مع كل طرقة باب "كورونية" لبيت قريب أو بعيد، هناك سؤال واحد يتردد، يتكرر، ولا يتغير،.. هل نغلق الباب أم نفتحه؟! أو بمعنى أدق نعلن الحظر التام غير عابئين بجوع أو فقر وغيرهما من الأضرار الاقتصادية التي لا تحصى ولا تعد، فصحة المواطن أهم، أم نفتح البلاد أمام قطاعات العمل المختلفة، ونتعايش مع الفيروس اللعين، مع اتخاذ كافة التدابير الاحترازية الوقائية اللازمة، فقوت المواطن لا يقل أهمية عن صحته!في الحقيقة كلا الفريقين له وجهة نظر تحترم لكنني أرى الصورة بشكل مختلف، فسواء فتحنا الباب أو أغلقتاه لن يكفي هذا وحده للقضاء على الفيروس، و لا حتى يفيد في التقليل من نسب الإصابة.. والدليل على ذلك أن الحكومة أعلنت شبه حظر تام خلال أسبوع عيد الفطر، فمنعت التجوال من الخامسة مساءً وأوقفت جميع وسائل المواصلات العامة وأغلقت الشواطئ، المتنزهات، المجمعات التجارية، ومع ذلك ارتفعت أعداد المصابين بكورونا ! الأمر الذي يؤكد أن المشكلة الحقيقية ليست في إعلان الحظر من عدمه أنما تكمن في وعي المواطن وطريقة تعاملاته مع الوباء، لن أتحدث عن نفوس خربة استغلت الجائحة الكورونية في نشر المعلومات المغلوطة والأخبار المفزعة على وسائل التواصل الاجتماعي معتمدين على عدم تفرقة المتلقي بين الحقائق والشائعات، ولن أقف طويلًا عند أصحاب المصالح من المنتفعين بكوفيد19 في الترويج لأنفسهم بإنجازات وهمية تساعدهم على تحقيق غاية لا تقال!.. إنما أعود بكلامي إلى البسطاء اللذين استقبلوا جارهم المتعافي من كورونا بزفة كفيلة أن تنشر الوباء في قرية بأكملها، والكمامة الدوارة التي يفرقها سائقي "الميكروباسات" على الركاب كلما أقترب احدهم من كمين ثم يلمها ويعطيها لغيرهم، والكارثة أن الركاب يخافون من الغرامة أكثر من الكورونا!،.. وقبل أن أظلمهم واتهمهم بالجهل أراجع كشف حساب بعض المنتمين للطبقات العليا والذين لا يختلفون كثيرًا عن البسطاء في انعدام الوعي وإن تغيرت أفعالهم، فلا عجب أن يدعو أحدهم أصدقائه ليعيدوا معًا في حفلة منزلية أو يهرب بعضهم من الفيروس "القاهري" بتجمعات عائلية داخل شاليهات الساحل وكأن المرض يفرق بين المدينة والمصيف!.. ورغم ما قيل ويقال، لازلت ألمح بارقة أمل تنبئ برجال ونساء، كبار وصغار يدركون تمامًا حجم المخاطر الكورونية، وبكل ما يملكون من إمكانيات مادية ومعنوية يساعدون في الخلاص من الوباء، منهم مجموعة نساء قررن الطهي لمرضى كورونا المعزولين في منازلهم، وشباب يساعدون كبار السن بتوفير احتياجاتهم اليومية كي يجنبوهم الخروج والتعرض للفيروس، ولن أنسى أبدا هذا الموطن الشريف بمركز طوخ الذي تبرع بمنزله وحوله لمقر عزل لمصابي كورونا ولم يكتفي بذلك فحسب بل تكفل بمصاريف الإقامة والتجهيزات.. وبعد، لاشك أن الجائحة الكورونية كشفت كل مستور سلبي وإيجابي في المجتمع وأبرزت حجم الوعي الغائب الذي لم يفرق أحيانًا بين غني وفقير!،.. ولأن القضاء على هذا الوباء يعتمد على شعب واعي فنحن بحاجة لدراسة إعلامية سريعة وعاجلة لكيفية مخاطبة كل موطن عبر القنوات المرئية، المسموعة، والمقروءة بما يتلاءم مع مفاهيمه وثقافته حتى نخرج من هذه الأزمة معافين صحيًا واقتصاديا..
مشاركة :