نجيب الريحاني.. الضاحك الباكي

  • 6/8/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

خلال مسيرة فنية امتدت على مدى 30 عامًا، ترك بصمة فارقة في تاريخ المسرح والسينما العربية من خلال أعمال جمعت بين الفكاهة والدراما عكست بدورها ملامح الحقبة التي عاش فيها، لتمنحه بجدارة لقبي زعيم المسرح الفكاهي والضاحك الباكي. بدأ إنتاجه المسرحي من خلال أعمال مسرحية بسيطة قدمها في الملاهي الليلية بداية من شخصية كشكش بك، ليسطع نجمه فيما بعد، بينما لم يتجاوز إنتاجه السينمائي عشرة أفلام، إلا أنه استطاع أن يخلد اسمه على المستوى الفني والجماهيري واستطاع تسليط الضوء على الأوضاع الاقتصادية الصعبة للبلاد من خلال أسلوب فني ساخر انه الفنان الكبير نجيب الريحانى الذى رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم الموافق 8 يونيو 1949 وترصد البوابة ابرز المحطات في حياته  اسمه نجيب إلياس ريحانة الشهير باسم نجيب الريحاني ولد في 21 يناير 1889م وهو مصري من أصل عراقي ولكنه من مواليد حي باب الشعريَّة بِمدينة القاهرة في زمن الخديويَّة، لِأبٍ عراقيٍّ كلدانيّ يُدعى "إلياس ريحانة" كان يعمل بِتجارة الخيل، فاستقر به الحال في القاهرة لِيتزوَّج امرأةً مصريَّة قبطيَّة أنجب منها ثلاثة أبناء منهم نجيب. تلقَّى الريحاني تعليمه في مدرسة الفرير وفيها تجلَّت موهبته التمثيليَّة المُبكرة، فانضمَّ إلى فريق التمثيل المدرسيّ، واشتهر بين مُعلميه بقُدرته على إلقاء الشعر العربي، حيثُ كان من أشد المُعجبين بالمُتنبي وأبو العلاء المعرِّي، كما أحب الأعمال الأدبيَّة والمسرحيَّة الفرنسيَّة.  بعد إتمامه دراسته، عمل مُوظفًا بسيطًا في شركةٍ لِإنتاج السُكَّر في صعيد مصر، وكان لِتجربته هذه أثرٌ على العديد من مسرحياته وأفلامه السينمائيَّة لاحقًا، وعاش لِفترةٍ مُتنقلًا بين القاهرة والصعيد.  وفي أواخر العقد الثاني من القرن العشرين الميلاديّ أسس مع صديق عُمره بديع خيري فرقةً مسرحيَّة عملت على نقل الكثير من المسرحيَّات الكوميديَّة الفرنسيَّة إلى اللُغة العربيَّة، وعُرضت على مُختلف المسارح في مصر وأرجاء واسعة من الوطن العربي، قبل أن يُحوَّل قسمٌ منها إلى أفلامٍ سينمائيَّة مع بداية الإنتاج السينمائي في مصر. ترك نجيب الريحاني بصمةً كبيرةً على المسرح العربي والسينما العربيَّة، حتَّى لُقِّب بِـ"زعيم المسرح الفُكاهي" في مصر وسائر الوطن العربي، ويرجع إليه الفضل في تطوير المسرح والفن الكوميدي في مصر، وربطه بالواقع والحياة اليوميَّة في البلاد بعد أن كان من قبل شديد التقليد للمسارح الأوروبية. ويُعرف عنه مقولته الشهيرة "في خليطٍ من اللهجة المصريَّة العاميَّة واللُغة العربيَّة الفُصحى: "عايزين مسرح مصري، مسرح ابن بلد، فيه ريحة "الطعميَّة" و"المُلوخيَّة"، مش ريحة "البطاطس المسلوق" و"البُفتيك"... مسرح نتكلَّم عليه اللُغة التي يفهمها الفلَّاح والعامل ورجل الشارع، ونُقدِّم لهُ ما يُحب أن يسمعهُ ويراه". وكان لِلريحاني وأُسلوبه التمثيلي تأثيرٌ على العديد من المُمثلين اللاحقين، منهم فُؤاد المُهندس الذي اعترف بتأثير أُسلوب الريحاني عليه وعلى منهجه التمثيلي. وقد أدَّى دور الريحاني عدَّة مُمثلين في عدَّة مُسلسلات تلفزيونيَّة تحدثت عن بدايات الفن المسرحي والسينمائي في مصر والوطن العربي. أما زوجاته وأولاده فقد تزوج من الراقصة اللبنانية بديعة مصابني، التي أُعجب بجمالها بعد عدة لقاءات فنية إلا أن السعادة الزوجية بينهما لم تدم طويلًا؛ فالخلاف بينهما كان واضحًا بالإضافة إلى عدم قدرتهما على الإنجاب مما دفع بديعة إلى تبني فتاة يتيمة صغيرة تُدعى جولييت وأعطاها الريحاني اسمه رسميًا، ومع ازدياد الخلاف بينهما طلبت الزوجة الطلاق حيث لجأ الطرفان إلى الكنيسة بالقاهرة لتطليقهما، وهو ما تم رفضه بشدة لأن المذهب الكاثوليكي لا يسمح بالطلاق. فاتفق الزوجان على استمرار الزواج، ولكن شريطة الانفصال الجسدي بينهما بناءً على طلب بديعة، واضطر الريحاني إلى قبول شرطها. وتركت بديعة بعد ذلك بيت الزوجية وفرقته المسرحية، لتؤسس صالتها الليلية التي حققت بها نجاحًا مذهلًا واستقطبت من خلالها العديد من النجوم مثل: محمد فوزي وإبراهيم حمودة وإسماعيل ياسين وغيرهم. كما تزوج الريحاني أيضًا من نجمة الاستعراضات بفرقته، لوسي دي فرناي، الفرنسية من أصل ألماني، بين عامي 1919 و1937م، في شقة بحي هليوبوليس، وأنجب منها ابنته جينا، ولكنها نُسبت في الوثائق إلى شخص آخر، كان يعمل ضابطًا في الجيش الألماني بسبب قوانين هتلر التي تمنع زواج أي ألمانية من شخص غير ألماني. وعن حقيقة إسلامه أكدت ابنته جينا في تصريحات لها أنه مات مسيحيًا، وأنها تعرف والدها أكثر من أي شخص آخر، فنفت حقيقة إشهاره لإسلامه وأنها ما هي إلا مجرد ادعاءات لتبقى مسألة إشهار الريحاني إسلامه مُبهمة رُغم تعدد الأقاويل. من أشهر أعماله السينمائية صاحب السعادة كشكش بيك وحوادث كشكش بيك ياقوت أفندي وبسلامته عايز يتجوز وسلامة في خير وسي عمر ولعبة الست وأحمر شفايف وأبو حلموس وغزل البنات. قدم العديد من المسرحيات منها الجنيه المصري والدنيا لما تضحك والرجالة ما يعرفوش يكذبوا والستات مايعرفوش يكذبوا وحكم قراقوش وقسمتي ولو كنت حليوة والدلوعة وحكاية كل يوم والدنيا بتلف وإلا خمسة وحسن ومرقص وكوهين وتعالى لي يا بطه وبكره في المشمش وكشكش بيك في باريس ووصيه كشكش بيك وخلي بالك وريا وسكينه وليله الزفاف وشارلمان الأول وخلي بالك من إميلي وكشكش بيه وشيخ الغفر زعرب وأبقى قابلني وأم أحمد ودقة بدقة وحمار وحلاوة وحماتك بتحبك وعلى كيفك وفيروز شاه والبرنسيس ومملكه الحب والحظوظ وآه من النسوان وعشان سواد عينيها ومصر سنة 1929 ونجمة الصبح والمحفظة ويا مدام الرفق بالحموات وياما كان في نفسي والدنيا على كف عفريت والعشرة الطيبة. أُصيب الريحاني في أواخر أيَّامه بِمرض التيفوئيد الذي أثَّر سلبًا على صحَّة رئتيه وقلبه، وفي يوم 8 يونيو 1949م تُوفي الريحاني في المُستشفى اليُوناني بِحي العبَّاسيَّة بِالقاهرة، ولمَّا يختتم تصوير آخر أفلامه، ألا وهو «غزل البنات»، وكان لهُ من العُمر 60 عاما.

مشاركة :