حمد المطيران يكتب: تجربتى مع الحظر

  • 6/4/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

في فترة الحظر .. رأيت العالم فيها كـ”هرم معكوس”، كل يوم تُنّقضُ أحجاره من علو، حجرا تلو الحجر، ودخَلتْ عاداتي وعباداتي ومسلماتي في امتحانها الصعب. ففي أول وقت آذان داخل الحظر .. فقدت أُذناي أعظم أصوات النداء (حي على الصلاة – حي على الفلاح) ولم تزاحمها البدائل راحةً ! واعتصر قلبي التسليمتان من الصلاة في المنزل. وطُويت بهجة تلك الطرقات والشوارع والمساحات الخالية من الناس، وفَقَدتْ معنى وجودها وأسبابه. وبرز قبح الطائرات والسفن، وهن مُكوث بلا حراك، وضربت الوِحّدة والوحَشة من الفضاءِ أعلاه، ومن البحر أقصاه. وتثاقل شيئا فشيئا وصول الأشياء إلينا …. وصغرت في عيني أسباب الموت والإنسان قد يقتله القرب من الإنسان ! وسقط من عيناي ووعيي أكابر دعاة الديمقراطية والإنسانية حيث التراخي، تضحيةً بالإنسان وحفاظا على المال ! وفيها تركت ما كنت اكل، واكلت ماكنت اترك ! وعجبت كيف تحطمت صخرة المرض الليلي المزمن أمام أقسام الطوارئ! وكيف لم تفقد اوجاعي الدواء ! وكيف اختفى الأنس والحديث عن ليلة ايداع الراتب ! وكيف وْحَد ( هَمْ ) العالم .. متناهي الحجم في الصغر ! وكيف حافظ العيد على افراحه! وفيها أدركت أن الله حفظ الحياة من يد الإنسان الفاسد بيد الإنسان الصالح. ويحمد لذلك الحظر والتباعد انه اختبار لنقاء عباداتنا الجماعية من احتمالات العادة والرياء والسمعة. ويحمد له.. أن ردّنا الى ذواتنا و إلى ارحامنا تعلمنا فيه كيف نبتسم لبعضنا ، ونتمايل شوقا- أمام شاشات البث المباشر – نعبر عن ما عجز التقارب ان ينتزعه من كبريائنا وغرورنا .

مشاركة :