أثار رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي مجدداً حالة من الغضب والرفض لدى أوساط ليبية عدة، خصوصاً بين الموالين لـ«الجيش الوطني»، بتأكيده أمس، على دعم حكومة «الوفاق» بقيادة فائز السراج ورفضه مبدأ الحياد الذي كانت بلاده تنتهجه في الأزمة الليبية.وقال عضو مجلس النواب في طبرق جبريل أوحيدة لـ«الشرق الأوسط» إن «تبريرات الغنوشي ما هي إلا حيل وألاعيب ودسائس التيار العالمي لتنظيم الإخوان التي لم تعد تنطلي على أحد، وطبيعي أن يمارس هذه الأكاذيب فرع التنظيم في تونس بصفته أحد أهم فروعها في المنطقة العربية وشمال أفريقيا بعد انهياره في مصر». ورأى أوحيد، وهو نائب عن مدينة الكفرة (جنوب ليبيا)، أن «تيار التطرف والشر لا يعترف بـالدولة الوطنية ويحلم بما يسمونه الخلافة الإسلامية تحت شعار الحاكمية لله... هذا هو هدفهم، وكل الأدوار التي يتقمصونها تحت عباءة الديمقراطية ما هي إلاّ وسائل ومطية لمنهجهم المخطط له». وبرر الغنوشي في حديثه مع وكالة «الأناضول» التركية، أمس، تواصله مع حكومة «الوفاق» لتهنئتها على نتيجة معارك طرابلس، بأن «الدولة ورئيسها (قيس سعيد) في تواصل مع قيادة الوفاق لأنها الممثل للسيادة وفق الشرعية الدولية، وقد سبق أن التقينا بعقيلة صالح ممثل (رئيس) برلمان طبرق» شرق ليبيا.ورد زعيم «حركة النهضة» على منتقديه، قائلاً: «من يحتجون على تواصلنا، فهؤلاء يقترحون أن نتواصل مع تنظيمات غير معترف بها، وهو ما يضر بمصلحة الدولة التونسية وشعبها»، ما زاد من غضب أطراف ليبية.وتحدث سياسيون ليبيون عن «تناقض» الغنوشي في قوله إنه التقى عقيلة صالح قبل أن يصف الأجسام السياسية في شرق ليبيا بأنها «تنظيمات غير معترف بها». وقال أوحيدة إن «تنظيم الإخوان يعوّل كثيراً على ليبيا كبيت مال، كما هي خطتهم التي تتولى تنفيذها تركيا بدعم كامل من قطر». لكنه رأى أن «الشعب التونسي وتياره الوطني يتابع ويعرف جيداً ما قام ويقوم به الغنوشي من تعاون مع إردوغان ضد ليبيا التي تعاني من انقسام وفتنة بسبب تيار الإسلام السياسي، وصولاً إلى التدخل التركي السافر في الأزمة الليبية وجلب آلاف المرتزقة الإرهابيين من السوريين لتوطينهم في ليبيا». وانتهى إلى أن «أحرار ليبيا يعون جيداً هذه اللعبة القذرة التي يقف وراءها تيار الغنوشي وذيوله في ليبيا وسيحبطونها سلماً أو حرباً، ومعهم أحرار تونس وكل شرفاء العالم».ورأى الغنوشي أنه «أمام ما يجري في ليبيا، لا يمكن لدول الجوار أن تعيش اللامبالاة، فإذا كان هناك حريق لدى جارك فلا يمكنك أن تكون محايدا فالواجب والضرورة يقتضيان أن تساهم في إطفاء الحريق، ولذلك الحياد السلبي لا معنى له، فنحن ندعو إلى الحياد الإيجابي القائم على قاعدة الدفع بكلّ الفرقاء إلى حل سياسي وسلمي». ورأى الناشط السياسي في غرب ليبيا يعرب البركي أن تصريحات الغنوشي هي تأكيد على ما قاله خالد المشري رئيس «المجلس الأعلى للدولة» في ليبيا العام الماضي عن أن «تقدم (الجيش الوطني) باتجاه العاصمة طرابلس سيؤدي لاشتعال شمال أفريقيا، وهو ما نقله إردوغان، عندما قال: أشتم رائحة الحريق». ورأى البركي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المواقف التونسية المناوئة لمشروع الإرهاب لم تتجاوز البيانات والمواقف، مع صمت مريب من الجيش التونسي والمؤسسة الأمنية». وأضاف أن «ما لا يدركه الغنوشي وخصومه في تونس أن سُمعة تونس تضررت كثيرا في الأوساط الشعبية الليبية الداعمة للجيش الوطني والتي تتجاوز 80 في المائة من سكان ليبيا وأرضها جغرافياً»، لافتاً إلى أن «وجود موقف تونسي داعم للتنظيمات الميليشياوية سيؤثر على العلاقة مع تونس في المستقبل القريب».وأضاف: «بكل أسف في ظل صمت وحيادية القوى الوطنية والجيش الوطني والقوى الأمنية في تونس، فإنهم يسيرون نحو منزلق خطير، يسير إليه الغنوشي وجهازه السري، وسيكتشفون قريباً أن مواقف رئيس برلمانهم أثّرت على علاقات حسن الجوار لهم مع ليبيا».
مشاركة :