهرة، وحوار سياسي يتطرق إلى العديد من الملفات المفتوحة في منطقة شرق المتوسط تحرص القيادة المصرية على استعراض جاهزيتها العسكرية، وإجراء مناورات مع دول عدة من حين لآخر، وضاعفت وطورت القواعد العسكرية في الغرب والجنوب والشرق، بأنواع عديدة من الأسلحة الجوية والبحرية والبرية، مستخدمة تكنولوجيا متقدمة، تحسبا للانخراط في معارك في أي وقت دفاعا عن الأمن القومي الذي أصبح مهددا من عدة نواحٍ. ويقول مراقبون، إن الصفقة الإيطالية تبرهن على أن روما تنظر باهتمام لتوطيد علاقاتها مع قوة عسكرية إقليمية مهمة في شمال أفريقيا وحوض البحر المتوسط، في ضوء التحديات الراهنة، وتعكس في مجملها نجاح الدولتين في الخروج من نفق أزمة ريجيني. وأشار مساعد وزير الخارجية السابق، حسين هريدي، إلى أن الصفقات العسكرية أحد أوجه التقارب السياسي بين الدول، وتريد القاهرة أن يكون هناك تكامل بين الشق الدبلوماسي والعسكري، ولذلك أصداء جيدة على مستوى العلاقات مع القوى الكبرى. وأكد لـ”العرب”، أن صفقات السلاح الضخمة، تبرهن دائماً على أن هناك مصالح إستراتيجية مشتركة بين الدول، ولئن كان الأمر مرتبطا بغايات تجارية فهي لا تخلو من اعتبارات سياسية في علاقة بقوة العلاقات الدبلوماسية.

مشاركة :